تحولت مراسم تشييع جثمان لواء شرطة مصري سقط قتيلاً مع بداية اقتحام أجهزة الأمن بلدة كرداسة التي كان يسيطر عليها إسلاميون مسلحون مؤيدون للرئيس المعزول محمد مرسي، إلى ما يشبه تظاهرة مناوئة لجماعة «الإخوان المسلمين»، فيما جذب حضور قائد الجيش عبدالفتاح السيسي الجنازة اهتمام المشيعين وحظي بهتافات التأييد. وتزامن ذلك مع تواصل حملات دهم معاقل مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في كرداسة أمس، وارتفع عدد الموقوفين إلى 87 بينهم امرأة، وأمرت النيابة بحبسهم 15 يوماً على ذمة تحقيقات نسبت إليهم تهم «اقتحام قسم شرطة المدينة وقتل ضباطه والتمثيل بجثثهم». وشكل المجلس القومي لحقوق الإنسان أمس لجنة لتقصي الحقائق ضمت من بين أعضائها الصحافي «الإخواني» محمد عبدالقدوس يفترض أن تذهب خلال ساعات إلى كرداسة. وكانت قوات الشرطة مدعومة بالجيش اقتحمت فجر أول من أمس البلدة التي هيمن عليها الإسلاميون وشهدت أعمال عنف واسعة أعقبت فض اعتصامي مؤيدي مرسي منتصف الشهر الماضي. ومع بداية عملية الاقتحام سقط مساعد مدير أمن الجيزة اللواء نبيل فراج قتيلاً برصاص مسلحين، كما جُرح تسعة من ضباط وجنود الشرطة. وشيع آلاف أمس جنازة فراج عقب صلاة الجمعة من مسجد آل رشدان، في حي مدينة نصر (شرق القاهرة)، في جنازة عسكرية مهيبة تقدمها رئيس الوزراء حازم الببلاوي والسيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم ورئيس أركان الجيش صدقي صبحي. وردد المشيعون هتافات ضد «الإخوان» بينها «الشعب يريد إعدام الإخوان»، فيما حظي السيسي بهتافات تأييد بينها «كلنا معك»، ورفع بعض المشيعين صوره. ولم يفلح الوجود الأمني المكثف من منع العشرات من محاولة الوصول إليه، كما ردد المشيعون هتاف: «الشعب والشرطة والجيش إيد واحدة». وكانت الأجهزة الأمنية أغلقت محيط المسجد منذ الساعات الأولى لصباح أمس، وانتشرت تشكيلات تابعة للأمن المركزي والشرطة العسكرية لتأمين الجنازة، وفرضت طوقاً أمنياً، كما انتشرت المكامن في شارع صلاح سالم وملعب القاهرة والعروبة، لإحكام السيطرة على المنطقة في إطار إجراءات تأمين الجنازة. وأكد رئيس الوزراء أن «أمن الوطن والمواطن خط أحمر»، مشدداً على أن حكومته «لن تتهاون أو تُهادن الجماعات الإجرامية والإرهابية التي ترفع السلاح لترويع الآمنين». وشدد على قدرة الأجهزة الأمنية على «تطهير البلاد من جميع الأيادي الإجرامية، وإعادة الأمن والأمان إلى كل ربوع البلاد». وتوجه بخالص تعازيه إلى أسرة اللواء فراج ووزارة الداخلية. وشهدت بلدتا كرداسة وناهيا أمس هدوءاً حذراً فيما واصلت قوات الشرطة عمليات التمشيط والدهم في المنطقة، واعتقلت العشرات لترفع عدد المعتقلين إلى 87 بينهم امرأة، وجهت إليهم النيابة اتهامات ب «اقتحام مركز شرطة كرداسة، وقتل ضباطه وأفراد الشرطة والتمثيل بجثثهم والاستيلاء على الأسلحة»، قبل أن تأمر بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وبدا أن السلطة لا تزال غير مطمئنة إلى الوضع الأمني في البلدتين، إذ قرر محافظ الجيزة تأجيل الدراسة في مدارس كرداسة وناهيا التي كانت من المفترض أن تبدأ اليوم لمدة أسبوع «نظراً إلى الظروف الأمنية الحالية وحرصاً على سلامة التلاميذ أثناء ذهابهم إلى المدارس». وقرر المجلس القومي لحقوق الإنسان تشكيل لجنة تضم الصحافي «الإخواني» محمد عبدالقدوس والمحامي «الإخواني» المنشق مختار نوح وشاهندة مقلد وجورج إسحاق وكمال عباس لتقصي الحقائق في شأن أحداث كرداسة والحملة الأمنية التي قامت بها وزارة الداخلية هناك. وأشار المجلس في بيانه إلى أن اللجنة ستزور البلدة خلال ساعات لإعداد تقرير في شأن الأحداث. في غضون ذلك، أمر النائب العام هشام بركات بحبس 39 متهماً جديداً لمدة 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم بمعرفة النيابة، على خلفية تورطهم في أحداث العنف والإرهاب التي شهدتها قرية دلجا في محافظة المنيا. وأسندت النيابة إلى المتهمين «ارتكاب جرائم الإرهاب والعنف وعرض القوة وفرض السطو والتخريب والحريق العمد وإحراز الأسلحة والذخائر والأسلحة البيضاء والانضمام إلى عصابة تعمل على خلاف أحكام القانون بغرض منع سلطات الدولة من ممارسة أعمالها». وكانت أجهزة الأمن ألقت القبض على المتهمين تنفيذاً لأوامر الضبط والإحضار التي أصدرتها النيابة العامة على خلفية تورطهم في أحداث حرق مكمن ونقطة شرطة وكنيسة السيدة العذراء في دلجا وإحراق وتخريب مركز شرطة دير مواس، في أعقاب فض اعتصامي أنصار مرسي.