تمحورت المواقف السياسية اللبنانية أمس على الاستحقاقات الداخلية والاحداث الجارية في سورية وتداعياتها على لبنان، اضافة الى خطاب الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله أول من امس، فيما بقي الملف الحكومي في دائرة المشاورات. وفي هذا الاطار، عرض الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام صباح امس، مع المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وزير الصحة في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل آخر المستجدات المتعلقة بتشكيل الحكومة. والتقى لهذه الغاية ايضاً الوزير السابق طوني كرم موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وفي المواقف، قال الوزير خليل، في احتفال امس: «ان الثقة التي أوليناها للرئيس سلام نريدها ان تؤدي الى حكومة جامعة ممثلة، قادرة على تلبية حاجات الناس وحماية البلد من كل المطبات». وأضاف: «لأننا في موسم استحقاقات سياسية في ما يتعلق بقانون الانتخابات او تشكيل الحكومة او الوضع الامني، فإننا لم نكن يوماً في موقع القلق على الانتخابات ونتائجها، فنحن حينما وافقنا على تأجيل الانتخابات كنا نتحسس ظرفاً دقيقاً يجعلنا نترفع عن أية خصوصية تؤثر في الوضع الداخلي، كما اننا لم نتدخل ولا نتدخل في عمل المجلس الدستوري، لكن على الجميع في هذا البلد ان ينظروا الى عمق ودقة وخطورة المرحلة وأن يتصرفوا على هذا الاساس»، وقال: «نحن معنيون اولاً بحفظ لبنان وديموقراطيته، وحفظ البلد يكون بالحرص على الاستقرار، والالتفاف حول الجيش والاجهزة الامنية وإعطائها الدعم اللازم لحماية السلم الاهلي». وأشار وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي إلى ان «لكل فريق منا رأيه بتدخل حزب الله في القتال في سورية ويجب أن يعبّر عنه»، معتبراً أنه «كان يجب ان لا نتدخل من الأساس في الأزمة السورية وأن نلتزم سياسية النأي بالنفس لأن ما يجري فيها هو أكبر من لبنان». واوضح في حديث تلفزيوني انه «مع مواقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان لأنه كان عادلاً ومنصفاً، ويجب ان نحترم مقام رئاسة الجمهورية وسليمان لم يكن يوماً مع فريق ضد آخر». ورأى وزير البيئة ناظم الخوري ان «شكوى لبنان الى مجلس الأمن في شأن الانتهاكات السورية ليست موقفاً سياسياً من سورية، بل هي موقف سيادي»، مشيراً الى انه جرى إبلاغ الاممالمتحدة والجامعة العربية بما حصل من انتهاك لسيادة لبنان، مطالباً اللبنانيين بالالتفاف حول رئيس الجمهورية في مطالبته هذه. ودعا الخوري في حديث الى «صوت لبنان»، «حزب الله الذي بات لاعباً إقليمياً الى ان يعود الى الداخل اللبناني ويكون عاملاً للاستقرار في التوازن الداخلي وألا ينجر الى مشاريع إقليمية سيدفع لبنان ثمنها وكذلك حزب الله». وإذ أشار الى «فتور في العلاقة مع الرئيس نبيه بري بسبب الاختلاف في قراءة الاوضاع الراهنة والتمديد للمجلس النيابي»، تحدث عن «صعوبة كبيرة في تشكيل الحكومة، لأن تشكيلها يتطلب تنازلات». لبنان رهينة بيد «حزب الله» ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب خالد زهرمان «أن استمرار انخراط «حزب الله» في القتال الى جانب النظام السوري سيجر الفتنة الى الداخل اللبناني». واعتبر في حديث الى «اذاعة الفجر» أن «لبنان أصبح رهينة بيد «حزب الله» ومعرضاً للفتنة والحرب الأهلية نتيجة تصرفات الحزب الرعناء»، لافتاً الى ان «تصرفات وزير الخارجية عدنان منصور ورفضه تقديم شكوى الى الجامعة العربية ومجلس الأمن تضر بمصلحة لبنان وسيادته». وأوضح عضو كتلة «القوات اللبنانيّة» النائب شانت جنجنيان أنّ اعتراض رئيس الجمهورية على انتهاك النظام السوري لسيادة لبنان «ليس مجرد موقف سياسي على المستوى الشخصي له فحسب، إنّما تطبيق للمادة 94 من الدستور التي يُقسم بموجبها الرئيس اللبناني يمين الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه»، مشيراً في المقابل إلى أنّ «تمنع وزير الخارجيّة عن تقديم شكوى ضد سورية، يندرج في إطار سلسلة المخالفات الدستوريّة التي ارتكبها بحق لبنان لحماية نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد». واستبعد النائب وليد سكرية «انتقال القتال السوري الى الداخل اللبناني»، مؤكداً أن «حزب الله لن يتورط في أي قتال على الاراضي اللبنانية». وأشار في حديث الى «صوت لبنان» الى أن «السيد نصرالله عمد في خطابة الأخير، إلى إبعاد شرارة الفتنة عن لبنان، عندما قال إن لا علاقة لعرسال بالصواريخ التي تسقط في منطقة بعلبك-الهرمل، إنما من داخل الاراضي السورية». وطالب «الدولة اللبنانية بضبط الحدود مع سورية، لمنع انتقال الفتنة، وكل أشكال التدخل في الصراع الدائر هناك»، موضحاً أن «حزب الله تدخل في القتال السوري في منطقة القصير كونها محاذية للحدود اللبنانية، بينما تدخل تيار المستقبل وحلفاء المعارضة السورية، وعملوا على استجرار الأزمة السورية الى لبنان». وأكد ان «موقف النائب وليد جنبلاط الرافض لأي حكومة من دون «حزب الله»، يشكل بيضة القبان في هذه المرحلة». الحريري: نصرالله يختزل الدولة وكان الرئيس سعد الحريري ردّ مساء اول من امس على ما ورد في خطاب نصرالله، قائلاً: «قدّم الأمين العام لحزب الله، دليلاً جديداً على المسار الخطير الذي يقود البلاد إليه، والذي على حد توصيفه يريد له أن يتخطى حدود لبنان، ليطاول المشرق العربي برمته من فلسطين الى سورية وكل بلدان المنطقة». وأضاف في بيان: «يبدو أن السيد حسن قد بذل مجهوداً خطابياً كبيراً لتبرير الانخراط في هذا المسار وتجميل الاهداف السياسية لمشاركة مقاتلي «حزب الله» في الحرب السورية، وهو اظهر براعة في استخدام آلام الجرحى والمصابين في المواجهات مع العدو الاسرائيلي، لتغطية هذه المشاركة وابتداع الأسباب الموجبة لقتاله». وتابع: «غير أن السيد حسن لم يكن موفقاً ولم تحالفه البلاغة في إسقاط الجرائم التي يشارك حزبه في ارتكابها في سورية، على تيار المستقبل وادعائه أن التيار يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في سورية. هذا الكلام من انتاج مخيلة السيد حسن نصرالله». وزاد: «اذا كان السيد حسن يريد أن يرمي التهم جزافاً بداعي البحث عن شركاء له في الجرائم التي تستهدف الشعب السوري، فإننا نقول له أن يفتش عن اهداف أخرى غير تيار المستقبل». وقال: «لقد أعلنا منذ اندلاع الثورة السورية، ولم نخف موقفنا السياسي الذي نتمسك به، اما ان نكون قد نظمنا أو ارسلنا فرداً واحداً للقتال داخل سورية، فهو ادعاء يرقى الى حدود التلفيق والتضليل»، لافتاً الى ان «اوجه التضليل في خطاب السيد حسن تعمقت في تحديد الأسباب التي حملته على اتخاذ قرار المشاركة في الحرب السورية، وإعلانه صراحة انه وجد بنتيجة المتابعة والمواكبة، وجوب المشاركة في الحرب، ليس دفاعاً عن سورية فحسب انما للدفاع عن لبنان والدولة والسيادة والاقتصاد»، وسأل: من هي الجهة التي كلفت السيد حسن بالمتابعة والمواكبة؟ (...) كعادته في كل المراحل، أراد السيد حسن نصرالله أن يختزل الدولة اللبنانية بمجلس شورى «حزب الله» وأن يقدم دليلاً جديداً على أن الدولة ومؤسساتها ورئاساتها وقواها المسلحة غير موجودة في قاموسه».