حققت سوقا الأسهم الإماراتيتان إنجازات مهمة في مؤشرات أدائها منذ مطلع العام فعوضتا جزءاً مهماً من خسائرهما التي تعرضتا لها خلال السنوات الأربع العجاف الماضية. وقفز مؤشر سوق دبي المالية بنسبة 41 في المئة حتى إغلاق الأربعاء، وهي أعلى قفزة على مستوى المنطقة، تلاه مؤشر سوق أبو ظبي الذي ارتفع بنسبة 33.5 في المئة. في المقابل، ارتفع مؤشر سوق الأسهم السعودية، وهي السوق الأكبر على مستوى المنطقة، بنسبة خمسة في المئة، ومؤشر سوق قطر بنسبة سبعة في المئة، ومؤشر سوق الكويت بنسبة 31.6 في المئة، ومؤشر سوق البحرين بنسبة 7.7 في المئة، ومؤشر سوق مسقط بنسبة 10.2 في المئة، فيما تراجع مؤشر سوق مصر بنسبة 4.9 في المئة. وعلى مستوى الأسواق العالمية، ارتفع في الولاياتالمتحدة مؤشر «داو جونز» بنسبة 16 في المئة ومؤشر «ستاندرد أند بورز» بنسبة 15.7 في المئة، فيما صعد مؤشر «كاك» الفرنسي بنسبة 9.3 في المئة. ويعود الارتفاع القياسي لمؤشري سوقي دبي وأبو ظبي إلى عوامل مهمة يأتي في مقدمها الانتعاش الذي تشهده معظم القطاعات الاقتصادية في الإمارات، خصوصاً قطاع العقارات في دبي حيث ازدادت أسعار الوحدات العقارية في المواقع الاستراتيجية بنسب عالية هذا العام بعد توافر معلومات عن شراء وحدات عقارية من قبل مستثمرين من سورية ولبنان ومصر ودول أخرى من دول «الربيع العربي»، يشجعهم كون الإمارات تتمتع باستقرار سياسي وأمني وميزات سياحية وتسويقية، شجعت أيضاً أعداداً كبيرة من الخليجيين على شراء وحدات عقارية، خصوصاً بعدما أصبحت الإمارات مقصد الخليجين لقضاء إجازاتهم المختلفة وبعدما نشرت الصحف الإماراتية خبر بيع «إعمار العقارية» خلال يومين كل الوحدات العقارية التي عرضتها في لندن والمخصصة للمستثمرين البريطانيين. ومعلوم أن شركات قطاع العقارات تلعب دوراً مهماً في سوقي الإمارات نتيجة استحواذها على حصة بارزة من تداولاتها نظراً إلى ارتفاع سيولتها. وارتفع مؤشر أسهم الشركات العقارية هذا العام بنسبة 40 في المئة واستحوذت على ما نسبته 45 في المئة من تداولات السوقين الإماراتيتين. وصاحب ارتفاع أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة في سوقي الإمارات، نتيجة تفوق حجم الطلب على عروض البيع، تحسن كبير وملحوظ في قيمة التداولات بفضل اتساع قاعدة المضاربين والمستثمرين، فتجاوزت قيمة التداولات اليومية الأسبوع الماضي حاجز 1.5 بليون درهم، بينما بلغ متوسط التداولات اليومية العام الماضي حوالى 400 مليون درهم. وتحسنت ربحية معظم الشركات المدرجة والتي تحققت العام الماضي وجرى الإفصاح عنها خلال الربع الأول من العام الحالي، كما تحسن أداء الشركات خلال الربع المذكور وجرى الإفصاح عن ذلك خلال نيسان (أبريل)، ما ساهم في تعزيز الثقة بالاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في أسواق المال. وساهمت التوزيعات النقدية المجزية التي جرى دفعها إلى مساهمي الشركات في حفز الطلب في أسواق المال في ظل الفجوة الكبيرة بين ريع الأسهم والفائدة التي تدفع على الودائع المصرفية والتي انخفضت إلى مستويات متدنية، إذ بلغ متوسط ريع الأسهم ستة في المئة بينما تراوحت أسعار الفائدة على الودائع بين واحد و1.5 في المئة وهي نسبة تقل عن نسبة التضخم. ولعب الاستثمار الأجنبي المؤسسي دوراً مهماً في تعزيز الطلب والتداول في سوقي الإمارات، وشجع الاستثمار المحلي، سواء منه المؤسسي أو الفردي، على الدخول إلى الأسواق واستغلال الفرص الاستثمارية التي توافرت فيها، فتجاوزت قيمة مشتريات الاستثمار الأجنبي قيمة مبيعاته بنسبة كبيرة. وزادت فترة احتفاظ الأجانب بالأسهم، وهي مؤشر إلى ثقتهم بالأسواق، بعدما كانت استثماراتهم ساخنة خلال السنوات الماضية أي تدخل إلى الأسواق وتخرج منها بسرعة. ومن العوامل الإيجابية الاستقرار السياسي، وتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات هذا العام، والتصنيف الائتماني القوي، وامتلاك الدولة أكبر صندوق سيادي على مستوى المنطقة، وقوة القطاع المصرفي التي شجعت الاستثمار الأجنبي على دخول الأسواق، والانضمام المتوقع لسوقي الإمارات إلى مؤشر «مورغان ستانلي» خلال حزيران (يونيو) المقبل والمرجح أن يساهم في تدفق سيولة كبيرة إلى السوقين. وهنا لا بد من الإشارة إلى التحسن الكبير لأداء القطاع المصرفي الإماراتي خلال العام الماضي وهذا العام مع توقعات تحسن جودة أصوله نتيجة ارتفاع قيمة الضمانات وفي مقدمها العقارات والأسهم، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض قيمة المخصصات المطلوب اقتطاعها من الأرباح لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها، علماً أن هذه المخصصات استحوذت خلال السنوات الأخيرة على نسبة مهمة من أرباح المصارف. وساهمت توقعات تحسن أداء قطاع المصارف وانعكاس ذلك على توزيعاته، في ارتفاع كبير في حجم الطلب على أسهم المصارف ما دفع مؤشر القطاع في البورصة إلى تسجيل قفزة نسبتها 40 في المئة هذا العام. مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»