دعت قوى 14 آذار إلى «التحضير لمصالحة وطنية في طرابلس وإلى تطبيق العدالة ودعم القوى الأمنية ونشر الجيش على الحدود الشمالية والشرقية». اختتمت «قوى 14آذار» مؤتمر «إعلان طرابلس» الذي نظمته في فندق كواليتي-إن في طرابلس، تحت عنوان «العيش المشترك في طرابلس والشمال مسؤولية وطنية مشتركة»، بمشاركة وحضور نحو 200 شخصية سياسية ونيابية ونقابية، بحثت في الأوضاع على الساحتين الطرابلسية خصوصاً واللبنانية عموماً، في ضوء التطورات الأخيرة، لا سيما القضايا المتعلقة بالأحداث في سورية. وأجمع المشاركون على ضرورة قيام الحكومة بواجبها. ودعم الجيش في مهماته. وسجل حضور مميز لشخصيات من الطائفة العلوية ومداخلات مهمة لها أبرزها للدكتور نصر خضر والمحامي كريم الحسنا وليلى التيشوري. وتلا منسق عام قوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد بياناً أشار فيه إلى أنه: «منذ انتفاضة الاستقلال التاريخية في عام 2005، التي انطلقت إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي أخرجت جيش الوصاية السورية من لبنان وأطلقت الإشارة الأولى ل «الربيع العربي»، لم يكف النظام السوري وأدواته اللبنانية عن محاولات تخريب لبنان والحؤول دون قيام دولته». وأضاف: «عانى الشمال وعاصمته طرابلس من استهداف تخريبي قام به النظام السوري بأدوات محلية وبدعم إيراني، وترافق مع حملة إعلامية تضليلية انتقاماً من دورها الأساسي في معركة الاستقلال. وفي عام 2007 جرت محاولة إسقاط الدولة اللبنانية من بوابة الشمال، بواسطة مجموعات إرهابية أعدها النظام السوري وسماها «منظمة فتح الإسلام». ومنذ عام 2012 حتى الآن، وضعت طرابلس والشمال مجدداً على امتداد خط النار السوري... وقد بينت التجربة، بالوقائع الملموسة، أن تراجع السلطة وتعطيل القانون يؤديان بالضرورة إلى إعمال قانون الزواريب وردود الفعل الغريزية والفوضى المدبرة. وفي مثل هذه الحالة ليس مجدياً طلب الأمن بالتراضي، بل ينبغي فرضه بقوة القانون مع تجريم أي غطاء سياسي لأي مخالف». وشدد على «أن المشاركين في هذا المؤتمر الوطني، قد أجمعت مداولاتهم واتفقت كلمتهم على: «العمل على تطبيق العدالة التي هي الأساس لكل ملك وحكم، بدءاً بملاحقة وتوقيف ومحاكمة كل الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في جريمة مسجدي التقوى والسلام، وملاحقة كل مرتكبي جرائم القتل والاعتداء على الناس، إلى جرائم فرض الخوات واحتلال الأملاك العامة والخاصة ومنع حمل السلاح والظهور المسلح. ودعم القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي مادياً ومعنوياً وسياسياً من أجل فرض الأمن وإعادة الاستقرار إلى كافة ربوع المدينة. والطلب إلى الجيش وقوى الأمن الداخلي فرض الأمن بالحزم اللازم من دون أي إفراط في استعمال القوة وبعدالة كاملة شاملة غير انتقائية لا تفسح في المجال لهواجس الانحياز عند أي فريق، وعلى اعتبار أن فرض الأمن يتم في بيئة وطنية غير معادية. بخاصة أنه قد ثبت للجميع قدرة الجيش على ضبط الوضع متى أراد». ودعا المجتمعون في توصياتهم إلى «إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة الراعية بكل مؤسساتها وبين الناس من خلال توفير العدالة السريعة والأمن للجميع. ووضع خطة شاملة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكل مناطق الحرمان في المدينة وتكون على ثلاث مراحل: مرحلة أولى سريعة توفر الخدمات الطبية والغذائية الفورية لمناطق الحرمان والاقتتال، ومرحلة متوسطة توفر للشباب العاطل من العمل فرصة تعلم حرفة للكسب وفرص عمل يمكن أن يكون بينها الانخراط في الأسلاك العسكرية، ومرحلة ثالثة طويلة الأمد يكون هدفها إعلان الحرب على الفقر للعمل على اقتلاعه وتكون مبنية على معالجة الأسباب وليس نتائجها فقط». كما دعوا إلى «التحضير لمصالحة وطنية على غرار ما حصل في جبل لبنان، تقوم على التعويض على ضحايا العنف والاقتتال، على أن يبدأ في تنفيذها بعد إحلال الأمن في جو سليم خال من التوتر. والتأكيد أن طرابلس مدينة حاضنة للجميع ومتواصلة مع كل محيطها تتفاعل معه. إضافة إلى نشر الجيش على الحدود الشمالية والشرقية والاستعانة بقوات الطوارئ الدولية تنفيذا للقرار 1701 لضبط الحدود من دون أي استثناء». واتفق المجتمعون على «متابعة تنفيذ هذه المقررات من خلال لجنة متابعة مؤلفة من أعضاء الأمانة العامة يمثلون معظم القوى السياسية بالإضافة إلى ممثلين عن كل القوى السياسية في المدينة». الشعار أثنى على المقررات وبعد انتهاء المؤتمر زار وفد على رأسه رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي أثنى على «مواقف الرئيس السنيورة الوطنية التي لا يمكن حراً أو مستقلاً أو وطنياً إلا أن يؤيدها»، مرحباً بكلامه عن أن «طرابلس هي مدينة الاعتدال والوسطية والعيش المشترك بين كل مكوناتها». وأشاد «بمقررات مؤتمر 14 آذار»، معتبراً أنها «تعبر عن فئة كبيرة من اللبنانيين، خصوصاً ما تطرق منها إلى التحضير للمصالحة الوطنية»، معلناً أنه أبلغ «السنيورة أنه سيتخذ خطوات تؤسس لمستقبل يجمع اللبنانيين جميعاً». افتتاح المؤتمر وكانت أعمال المؤتمر افتتحت بكلمة لسعيد، ثم قال السنيورة الذي اعتبرت كلمته إطاراً عاماً للمناقشة: «طرابلس يعتصرها الألم، من التآمر والإهمال، وهي التي تخوض معركة كل لبنان في مواجهة المؤامرة والاستهداف والظلم، لن تسمح للمتآمرين عليها أن ينتصروا». وأضاف: «أتينا إلى عاصمة الشمال، لنؤكد أن طرابلس هي مدينة الاعتدال والوسطية والعيش المشترك. ونريد أن نقولها صريحة باسمي وباسم الرئيس سعد الحريري وباسم تيار «المستقبل» وكل قوى 14 آذار، أهل باب التبانة وبعل محسن، هم جميعا أهلنا وهم عائلة واحدة. لكن من عمل ويعمل على ضرب بعضهم ببعض معروفة أهدافه ومخططاته، فهو أيضاً ينفذها في دمشق وحلب وحمص وحماه واللاذقية، وكيف لا ينقلها إلى طرابلس». وأوضح أن «ما جرى في المدينة ترك جروحاً وندوباً وآثاراً، واللبنانيون وأهل طرابلس يتذكرون جيداً تجربتهم المرة مع جيش النظام السوري وتنكيله بالمدينة وأهلها، وتجربته في بث الفرقة والشقاق مع إخوانهم في بعل محسن». وأشار إلى أن «أهل طرابلس لن يستكينوا ويتركوا مدينتهم تدفع ثمن إجرام نظام أراد الدمار لبلده ولطرابلس في الوقت عينه»، معتبراً أن «ما تشهده هذه المدينة وخصوصاً منذ أن انطلق الشعب السوري في ثورته، لم يكن إلا استهدافاً مباشراً ومؤامرة لضرب لبنان وإشعال الفتنة فيه. يريدون للبنانيين أن يتقاتلوا، ويريدون للبنان أن يصبح ساحة مواجهة مرة أخرى، ويريدون أن ينقلب أهل السنة والجماعة على تاريخهم وعلى اعتدالهم وانفتاحهم وأن يتحولوا نحو التطرف أو نحو مواجهة مؤسسات الدولة وفي مقدمها الجيش». وأعلن أن «المسلمين السنة في لبنان هم أهل اعتدال وحكمة ودولة، وأهل الالتزام بالقانون وتطبيقه، ولن ينجروا إلى مخططات ونوايا النظام السوري في إشعال الفتنة وبث الشقاق». وناشد «الجميع التمسك بالميثاق الوطني القائم على العيش المشترك، وبالدستور واحترام القانون، وبتقديم الاعتدال في وجه التطرف والتسامح في وجه الحقد والدعوات إلى الثأر والابتعاد عن التعصب والغلو والتشدد». وقال: «يريدون للبنان أن يخسر استقراره ودولته، ويريدون للمواطن أن يخضع لهم ويعلن استسلامه. هذا لن يحدث ولن يتحقق، لبنان أقوى من مخططاتهم، لبنان باق وهم إلى زوال، وأهل طرابلس أبقى من الأشرار والمجرمين وقطاع الطرق. وكما فشل مخطط شاكر العبسي وفتح الإسلام بانحيازكم إلى الدولة وجيشها وقواها الأمنية، وكما فشل مخطط سماحة - المملوك في تفجير الأوضاع وإطلاق التطرف، سيفشل المجرمون الذين خططوا لجريمة المسجدين». وأعاد السنيورة التأكيد على «الثوابت. إننا نتمسك بلبنان العيش المشترك، وبالحرية والنظام الديموقراطي ومبدأ التداول السلمي للسلطة وبسلمية الأساليب والوسائل، وبلبنان وطناً نهائياً عربي الانتماء والهوية، لبنان المنفتح والمتآلف مع كل الثقافات، لا لبنان الفارسي أو الأعجمي أو الأميركي أو الأوروبي». وقال: «لقد واجهنا سابقاً ونواجه اليوم، نظم الاستبداد والقهر والتسلط ووكلائهم المحليين. رفضنا ونرفض تعصب وانغلاق وضيق صدر بعض المسيحيين، كما نرفض تطرف وشطط بعض غلاة الشيعة القادم من طهران عبر سياسة ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية، هذه السياسة التي أقصت وكفرت وفجرت وقتلت. كما أننا في الوقت عينه نرفض رفضاً باتاً أيضاً تطرف بعض غلاة السنة وميلهم إلى اعتماد أسلوب التكفير والعنف والحساب بحق أي كان. ونقولها صريحة واضحة، إن الاعتداء على الأماكن الدينية المقدسة والمقامات الإسلامية والمسيحية عمل مجرم ومدان، كما أن الأعمال والممارسات التي استهدفت مدينة طرابلس وخصوصاً جريمة تفجير مسجدي التقوى والسلام هي عمل إجرامي مرفوض ومدان ويجب الاقتصاص من الذي خطط له ونفذه أو سهل له». الخطف يخدم أهداف النظام وأكد أن «التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية من بيروت وبعد ذلك السفارة الإيرانية من قبل بعض المتطرفين هي عمل إجرامي إرهابي مرفوض ومدان. وأن من دمر المساجد والمقامات في سورية عند الشيعة والسنة مجرم ومدان، ومن تهجم على الكنائس والأديرة في معلولا وغيرها مجرم مدان بل وملعون، فأين أنتم يا من تدعون الإسلام من أخلاق عمر بن الخطاب. من خطف المطرانين والراهبات مجرم مدان يخدم أهداف النظام القاتل المسيطر في دمشق». وأضاف: «منذ أن ثار الشعب السوري، عاش النظام الحاكم وأربابه وأعوانه حال إنكار معتبرين أنه لا توجد في سورية ثورة شعبية، وأن ما يجري هو أعمال عصابات إرهابية تخريبية تكفيرية. والحقيقة أن النظام كان وراء الكثير من هذه المجموعات، بل هو الذي كان يطلقها ويدعمها ويرسلها لارتكاب تلك الجرائم ضد الأبرياء». ورأى أن «الاستمرار في احتجاز المطرانين والراهبات هو عمل لا يخدم سوى أهداف النظام ومن ينفذه هو مجرم يخدم أعداء الثورة والشعب السوري ولا يمكن التعامل معه إلا بهذه الصفة». وقال السنيورة: «إننا من مدينة طرابلس نرسم ونحدد الموقف الذي نتمسك به ولا نحيد عنه: «نحن لا نقبل وصاية الشقيق ولا سيطرة الصديق بل نطالب الجميع باحترام لبنان الوطن الحر السيد المستقل ومواطنيه المسالمين». وأضاف: «أعلنا ونعلن ترحيبنا بالاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والدول الخمس الكبرى». ودعا إلى أن يتم استغلال فرصة الاتفاق لفتح الأبواب المغلقة بين العرب وإيران كأشقاء وأصدقاء في الجوار والدين والثقافة. وأن تلتزم إيران سياسة حسن الجوار وعدم التدخل وأن تتوقف عن تصدير نظرية وتطبيقات ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية إلى الدول العربية وحيث يشكل لبنان النموذج لإثبات صدق التوجهات الجديدة لدى إيران». وناشد «الدول العربية إلى إعادة تنشيط وتحريك وإطلاق القدرات العربية لحماية مصالحها والأمن القومي للأمة العربية في مختلف المجالات، والعمل بصدق من أجل بناء الثقة بين إيران والدول العربية». ولفت إلى أن «مقررات الحوار الوطني يجب التمسك بها وتنفيذها لأنها نقاط إجماع وتلاق وآخرها وأبرزها ما ورد في إعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة وتجاذباتها». ودعا حزب الله إلى «العودة إلى لبنان على مختلف المستويات السياسية والأمنية، عبر وقف مشاركته في القتال في سورية ووقف خروجه على الإجماع الوطني ووقف تحوله إلى قوة عسكرية مقاتلة حين تطلب منه طهران». ودعا السنيورة إلى «تشكيل حكومة انتقالية من غير الحزبيين، فحزب الله قد ارتكب معصية وطنية حين أصر على عدم الوقوف عند مصالح اللبنانيين ورغباتهم، وعليه التراجع عن هذا العناد من أجل فتح الباب أمام عودة الوئام الوطني، للبحث في المسائل العالقة بين اللبنانيين وأولها التفاهم على السلاح الخارج عن الشرعية لوضعه في كنف الدولة وتحت سلطتها الكاملة باعتبارها دولة كل اللبنانيين، لا دولة فئة أو طائفة». وشدد السنيورة على ضرورة «استكمال تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس بشكل صارم وعادل في كل أحياء المدينة في باب التبانة وبعل محسن، ومنع حمل السلاح واستعماله من قبل أي طرف كان. وتنفيذ الاستنابات القضائية بحق المتهمين بجريمة تفجير المسجدين وكذلك بحق من أطلق النار على شبان أبرياء يسكنون بعل محسن. وتشكيل لجان أهلية للمصالحة وإعادة الوئام بين أهل المدينة وخصوصاً بين باب التبانة وبعل محسن. ووضع مخططات لإعادة الإعمار والترميم في المدينة بالتشارك بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأشقاء والأصدقاء». واعتبر النائب السابق فارس سعيد كلمة السنيورة «إطاراً عاماً للمناقشة». وأعلن عن أوراق واردة باسم قيادات سياسية وحزبية وتم إطلاع المؤتمرين على مضمونها، ثم سلم إدارة الحوار إلى عضو الأمانة العامة النائب السابق سمير فرنجية. وكان سبق بدء المؤتمر كلمات مقتضبة لعدد من المشاركين، فأكّد النائب مروان حمادة أن «فريق 14 آذار سيواجه المشروع الأسدي». وقال: «لن نسمح لنظام الأسد الذي فتت سورية بتفتيت لبنان»، مشيراً إلى أن ما جرى في طرابلس «هو عيّنة عن هذا المشروع». وشدّد عضو حزب «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، على أن هناك «حرباً استباقيّة تُشنّ على رئيس الجمهورية لمنع تشكيل حكومة في لبنان»، قائلاً: «نجتمع اليوم في طرابلس كي نقول إنهم يحاولون تدفيعها ثمن خيارها الوطني والاعتدالي والانفتاحي». وقال نقيب محامي الشمال السابق رشيد درباس الذي شارك في صياغة البيان: «نحن مع مشروع الدولة ومع العيش المشترك، وضد التفتيت. وطرابلس واحة التعايش بين كل اللبنانيين. وعندما تحسم الدولة أمرها فهي قادرة على ذلك».