فارق محمد الشعار الحياة. محمد، التلميذ في مدرسة «الحريري الثانية»، الذي ارتكب مع أصدقائه الأربعة «جريمة» التمتّع بيوم مشمس، صاف، في صبيحة اليوم الخطأ من شهر كانون الأول (ديسمبر)، ذاق طعم الموت باكراً متأثراً بنزيف حاد في الرأس. ذهب وانقطع معه رجاء كل من أمضى الليل، يعرفه أو لا يعرفه، يسأل الله أن يشفيه ويعيده سالماً إلى عائلته وأصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. توفي عن عمر 16 سنة تاركاً وراءه أماً وأباً يتحسران على شبابه. لم يعتقد أصدقاؤه أن الصورة التي جمعتهم في لحظة فرح، على ما ظنوا ببراءة، قبل وقوع الانفجار أنها ستفرقهم بعده وستنتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح الحدث الخبر. تلك الصورة أضحت كابوساً وعقدة يسيطران على عقل كل شخص يذهب إلى المدرسة أو الجامعة أو العمل أو أراد التمتّع بلحظاته، ولا يعرف إن كان سيعود. إنه القدر. قبل وقوع الانفجار كان محمد وأصدقاؤه الثلاثة ربيع يوسف، عمر بكداش، وأحمد مغربي يلتقطون صورة لقائهم الجميل. يظهر عمر في الصورة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي والتي أضحت القنبلة الفايسبوكية الأكثر تأثيراً على صفحة محمد، واقفاً يلتقط صورة الأربعة بكاميرا هاتفه المحمول وهم مجتمعون يرتدون لباسهم الرياضي، وبدا محمد جالساً بين ربيع وأحمد يبسم ابتسامة خجولة للكاميرا. لكنه لم يعرف أن الشر (السيارة المفخخة) كان متربصاً به مباشرة يناديه بابتسامة خبيثة. ويشرح عمر الذي أصيب في أذنيه، في حديث تلفزيوني أنه بعد التقاط هذه الصورة الأخيرة أراد محمد أن تلتقط صورته قرب بركة الماء التي لا تبعد 4 أمتار عن السيارة المفخخة. مشى محمد نحو البركة ووقع الانفجار اللئيم. ولم يشتبه الشبان بشيء، فجأة سمعوا صوتاً قوياً وتصاعد غبار كثيف حجب الرؤية. وفور وقوع الانفجار تناقل موقع «فايسبوك» صورتين يظهر فيهما محمد من مسرح الانفجار الذي أودى بحياة الوزير السابق محمد شطح. الأولى وثّقت لحظات الفرح الأخيرة قبل وفاة محمد الذي بدا في الصورة (يرتدي قميصاً أحمر) بنظارتين ويتوسّط زملاءه في المدرسة ربيع يوسف وأحمد المغربي وعمر بكداش الذي ظهر جزئياً كونه كان ملتقط الصورة. ووثقت الصورة الثانية لحظة إصابة محمد في الرأس، مرمياً على الرصيف ومضرجاً بالدماء. وعجّت حسابات الفايسبوكيين والمغردين على «تويتر» بصور محمد ورفاقه والدعوات له بالشفاء غير مدركين أن دعواتهم هذه ستتحوّل إلى دعوات «لترقد بسلام». وكانت انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة يظهر فيها زملاء محمد أمام غرفة العناية المركزة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت يصلون ويدعون له بالشفاء العاجل. وتداول الناشطون بكثرة أمس عبر «تويتر» جملة: «جايين تصوروا؟ ساعدونا...». ونعت رئيسة «مؤسسة رفيق الحريري» السيدة نازك الحريري الشعار. وتوجَّهت إلى أسرته بصادق العزاء والمواساة. وأبرقت إلى ثانوية رفيق الحريري الثانية معزيةً، واعتبرت ان «الخسارة كبيرة جداً ووقعها عميق على الجسم الإداري والتعليمي في المدرسة وخصوصاً على الطلاب الذين سلبتهم يد الإرهاب رفيق دراسة وهو في ربيع العمر». ودعت «حركة شباب لبنان» في بيان إلى «التجمع بالآلاف أمام جامع الخاشقجي تزامناً مع الصلاة على جثمان الشهيد محمد الشعار» ظهر اليوم، وذلك بعد إعلان مستشفى الجامعة الأميركية وفاة الشعار متأثراً بجراحه. وبوفاة الشعار يرتفع عدد ضحايا الانفجار إلى سبعة.