على رغم الحملة الأمنية الموسعة التي استهدفت بلدة كرداسة في محافظة الجيزة الأسبوع الماضي لإعادتها إلى سلطة الدولة من سيطرة مسلحين إسلاميين موالين للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، إلا أن الأوضاع في البلدة توحي بأن الأمر لا يبدو بهذه السهولة. واشتهرت كرداسة بأنها مأوى لأنصار مرسي وقيادات مطلوبة أمنياً في «تحالف دعم الشرعية» المؤيد له. وتستقر فيها وفي بلدة ناهيا المجاورة لها عائلة الزمر التي يتحدر منها القياديان في «الجماعة الإسلامية» عبود وطارق الزمر، والثاني فار من الأمن لاتهامه بالتحريض على العنف. وقتل مسلحون من أنصار مرسي 11 جندياً وضابطاً من أفراد قوة مركز شرطة كرداسة ومثلوا بجثثهم بالتزامن مع فض اعتصامي «رابعة العدوية» و «النهضة» في 14 آب (أغسطس) الماضي. ومنذ ذلك الحين خلت البلدة من أي وجود أمني، إلى أن دهمتها قوات من الجيش والشرطة فجر الخميس الماضي، وأوقفت أكثر من 100 شخص. وبات سكان كرداسة في انتظار حملات الدهم الأمنية التي تتم نهاراً على غير عادة قوات الشرطة التي تُفضل توقيف المطلوبين في الليل، لكنها اتبعت تكتيكاً مختلفاً في كرداسة وناهيا، إذ تدهم حملة أمنية كبيرة تضم عشرات الضباط والجنود المسلحين البلدتين، في حراسة المدرعات المصفحة، قبل أن يترجل ضباط وجنود العمليات الخاصة لاختراق الشوارع الضيقة في مشهد لا يخلو من عرض القوة، لاقتحام منزل أو متجر يؤوي أحد المطلوبين أمنياً. ويقتصر الوجود الأمني في البلدة على مداخلها المتعددة التي تتمركز عندها قوات من الشرطة والجيش لمنع فرار أي من المطلوبين، وكذلك عند مركز الشرطة المدمر، إذ تطوقه قوات أمنية كبيرة، لكن من دون أية عمليات ترميم أو إصلاح للمبنى. أما شوارع البلدة الضيقة والمحطمة أحياناً والتي تُظهر تردي الخدمات فيها، فتخلو ليلاً من أي وجود لشرطي، وتسهر في عهدة مؤيدي مرسي الذين واصلوا مسيرات التأييد للرئيس المعزول وجماعة «الإخوان» على رغم خطر الاعتقال. وتظاهر مئات ليل الاثنين - الثلثاء في كرداسة وطافوا شوارع عدة فيها، لكنهم تجنبوا التوجه ناحية القسم كي لا يحتكوا بقوات الشرطة هناك، واكتفوا بالتظاهر في الشوارع الداخلية. وتصدر التظاهرة شبان ورجال اصطفت خلفهم عشرات النساء والفتيات اللائي رفعن لافتات مؤيدة لمرسي. ومن هتافات المتظاهرون: «يا الله يا الله، انصر مرسي واللي معاه» و «يسقط يسقط حكم العسكر» و «حكم العسكر باطل» و «ياللي ساكت ساكت ليه، خدت حقك ولا إيه؟» و «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية» و «مش هنمشي السيسي يمشي» و «مكملين ومش ساكتين». ورفعوا لافتات كُتب عليها: «كرداسة ضد الحصار» و «كرداسة تتحدى الانقلاب» و «الحرية للمعتقلين»، وأيضاً علامات «رابعة». ولوحظ ترديد المتظاهرين الشبان هتافات شبيهة بهتافات روابط التشجيع الكروية، ودقوا الطبول ما أشعل حماسة المتظاهرين. وبدا أن الحملة الأمنية التي استهدفت البلدة سببت زيادة الحشد في تظاهراتها، إذ رُفعت فيها رايات ولافتات كثيرة كُتب عليها: «الحرية للمعتقلين» و «أطلقوا أهلنا». وأعلنت وزارة الداخلية أمس توقيف رجل يُدعى أحمد بيومي قالت إنه من المطلوبين على ذمة أحداث اقتحام كنيسة كرداسة. من جهة أخرى، قالت وزارة الداخلية إنها أوقفت أحد المتهمين في واقعة التعدي على إحدى الكنائس في مركز ملوي في محافظة المنيا (جنوب مصر) وسرقتها. كما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الأجهزة الأمنية ضبطت 7 قنابل محلية الصنع صغيرة الحجم في شارع التحرير في حي بولاق الدكرور في القاهرة. واعتقلت قوات من الجيش والشرطة 4 من «العناصر التكفيرية المسلحة» جنوب مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء. وقال مسؤول ل «الحياة» إن الأجهزة الأمنية «توصلت إلى معلومات مؤكدة أظهرت تورط أسماء محددة في مذبحة رفح الأولى» التي راح ضحيتها 17 جندياً في هجوم على نقطة عسكرية في رفح في آب 2012. وأضاف المصدر أن من المقرر أن يتم خلال أيام كشف المتورطين والمنفذين. وأشار إلى أن «الأجهزة الأمنية على علم بأن بعض المطلوبين غيروا هيئاتهم». وكان مئات الطلاب من أنصار مرسي تظاهروا أمس في جامعتي القاهرة وعين شمس، فيما استنكر الأزهر الاعتداء اللفظي من جانب عدد من طلاب «الإخوان» في جامعة القاهرة على المفتي السابق علي جمعة خلال حضوره مناقشة إحدى الرسائل العلمية في كلية دار العلوم.