كل يبحث عن الاثارة في مقاله أو تغطيته للأحداث، لذا تجده يجتهد في انتقاء العنوان الجاذب الأصيل في مفردته وفكرته، فهو بوابته للفت الأنظار، وإجبارها على قراءة المضمون. في أيام خلت كانت الصحف تتبارى في العناوين يقودها في ذلك فكر رزين ولفظ مناسب لا تجريح فيه، ولا إهانة ولا خروج عن أدبيات النص الصحافي، فأبجديات العناوين المسلّم بها تنص على عدم خدشها لحياء من يقرأه كبيراً كان أم صغيراً. ويبدو أن هذه الرصانة حقبة وانتهت مع أهلها، بعد أن تولى الدفة في الإعلام الرياضي أشخاص يفتقدون للتأهيل الأكاديمي، والمهنية التي تحتم احترام الذوق العام، في كل ما بين أيديهم من مادة صحافية... هؤلاء للأسف يعتقدون أن الإثارة تكمن في كتابة «عناوين + 18»، وإلا لن يحصل لهم ما يريدون من زيادة مبيعات وقراء. منذ أن مرت كلمة (دشرة) مرور الكرام، توقعت أن يتجرأ البقية على الأسوأ من الألفاظ والعبارات، وقد كان حتى فوجئنا بعناوين تحمل فعلاً إيحاءات لا تتمنى أن يقرأها النشء والمراهقون، بل وتستحق الصحف التي تنشرها أن تعلق عليها عبارة «غير مخصص للبيع لمن هم من دون ال 18». وزارة الإعلام صمتت بشكل غريب أمام تجاوزات سابقة من كتاب وصحف وأدارت ظهرها، على رغم أنها الجهة الوحيدة المخولة لإيقاف هذا المد الفضائحي، الذي بدأ يغزو العناوين الرياضية بدواعي الإثارة الصحافية، أليست تصادر الكتب والمنشورات التي تشكل خطراً على الفكر والمجتمع، فلمَ تقف مكتوفة الأيدي مع الصحف التي لها التوجه ذاته فالخطر واحد؟ ولمَ لم يسبق لها أن وجهت انذاراً لمن تجاوز حدوده؟ وما مصير الشكاوى التي رفعتها بعض الأندية ضد بعض الإعلاميين؟ هل أغلق عليها درج مكتب وضاعت مفاتيحه؟ أم كانت لدى مدير تقاعد وحملها معه؟ لمَ لم يشعر المتابع يوماً ما بجدية الوزارة في التعامل مع أي شكوى رفعت لها؟ ولمَ مصير كل القضايا النسيان بفعل التقادم؟ إن كان البعض يتحاشى الذهاب بأبنائه للملاعب الرياضية حماية لهم مما قد يسمعون فيها من ألفاظ نابية أو غير لائقة من جماهير تأتي من عينات متفاوتة ثقافياً وبيئياً، ولا يمكن السيطرة عليهم، وهم في حال الغضب فإنه من الأولى حمايتهم مما يكتبه المتعلمون ممن يعول عليهم نشر ثقافة الحوار الذي لا يفسد للود قضية، واحترام الذوق العام، لكن يبدو أن هذه الأمور تشكل لديهم قضية، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. [email protected] Qmonira@