بعد أيام من سيطرة قوات الجيش والشرطة على قرية دلجا في محافظة المنيا التي حكمها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أكثر من شهر، اقتحمت أمس القوات الأمنية مدينة كرداسة في محافظة الجيزة التي شهدت مذبحة مروعة في 14 آب (أغسطس) الماضي بالتزامن مع فض اعتصامي أنصار مرسي حين قتل مسلحون 11 ضابطاً وجندياً في قسم شرطة كرداسة ومثلوا بجثثهم. وظهر من عملية الهجوم على كرداسة مدى سطوة المسلحين في البلدة، التي خلت من أي وجود أمني منذ فض اعتصامي أنصار مرسي، إذ جوبهت قوات الجيش والشرطة بمقاومة شديدة وتبادلت إطلاق النار مع مسلحين اعتلوا أسطح بنايات في مدخل البلدة، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود ومقتل ضابط كبير برتبة لواء. ويُعتقد أن الجماعات المسلحة في كرداسة تحسبت للهجوم بعد اقتحام قرية دلجا في المنيا وتسريب معلومات عن قرب اقتحام كرداسة. وبدأت عملية الهجوم بإحكام القوات المسلحة الحصار على بلدة كرداسة من الخارج، وتطويق مخارجها المؤدية إلى الظهير الصحراوي، خشية فرار المطلوبين إلى الجبال القريبة من البلدة، وتمركزت مدرعات الجيش عند مداخل البلدة وأغلقتها ومنعت أي حركة عبرها، فيما تقدمت آليات ومدرعات من الجيش والشرطة داخل البلدة من كل الاتجاهات تحت غطاء كثيف من إطلاق النيران، لكن القوات فوجئت بالرد عليها من قبل المسلحين بإطلاق نيران كثيف من أعلى أسطح مدارس وبنايات، فأوقفت القوات التقدم، ودخلت في مواجهات مع المسلحين الذين بدأوا في الفرار أمام كثافة الهجوم. وقالت وزارة الداخلية في بيانات متلاحقة إن الشرطة ألقت القبض على 48 من المطلوبين بينهم ثلاثة متهمين رئيسيين في الهجوم على قسم شرطة كرداسة. وأوضح مصدر أمني أنه أثناء إلقاء القبض على أحد المتهمين قام بإلقاء قنبلة يدوية على القوات، ما أسفر عن جرح خمسة ضباط وأربعة مجندين، لكن القوات أطلقت صوبه النار وأصابته في قدمه وتم ضبطه وبحوزته بندقية آلية وثلاثة خزائن بداخلها 75 طلقة و7 قنابل يدوية. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف إن مساعد مدير أمن الجيزة اللواء نبيل فراج قتل بعد إصابته بطلق ناري أثناء بدء عملية الاقتحام. وحرصت وزارة الداخلية على تأكيد أن «العملية جاءت تنفيذاً للأوامر الصادرة من النيابة العامة بضبط عدد من العناصر الإرهابية الهاربة والمتورطة في واقعة اقتحام مركز شرطة كرداسة وضبط ما في حوزتهم من أسلحة نارية وأسلحة ثقيلة». وأوضحت أن عناصر مسلحة اعتلت أسطح منازل ومدارس ومآذن المساجد فور بدء عملية الاقتحام، وأطلقت النيران صوب القوات. وأوضح عبداللطيف أن خطة اقتحام كرداسة اعتمدت على شقين أساسيين الأول يتعلق بحصارها من الخارج ومن ناحية الظهير الصحراوي، وهو ما نفذته القوات المسلحة، أما الشق الثاني فيتعلق بالمواجهة المباشرة مع المسلحين، وهو ما تقوم به المجموعات القتالية التابعة للعمليات الخاصة. واعتبر أن «البؤر الإجرامية والإرهابية، ومن بينها دلجا وكرداسة من ضمن أبرز سلبيات نظام الإخوان، وتعمل وزارة الداخلية على تصفيتها حالياً لتحقيق الأمن والاستقرار في الشارع المصري». ونعى وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم اللواء فراج، مؤكدا أن قوات الأمن نجحت في إحكام قبضتها على مركز شرطة كرداسة وشوارع رئيسة في المدينة، وأنها ستواصل تقدمها فيها «حتى تصفية البؤر الإجرامية والإرهابية كافة». وقال رئيس الوزراء حازم الببلاوي إنه يتابع تطورات العملية الأمنية في منطقة كرداسة. ونعى في بيان اللواء فراج، مشدداً على أن «أمن الوطن والمواطن خط أحمر، والحكومة لن تتهاون أو تهادن الجماعات الإجرامية والإرهابية التي ترفع السلاح لترويع الآمنين». في المقابل، استنكر «التحالف الوطني لدعم الشرعية» المؤيد لمرسي «العدوان» على «المدينة الصامدة الرافضة للانقلاب والداعمة للشرعية الدستورية»، معتبراً أن «كرداسة تأبى الظلم بكل سلمية ولن تقابل عنفاً بعنف وستواصل مقاومتها السلمية للانقلاب». وقال في بيان إن «التطرف الأمني في التعامل مع مناهضي الانقلاب، لن يجدي، ولن يحل الأزمات وسيشعل ثورة الغضب ضد حكم العسكر». وانتقلت المواجهات بين المسلحين وقوات الأمن من كرداسة إلى بلدة ناهيا القريبة. وقال التلفزيون الرسمي في نبأ مقتضب إن «قوات الأمن تبادلت إطلاق النار مع مسلحين في مدينة ناهيا في الجيزة، على بعد كيلومترات من كرداسة». إلى ذلك، أعلن مجلس الوزراء تقليص ساعات حظر التجوال بدءاً من الغد ليبدأ في الثانية عشرة مساء وحتى الخامسة صباحاً، لكن الحظر سيبقى كما هو أيام الجمع، إذ يبدأ من السابعة مساء. من جهة أخرى، توقفت حركة قطارات مترو الأنفاق أمس لساعات بعد أنباء عن العثور على قنبلتين بدائيتي الصنع على قضبان قطار المترو. وقال مدير الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات منير السيد إنه تم إغلاق محطات المترو جزئياً بعد العثور على عبوتين ناسفتين في محطة حلمية الزيتون. لكن رئيس شركة إدارة وتشغيل المترو عبدالله فوزي قال إن الجسم الغريب الذي تم العثور عليه عبارة عن «كتل جبس وأسمنت تم توصيلها بدائرة كهربائية ولا يوجد لها أي أثر تفجيري، ولكن تم وضعها بهدف إثارة فزع المواطنين».