قتل أربعة لبنانيين على الأقل وجرح أكثر من خمسين شخصاً نتيجة اندلاع الاشتباكات مجدداً في منطقتي باب التبانة وجبل محسن (شمال لبنان) اللتين شهدتا اشتباكات متقطعة تواصلت منذ ليل أول من أمس، واستعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة ومنها الصاروخية لا سيما قاذفات ال «هاون»، في وقت اتهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أطرافاً عدة ترغب في توريط لبنان في ما يحدث حوله». وعرف من القتلى ساره حسين (20 سنة) التي قضت اثر سقوطها في غرفة المصعد بينما كانت تحاول الهرب من مبنى يحترق في باب التبانة صباح أمس، وزكريا خضر الذي سقط بعد تجدد الاشتباكات عصراً في شارع الحموي في التبانة، وعلي أحمد المحمود (13 سنة) الذي قتل في جبل محسن بعد إصابته برصاص القنص وقتيل رابع قضى في شارع برغشة في باب التبانة. وبين الجرحى عشرة عسكريين من الجيش اللبناني بينهم ضابط. ودعا ميقاتي «أبناء طرابلس المسالمين إلى عدم السماح لأي كان بجرهم إلى معارك لا تنتج إلا القتل والخراب او أن يكونوا ذخيرة لمعارك الآخرين». وأضاف: «طلبنا من قيادة الجيش والقوى الأمنية العمل بكل طاقاتها لإيقاف هذه المعارك العبثية»، مطالباً القيادات السياسية في المدينة ب «وقف المزايدات». اتهامات متبادلة وكانت المواجهات بين جبل محسن وباب التبانة اللتين تتكرر فيهما المواجهات المسلحة وآخرها في حزيران (يونيو) الماضي، تجددت ليل أول من أمس، وتبادل الطرفان الاتهامات بتسببها على خلفية نبأ تردد عن مقتل مسوول عسكري سوري كبير، ورد الجيش على مطلقي النار.وأكد شبان في التبانة أن «عناصر مخابرات الجيش اتصلوا بنا ليلاً وطلبوا منا ضب سلاحنا، وفعلنا، لكن القنص أتى من الجبل». واستعملت في الاشتباكات اسلحة صاروخية طاولت قذائفها منطقة الزاهرية ومحيطها. وسقطت قذيفة «ب 7» على محل لبيع الألبسة في مبنى الترك في شارع سورية، ما أدى إلى اشتعال النيران فيه. وسجلت عملية نزوح لسكان المنطقة في اتجاه عمق طرابلس. وشهدت بعض المحاور التقليدية لا سيما شارع سورية، جامع الناصري، سوق القمح، براد البيسار، الطريق الدولية التي تربط طرابلس بعكار، القبة أعمال قنص كثيف، وردت فرق الجيش المنتشرة على مصادر النيران، وسيّرت دوريات مؤللة في شارع سورية. وقبيل الظهر نقل 20 جريحاً إلى «المستشفى الإسلامي» بينهم اثنان في حال الخطر، ونقل جرحى إلى مستشفيات زغرتا وطرابلس. ورد الجيش على ما تردد عن سحبه قواته من مناطق الاشتباك. وأكد في بيان صادر عن مديرية التوجيه أمس، أن «قوى الجيش المنتشرة في منطقة جبل محسن- التبانة واصلت خلال الليل الفائت تعزيز إجراءاتها الأمنية في المنطقة، بما في ذلك تنفيذ عمليات دهم لأماكن المسلحين والرد الفوري على مصادر النيران، وأُصيب (أول من) أمس خمسة عسكريين بجروح مختلفة نتيجة إطلاق النار باتجاه المراكز والدوريات العسكرية، وصباح اليوم (أمس) تعرض أحد مراكز الجيش في منطقة البقار لإطلاق قنبلة يدوية، ما أدى إلى إصابة ضابط و4 عسكريين بجروح مختلفة». وشدد على أن «وحدات الجيش تتعقب المسلحين وتمكنت خلال عمليات الدهم من ضبط كمية من البنادق الحربية والقنابل اليدوية والذخائر والأعتدة العسكرية». مساعٍ لضبط النفس وأطلقت المساعي لتطويق الاشتباكات وضبط النفس، فعقدت قيادات باب التبانة اجتماعاً في مسجد حربا، في حين عقد مسؤولون في «الحزب الديموقراطي اللبناني» وضباط من الجيش اجتماعاً في جبل محسن. كما عقد اجتماع عصراً في منزل عضو كتلة «المستقبل» النيابية محمد كبارة في طرابلس انضم إليه مسؤول مخابرات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن ونواب من الكتلة والقيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، المسؤول السياسي ل «الجماعة الإسلامية» في لبنان عزام الأيوبي والمسؤول السياسي ل «الجماعة» في طرابلس حسن خيال، الشيخ نبيل رحيم والشيخ سالم الرافعي. وبعد الاجتماع أعلن كبارة أنه جرى التوافق مع فاعليات التبانة على وقف اطلاق النار بشكل فوري بعد ابلاغ الاهالي بالاتفاق الذي حصل بين المجتمعين والامنيين الذين بدورهم ابلغوا المجتمعين بأنه سيتم محاسبة العناصر الذين اطلقوا النار عشوائياً. وقال ان المجتمعين في «اللقاء الاسلامي الوطني مع كوادر وفاعليات باب التبانة»، أكدوا ان «النظام السوري بعد فشله في تنفيذ الجريمة التي اوكل بها العميل الارهابي ميشال سماحة عاد الى اشعال فتيل الفتنة من بابها التقليدي بين بعل محسن وباب التبانة استكمالاً لمخطط نشر الخراب من حوله للفت الانظار عن المجازر التي يرتكبها في المدن السورية»، داعياً «أبناء بعل محسن الى عدم الانجرار الى هذا المخطط الدنيء الذي يريد أن يستخدم دماء ابنائهم لاستمرار حكم عائلة الاسد المتسلط والمجرم». وقال: «ابناء باب التبانة يرفضون الانجرار الى هذه اللعبة المكشوفة ويؤكدون»، معلناً أن «من الضروري والمفروض على الجيش الموكل حفظ الامن في باب التبانة أن يستهدف مثيري الفتن والبادئين بإطلاق النار والقبض عليهم وهم معروفون وسوقهم الى العدالة لمعاقبتهم وفضح داعميهم. كما أن المجتمعين يستنكرون اطلاق النار العشوائي الذي قام به بعض افراد وضباط الجيش وأدى الى سقوط الضحايا الابرياء، ويطالب بمحاسبة المسؤولين عن هذا العمل كي لا تتكرر مثل هذه الممارسات غير المسؤولة كي لا تصبح جزءاً من المخطط المشبوه والا سنأخذ مواقف تصعيدية». وعزا ب«الشهداء»، وطالب الدولة «بالتعويض على عائلاتهم والتكفل بعلاج الجرحى». ورداً على سؤال، قال كبارة ان «الاخوان من باب التبانة توجهوا الى المنطقة لابلاغ الاهالي بالاتفاق ومنع اي شخص من التبانة باطلاق النار في اتجاه الطرف الآخر. والمطلوب من الجيش ان يأخذ دوره ويقوم بواجباته ويكون رده حازماً على مصادر النيران»، مؤكداً «وعي اهالي طرابلس والشمال والمناطق المحيطة بجبل محسن بعدم الانجرار وراء المخطط الارهابي الذي يسوقه النظام السوري وجماعة «حزب الله» واعوانه في لبنان». وأكد أن هناك وعداً من الجيش بأن «يتم سحب العناصر التي ارتكبت هذا العمل ومحاسبتها»، مؤكداً ان الجيش سيبقى في المنطقة «لأننا مع الجيش والدولة ورهاننا عليها، وضد السلاح. المدينة لا تحتمل اي خلل امني». وأكد أن هناك تواصلاً مع رئيس الحكومة، مشيراً الى ان الحفاظ على الامن والاستقرار في طرابلس مسؤولية الجيش.