حرص أهالي بلدة عرسال اللبنانية (على حدود البقاع الشمالي مع سورية) على تأكيد وقوفهم الى جانب الجيش اللبناني بعد الاعتداء الذي استهدف عسكريين الجمعة الماضي، وفي ضوء الشريط المصور الذي عرضه عدد من المحطات التلفزيونية يظهر عملية تنكيل ذُكر انها استهدفت شهيدي الجيش الرائد بيار بشعلاتي والمؤهل ابراهيم زهرمان. وكان قائد فوج المجوقل في الجيش العميد جورج نادر أكد من عرسال التي زارها أمس، عملية «التشنيع بالعسكريين». وخرج أطفال المدارس في عرسال الى ملاقاة الجنود المنتشرين في البلدة وهم يحملون الزهور وقدموها الى العسكريين الذين بادروا الى احتضان الاطفال، كما نفذ عدد من أهالي البلدة اعتصاماً سلمياً اكدوا خلاله تضامنهم مع المؤسسة العسكرية، وجابوا في مسيرة شوارع البلدة رافعين شعارات طالبت بتحقيق شفاف وتخفيف الحصار عن البلدة، في وقت وصل العميد نادر الى البلدة في مهمة تفقدية وإبلاغ فاعليات البلدة ضرورة ان يسلّم مطلوبون أنفسهم للعدالة لتأخذ مجراها. ولاقى العميد نادر الرئيس السابق لبلدية عرسال باسل الحجيري الذي اكد له «اننا مع الجيش ونثق به كمؤسسة جامعة للبنانيين، وفي كل بيت من بيوت عرسال هناك بزة مرقطة لأن ابناً او زوجاً من كل عائلة هو جندي في الجيش»، معتبراً ان «ما حصل في البلدة عمل عشوائي». وطالب بأن «يمارس الجيش واجباته بحكمة وألا يعاقب عقوبة جماعية»، وكذلك «بتحقيق لكشف ملابسات الحادث». ورد العميد نادر بتأكيد ان «تاريخنا يشهد لنا في الجيش نحن والجميع عائلة واحدة، أهل عرسال أهلنا، لكن هناك مجموعة من عرسال مطلوبة للعدالة وعندنا لائحة بأسمائهم ويجب ان يتوقفوا أياً كانوا». وأكد أنه «اذا تعرض أحد من الجيش لأبناء البلدة بالسوء فنحن المسؤولون»، لافتاً إلى ان «أولاد عرسال كلهم أخلاق ومن شنّع بعناصر الجيش لا يشبه أبناء عرسال». قائد الجيش وكان زوار قائد الجيش العماد جان قهوجي نقلوا عنه قوله أمس: «نحن نتعاطى مع الاعتداء على دورية للجيش اللبناني في عرسال بحسم وبهدوء في الوقت نفسه، لأننا حريصون على الحفاظ على السلم الاهلي وحماية الاستقرار العام في البلد وقطع الطريق على من يحاول إقحامه في مسلسل الفوضى، هذه هي مهمة الجيش بالدرجة الاولى». ولفت قهوجي الى انه «ليس صحيحاً الادعاء أن عناصر الدورية كانوا في لباس مدني والتذرع بأن هذا ما حال دون التعرف الى هويتهم العسكرية»، وقال: «ان أحد الموقوفين قيد التحقيق أدلى باعترافات اولية وفيها انهم تعرفوا الى هويتهم منذ اللحظة الاولى وهذا ما يدحض مزاعم الذين روّجوا انهم كانوا في لباس مدني». وأكد قهوجي بحسب زواره، «ان مقاطع من الشريط المصور الذي عرضه عدد من وسائل الاعلام المرئي اظهر ان العسكريين كانوا بلباسهم العسكري». وقال «ان وحدات الجيش لا تتصرف برد فعل ونحن في المؤسسة العسكرية اشد حرصاً على العلاقة مع بلدة عرسال التي ننظر اليها وما زلنا على انها حاضنة لهذه المؤسسة». وشدّد قهوجي على ان المؤسسة العسكرية «ليست في وارد الدخول في سجال مع أحد على خلفية الاعتداء الذي استهدف دورية الجيش». وقال: «نأمل من وجهاء البلدة التعامل بإيجابية لتسليم المشتبه بهم في الاعتداء». ونوّه بالموقف الايجابي الذي عبّر عنه زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري. وقال: «تلقيت اول من امس، اتصالاً منه ونحن نتعاون لاستيعاب التأزم واعادة الهدوء الى عرسال ولكن لن نساوم على تسليم المشتبه بهم للتحقيق معهم لجلاء الحقيقة وتحديد المسؤولية». واوضح ان «من يحاول التعاطي مع الاجراءات العسكرية التي اتخذت بعد الاعتداء على الدورية وكأنها موجهة ضد فريق سياسي معيّن فهو مخطئ، والهدف الاول والاخير منها هو توقيف الاشخاص المشتبه بهم وهم بالعشرات لعلاقتهم المباشرة بالاعتداء وهذه الاجراءات تتخذ في العادة في أي منطقة يحصل فيها ما حصل في عرسال». واستقبل قهوجي ملحق الدفاع في السفارة الاميركية لدى لبنان العقيد ديفيد برينر على رأس وفد مرافق قدم له التعازي بشهيدي الجيش في عرسال وبحث معه «التعاون العسكري بين جيشي البلدين»، بحسب بيان صادر عن مديرية التوجيه في الجيش. وكان موضوع عرسال محور اجتماع بين رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي اللذين بحثا في المعالجات الجارية في المنطقة ومحيطها. وكان سليمان ترأس اجتماعاً للجنة الووزارية المكلفة مسألة النازحين من سورية وعرضت اللجنة الاجراءات الادارية والامنية، واتفق على تفعيل تسجيل النازحين وتشديد التدابير الأمنية في ضوء كثرة حوادث الاخلال بالامن ولصقها بالنازحين. واستبعد المجتمعون فكرة اقامة مخيم للنازحين. الحريري ووصف الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري في تصريح الى «الحياة» المشهد في عرسال أمس، بأنه «الموقف الحقيقي للبلدة من الجيش وتجلى في ما عبّر عنه أهلها من خلال قيام مجموعة من الشباب والاطفال بالترحيب بوحدات الجيش المنتشرة في بلدتهم وتقديم الزهور لضباطها وعناصرها وهم يرفعون الاعلام اللبنانية وينشدون النشيد الوطني». واضاف: «هذا المشهد أراد أهالي عرسال من خلاله الرد على الذين يراهنون على احداث فتنة بينهم وبين المؤسسة العسكرية ويستمرون في توجيه الاتهامات التي اقل ما يقال فيها انها تحريضية ولن تلقى آذاناً صاغية». ورأى ان على «من يراهن على افتعال مثل هذه الفتنة الكف عن النفخ فيها وان موقف أهل البلدة يدحض افتراءاتهم». وكان الحريري طلب في تصريح سابق «من أهل عرسال وفعالياتها أن يتعاونوا مع الجيش لكي تأخذ العدالة مجراها في قضية استشهاد الرائد بشعلاني والمؤهل زهرمان»، داعياً في الوقت نفسه إلى «الكف عن التحريض ومحاولة تحصيل المكاسب الرخيصة على حساب دماء شهداء الجيش اللبناني وأهل عرسال وكرامتهم». وقال في بيان: «إن عرسال بلدة لبنانية، وهي وأهلها في عهدة الدولة ومؤسساتها القضائية، لا في مواجهة معها أو مع الجيش، وكل من يحاول أن يسوق خلاف ذلك إنما لا يبتغي سوى الفتنة بين اللبنانيين. وإن استشهاد الرائد بشعلاني والمؤهل زهرمان في بلدة عرسال أمر مؤسف ومؤلم لنا ولكل اللبنانيين ولأهل عرسال خصوصاً، وهم الذين عرفناهم يدافعون عن الحق ويرفضون حماية أي مطلوب من قبل العدالة. وكما يرفض الجيش أن يعامل أي لبناني بتمييز عن لبناني آخر، فإنني أطلب من أهل عرسال وفعالياتها أن يتعاونوا مع الجيش اللبناني لكي تأخذ العدالة مجراها، فالعدالة هي الطريق الوحيد لكشف الحقيقة وطي هذه الصفحة الأليمة». وشدّد الحريري «على اعتبار دور رئيس الجمهورية ميشال سليمان اساسياً في الوصول إلى الآليات التي تحقق العدالة في هذه القضية وتحفظ هيبة المؤسسة العسكرية». وكان الحريري اتصل بالرئيس سليمان والعماد قهوجي للغاية. وزار وفد من فاعليات عرسال ليل اول من امس، «بيت الوسط» في بيروت والتقى عضو كتلة «المستقبل» نهاد المشنوق والامين العام ل»تيار المسستقبل» احمد الحريري ورضوان السيد. واستنكر نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل «ما تعرض له الجيش في منطقة عرسال من قبل مجموعة غدرت بعناصره بعدما اتمّ المهمة الموكلة له واعتدت عليهم بشكل سافر». ونوّه في بيان «بالمواقف الشاجبة والداعية الى إحقاق الحق وملاحقة المعتدين بعيداً من التسييس والتطييف والتضليل»، مشدداً على ضرورة الالتزام ب «وثيقة بعبدا» التي أطلقها رئيس الجمهورية». واكّد مقبل «ان المسّ بالجيش خط أحمر ينبغي على الجميع الالتزام به، لانه خشبة الخلاص الحقيقية لكل اللبنانيين خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد». واعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية نوار الساحلي في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي أن «ما حصل في عرسال قرار يتعلق بالجيش ومخابراته للقبض على مطلوب للعدالة، وأوضح بيان قيادة الجيش الواقعة الصحيحة بأكملها، لكن كما عودنا بعض الأصوات الذي يحشر نفسه في قضايا غير صحيحة وغير واقعية ويرمي التهم جزافاً من دون أي دليل وبطريقة مغرضة ومريبة. وهذا ما فعله النواب (محمد) كبارة و (خالد) الضاهر و (معين) المرعبي الذين ادعوا افتراء أن سيارات مدنية تابعة ل «حزب الله» كانت موجودة في الحادث الأليم، وأن طرفاً ثالثاً دخل على الخط وكل هذا كذب بكذب وتضليل بتضليل». وإذ نفى باسم «حزب الله» نفياً قاطعاً «أي علاقة لنا من قريب أو بعيد بكل ما جرى ويجري في عرسال»، رأى «أن اتهام الحزب بعلاقته بما جرى ظالم وباطل وهناك من يتعمد بالحديث عن طرف ثالث في حادثة عرسال، تحويلها إلى فتنة مذهبية وطائفية في الوقت الذي اتضحت كل الحقائق للقاصي والداني (الصور المؤلمة، الفيديو... إلخ). كما أن اتهام الجيش بالانحياز والتشهير بالمؤسسة العسكرية الأم وبقائدها والقول إنها مؤسسة غير موثوق بها هدفه التنصل من المسؤولية عن التحريض الممنهج وإرادة زج لبنان في ما يضره ويؤذيه ويدفعه إلى الفوضى».