تشير إحصاءات ومعلومات صادرة عن جهات حكومية وخاصة إلى تدفق كبير لأموال مستثمرين من دول «الربيع العربي» إلى القطاعات الاقتصادية والمصرفية والمالية والاستثمارية في الإمارات، هروباً من الأخطار القائمة في بلدانها الأم، وبحثاً عن عائدات أفضل، خصوصاً بعد التحسن الكبير الذي طرأ هذا العام على عائدات المستثمرين في قطاع العقارات الإماراتي، إضافة إلى العائدات القياسية والمتميزة التي حققها المستثمرون في سوقي دبي وأبو ظبي الماليتين. ولا تزال مؤشرات أداء هذه الأسواق الأفضل على مستوى المنطقة، إذ ارتفع مؤشر سوق دبي المالية خلال هذا العام بنسبة 58 في المئة ومؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 46 في المئة، وساهم في هذا الارتفاع التدفق الكبير لاستثمارات الأجانب وتحسن ربحية الشركات واتساع قاعدة المضاربين والمستثمرين نتيجة تحسن مستوى ثقة المستثمرين الإماراتيين. وتشير المعلومات المتوافرة إلى تداولات واضحة لمستثمرين من دول «الربيع العربي» في بورصتي الإمارات سواء للاستثمار الطويل الأجل أو للمضاربة، إضافة إلى استثماراتهم في سوق العقارات، خصوصاً في دبي. وتوافرت معلومات عن تدفق ودائع إلى مصارف الإمارات مصدرها مستثمرون من دول «الربيع العربي»، إضافة إلى استثمارات مباشرة منهم في الكثير من القطاعات الاقتصادية مثل قطاع التجارة والسياحة والنقل والقطاع الطبي. وانعكس الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به الإمارات، إضافة إلى الاستقرار المالي والاقتصادي، في صورة واضحة وإيجابية على التصنيف الائتماني للدولة، ما سهل حصولها على قروض بأسعار تنافسية، إضافة إلى انعكاس هذا الاستقرار على قوة عملتها الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار امتلاكها اكبر صندوق سيادي على المستوى العالمي وتمتع جهازها المصرفي بالقوة والكفاءة. ويُضاف إلى عوامل الجذب للاستثمارات العربية والأجنبية الانتعاش الملحوظ في معظم قطاعاتها الاقتصادية في ظل توافر بنية تحتية وبيئة تشريعية تُعتبَر الأفضل على مستوى المنطقة، إذ تشجع قوانينها تدفق الاستثمارات الأجنبية سواء المباشرة أو غير المباشرة، وهي سمحت للأجانب بتملك العقارات وتملك أسهم الشركات المساهمة العامة المدرجة في سوقيها الماليتين. كل هذه الحقائق وغيرها من العوامل ساهمت في انخفاض الأخطار المختلفة للاستثمار مع تحقيق عائدات مناسبة، في وقت لا تزال فيه أخطار الاستثمار مرتفعة في دول «الربيع العربي»، سواء منها الأخطار السياسية أو الأمنية، إضافة إلى الأخطار المالية والاقتصادية والاستثمارية. ويعاني معظم هذه الدول نزيفاً مستمراً في احتياطاتها الأجنبية نتيجة الأخطار هذه، وينعكس هذا النزيف على قوة عملاتها الوطنية إذ تراجعت قيمة هذه العملات بنسبة كبيرة في مقابل العملات الدولية، ما أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم بنسب كبيرة وبالتالي ارتفاع مستوى الفقر والبطالة. وأدى تراجع قيمة العملات إلى خسارة المستثمرين الأجانب قيم استثماراتهم بنسبة التراجع ذاتها في مقابل العملات الدولية، فيما ساهمت هذه الأخطار في خفض مستمر للتصنيفات الائتمانية لهذه الدول، وبالتالي ارتفاع الكلفة والصعوبة في ما يخص الحصول على قروض من مصادر دولية. مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»