لقيت المواقف التي اطلقها الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله من خلال إطلالته مساء أول من امس عبر محطة «المنار»، مواقف شاجبة تحديداً لمسألة القتال إلى جانب النظام السوري وتوريط لبنان في هذا الخيار. واعتبر الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري معظم المواقف التي أطلقها الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله اول من امس، «لا تمت الى المنطق او الى المسؤولية بأي صلة، لا سيما لجهة إنكاره المتواصل وجود انتفاضة شعبية في سورية تقابلها آلة عسكرية إجرامية غير مسبوقة في التاريخ العربي ولا في التاريخ الاسلامي». ورأى الحريري في بيان ان نصر الله «اختار وبشكل نهائي ان يقف في صفوف الظالمين وان يعلن التزامه خط الدفاع حتى الموت عن نظام بشار الاسد، وان ينفذ امر العمليات الايراني والفتوى الصادرة عن ولي الفقيه والتي عاد بها من طهران بمنع سقوط هذا النظام، وفاته ان هذا النظام سقط، وان الارادة ببقائه على قيد الحياة لا يمتلكها حسن نصر الله او علي خامنئي او اي جهة إقليمية او دولية». وأكد «ان مصير هذا النظام في أيدي الشعب السوري الذي اتخذ قراراً حاسماً بإنهاء نظام الظلم والاستبداد، مهما حشدت له القوى الحليفة من انصار ومرتزقة ومتطوعين. وعلى اي حال إن أخطر ما ورد على لسان الأمين العام ل «حزب الله» لا يتعلق بموقفه من الثورة السورية، ولا بدفاعه المستميت عن الاسد، انما يتعلق بذلك الربط الانتحاري بين المسألة السورية وبين لبنان». وقال ان نصر الله «يعلن بالفم الملآن ان الدولة اللبنانية غير موجودة، وان النظام السوري يرتقي في وجوده وضرورة استمراره على وجود لبنان. انه يمحو لبنان من الخريطة السياسية ويجعل من «حزب الله» بديلاً للدولة ومؤسساتها الدستورية والأمنية والعسكرية. هو وحده على رأس «حزب الله» من يقرر عن كل اللبنانيين، ووحده على رأس الحزب من يصدر الأوامر بزج لبنان في الحروب الإقليمية والأهلية، وهو وحده على رأس الحزب من يجوز له اصدار الفتاوى في مقاتلة السوريين على ارضهم، وهو وحده على رأس الحزب من تحق له توجيه الاهانة تلو الاهانة للدولة اللبنانية وللجيش اللبناني والمجاهرة بعجزهما عن حماية اللبنانيين ليس على الحدود مع اسرائيل انما داخل الحدود وفي سورية ايضاً». «نحذر من فتنة ملعونة» وأضاف قائلاً: «السيد نصر الله يعلن في الحقيقة قيام جيش الدفاع عن الشيعة اللبنانيين في المنطقة والعالم، كما لو كانت الطائفة الشيعية ملكاً خاصاً ل «حزب الله» او انها كيان مستقل عن الدولة اللبنانية، وانطلاقاً من هذا المفهوم يعطي نفسه الحق بتوسيع نطاق عمليات «حزب الله»، من الجنوب اللبناني لتشمل القصير والسيدة زينب في سورية ولن يتأخر في تأكيد جعل لبنان في اي لحظة، جبهة متقدمة من جبهات الحرب الى جانب النظام الايراني بحجة الدفاع عن المقامات الدينية». وقال الحريري: «السيد نصر الله يقول لنا ان الدولة اللبنانية مجرد صفر على الشمال، ورهينة الى الأبد بيد «حزب الله» وعلى اللبنانيين ان يتصرفوا على هذا الاساس من رئيس الجمهورية الى الحكومة الى المجلس النيابي الى سائر الكيانات السياسية. الدولة رهينة بيد حزب الله ومعها المجموعات والطوائف اللبنانية الاخرى، وكل ذلك كرمى لعيون بشار الاسد ونزولاً عند الفتوى التي عاد بها من طهران». ورأى «اننا امام حال من اثنتين، اما ان نكون امام ضرب من ضروب الجنون لن يتوانى عن إحراق لبنان لقاء الرهان على انقاذ نظام ميت، وإما ان نكون امام منزلق من منزلقات الغرور التي تؤدي بصاحبها ومن حولها الى مهاوي الخراب»، معرباً عن اعتقاده بأن «حزب الله بقيادة السيد نصر الله يقود لبنان الى الخراب ويريد للطائفة الشيعية تحديداً ان تتقدم الصفوف نحو هذا الخراب ونحو فتنة ملعونة، نحذر اللبنانيين من الوقوع فيها او الانجرار اليها». ولفت الى ان «التحذير يشمل اول من يجب ان يشمل القيادات الوطنية كافة التي تبحث عن مخارج دستورية وسياسية لتشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات النيابية، فيما هناك من يضع وجود لبنان برمته على خط الانهيار مع النظام السوري، ولن يتأخر عن التضحية بالوحدة الوطنية والوحدة الاسلامية مقابل الانتصار للاسد». وأكد ان «حزب الله يلعب منفرداً بمصير لبنان، وهو بلسان امينه العام لا يعلن المشاركة في إشعال الحريق السوري فحسب إنما يهدد بنقل الحريق الى قلب لبنان. وسيجد «حزب الله» حكماً من يصفق له من الاتباع ومخلفات زمن الوصاية السورية، غير ان الرهان يبقى على الأكثرية الحقيقية من اللبنانيين، وعلى الأحرار الشرفاء من الإخوة في الطائفة الاسلامية الشيعية، الذين لن يرتضوا التضحية بوطنهم ووحدتهم الوطنية، ولن ينساقوا لإرادة حزب الله والقيادة الإيرانية بتقديم دولة لبنان قرباناً على مذبح بشار الاسد». ورأى ان ما اعلنه نصر الله «مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه مشروع اسود اقل ما فيه انه يعمل على استدراج لبنان الى الحريق الذي بشرنا به الاسد. واللبنانيون بكل اتجاهاتهم مدعوون الى تحمل مسؤولياتهم التاريخية في مواجهة هذا المشروع والتعبير عن رفضه بكل الوسائل الديموقراطية التي ستبقى بإذن الله وسيلتنا لحماية لبنان والعيش المشترك بين ابنائه». ورأت الأمانة العامة ل»قوى 14 آذار» في اجتماعها الدوري، أن «حزب الله درج على الزج بلبنان في حروب تدميرية منذ العام 2006 وحتى اليوم، وأقر أمينه العام بتدخل حزبه المباشر في المعارك داخل سورية في مساندة واضحة للنظام الذي يقتل وينكل بشعبه، تحت عنوان «حماية جماعة لبنانية داخل سورية» ليبرر تدخله المرفوض من اللبنانيين رفضاً قاطعاً ويشكل جرماً يعاقب عليه لبنانيا ودولياً». واعتبرت في بيان أن إطلالة نصر الله تدل «على الانقلاب الكامل على اتفاق الطائف والعيش المشترك، وتكريس التنكر الكامل لمنطق الدولة ولمبدأ النأي بالنفس الذي أطلقته حكومته، وعدم الالتزام بقرارات الشرعيتين العربية والدولية والانقلاب الكامل على إعلان بعبدا». ودعت «الرأي العام اللبناني إلى التحرك لرفض استجرار الأزمة السورية إلى الداخل اللبناني». ولفتت إلى «أن الزخم الذي رافق استقالة الرئيس نجيب ميقاتي وتكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة، حملهم على التفاؤل، لكنه بدأ يفقد من قوته جراء محاولة «حزب الله» وفريقه فرض شروطه بأساليب ملتوية». وأملت من سلام «رفض الشروط وعدم الخضوع إلى الابتزاز الدائم الذي يحاول فرضه «حزب الله»، والسير بحكومة تلبي حاجات اللبنانيين بالتعاون مع رئيس الجمهورية لإخراج تشكيلة تتناسب وطبيعة المرحلة يعتمد عليها في تأمين انتقال لبنان من المرحلة الراهنة إلى بر الأمان». وحذر عضو «كتلة المستقبل» النيابية عمار حوري في حديث إلى إذاعة «الفجر»، من أن «حزب الله يقحم لبنان في المستنقع السوري»، معتبراً أن «خطاب نصرالله شكل انحرافاً عن مسار الحزب»، وواصفاً حجته بالدفاع عن لبنانيين في سورية ب «غير الواقعية والمنطقية وتعطي ذريعة للآخرين للذهاب إلى سورية. وكلامه انسحاب نهائي من إعلان بعبدا ورفض لمبدأ الحياد في الموضوع السوري والشراكة الوطنية». «الجماعة الاسلامية» وتوقف نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت عند «عمق الأزمة الأخلاقية التي تعانيها قيادات حزب الله تجاه جمهورها ما دعاهم إلى استدعاء كل المبررات غير المقنعة لتبرير جريمة التدخل في قتال الشعب السوري». ولفت إلى «عمق هذا التخبط في الخطاب في إعادة طرح الدفاع عن اللبنانيين في سورية، ثم الانتقال إلى الحديث عن مقدسات كانت موجودة قبل «حزب الله» وستبقى موجودة بعده، لأنها مقامات محترمة من الشعب السوري الذي حافظ عليها منذ عقود من دون تصنيفها مذهبياً، وحده خطاب «حزب الله» عنها اليوم صنفها مذهبياً، ثم الحديث عن محور المقاومة وقضية فلسطين وكأن الدفاع عن المقاومة وفلسطين يحتاج إلى مشاركة الحزب في جريمة قتل أكثر من سبعين ألف سوري قام النظام بقتلهم حتى اليوم بطائراته ودباباته وصواريخه، إلا إذا أصبحت القضية اليوم بالنسبة إلى حزب الله هي السلاح للدفاع عن السلاح ولم تعد مسألة مبادئ أو مواجهة العدو الصهيوني». وفي السياق، اعتبر الأمين العام ل «تيار المستقبل» احمد الحريري ان «شتان بين من يريد حكومة «مصلحة وطنية»، وبين من يريد حكومة «مصلحة الأسد وإيران»، وإلا تراه يدفع باتجاه الفراغ كأمر واقع، طالما أنه لا يريد حكومة، ولا انتخابات في موعدها، باعتبار أن الواقع الحالي يخدم «مصلحة الأسد وإيران»، ويغطي إمعان «حزب الله» في التورط في قتل الشعب السوري، وتشريع لبنان أمام مخاطر جمة قد تجر الويلات على اللبنانيين الذين يدفعون دائماً ثمن مغامرات «حزب الله»، تحت شعار المقاومة، التي أسقطوا دورها». ودعا الى «الكف عن الاستخفاف بعقول اللبنانيين، فكل الحجج التي يسوقها «حزب الله» لتبرير تورطه في قتل الشعب السوري واهية. آخر ما يهمه، هو وإيران، الخط القومي العربي الأصيل في سورية، ما يهمهما هو «الخط الأسدي»، بما يمثله من «صناعة إيرانية» وامتداد لمحور ممانعة وضرب الخط القومي العربي الأصيل». وأكد ان «قلبنا يحترق على الشعب السوري الذي يقتل، وعلى سورية التي تدمر، لكن مهما ذرّوا الرماد في العيون، فلن يتمكنوا من تزوير الحقيقة الساطعة، بأن نظام الأسد هو من شن الحرب على سورية وشعبها، وهي لن تسقط بيد أميركا وإسرائيل والمجموعات التكفيرية، كما يروجون، بل سيسقط نظام الأسد على يد أحرار سورية، وستعود حرة إلى شعبها الذي يخوض أشرف المعارك من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية».