لجأت إدارة الرئيس باراك أوباما، التي تخشى من تسليح المعارضة السورية بشكل مباشر، إلى حل أميركي نموذجي عندما لا تريد الحكومة أن تتورط: ترك المهمة للشركات الخاصة. ومن بين خليط من منظمات المعارضة السورية في الولاياتالمتحدة التي يديرها مغتربون ظهرت مؤخراً «مجموعة الدعم السورية» التي لديها هدف محدد يتمثل في جمع الأموال ل»الجيش السوري الحر» المعارض. وتقول الجماعة إنها أقنعت الإدارة الأمريكية بأن تمنحها ترخيصاً بإرسال أموال للمعارضة بعد أن أسست مكتباً في واشنطن واستعانت بمسؤول سياسي سابق في حلف شمال الأطلسي لإدارته. ويمكن للمؤيدين الآن أن يدخلوا إلى موقع المجموعة وتحميل استمارة لتقديم تبرع للمعارضة السورية عن طريق بطاقة الائتمان أو خدمة «باي بال». ولم تكشف «مجموعة الدعم السورية» عن حجم الأموال التي جمعتها، ولم تعلن ما إذا أرسلت أموالاً بعد. ووفقا للؤي السقا، المؤسس المشارك لهذه الجماعة، وهو كندي من أصل سوري يعيش في تورنتو، فإن الأعضاء بدأوا بجمع سبعة ملايين دولار شهرياً. ويعترف بأن جمع هذه الأموال كان سيكون صعباً من دون قدر من المساعدة «المؤسسية الكبيرة». وقد تستخدم المعارضة الأموال لدفع مرتبات لآلاف المقاتلين وكذلك لشراء الأسلحة والذخيرة. ولكن «مجموعة الدعم السورية» لا تزال تضغط على إدارة أوباما لتخصيص أموال حكومية و/أو التدخل عسكرياً للمساعدة في الإطاحة بحكم الرئيس السوري بشار الأسد. وقال مدير مجموعة الضغط الخاصة بالمجموعة في واشنطن برايان سايرز، وهو مسؤول سياسي سابق في حلف الأطلسي «لا نستطيع تمويل منطقة لحظر الطيران»، وأضاف إن منطقة كهذه ضرورية لنجاح المعارضة السورية التي تريد أن تنشئ مناطق آمنة يلجأ إليها المدنيون من القتال من دون خوف من القصف الجوي. ورفضت إدارة أوباما تسليح مقاتلي المعارضة السورية مباشرة بالرغم من ضغوط بعض أعضاء الكونغرس. وعبر مسؤولون أمريكيون سراً عن استيائهم من اتساع نطاق جماعات المعارضة السورية ومعرفتهم المحدودة عنهم. ولكن في الشهر الماضي منحت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصاً لمجموعة الدعم السورية لإرسال أموال للمعارضة. وجاءت الخطوة بعد جهود بذلها أعضاء المجموعة على مدى شهور لتقويم قيادات المعارضة وتقديم تقارير لإدارة أوباما وللكونغرس عنهم. ولم يتضح بعد ما إذا كانت جماعات أخرى حصلت على تنازلات مماثلة. ووقع أوباما أمراً سرياً يسمح بتقديم دعم أميركي سري لمعارضي الأسد لا يصل إلى حد تقديم مساعدات عسكرية. وتقول مصادر أميركية إن الولاياتالمتحدة تتعاون مع مركز قيادة سري تديره تركيا ودولتان عربيتان قرب الحدود السورية للمساعدة في توجيه الدعم الحيوي المباشر العسكري وفي مجال الاتصالات لدعم مقاتلي المعارضة. ويقول السقا الذي غادر سورية قبل 15 سنة إنه وآخرين أسسوا «منظمة المغتربين السوريين» في شباط (فبراير) عام 2011 لدفع التغيير السلمي في بلده. ولكن بعد أن بدأت حكومة الأسد الرد على الاحتجاجات بالذخيرة الحية «بدأنا نرى الناس تتجه إلى السلاح». وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بدأ السقا مع مجموعة من المغتربين السوريين تحري الوضع العسكري في المحافظات السورية باستخدام اتصالاتهم والإنترنت للاتصال مع قادة المعارضة المحليين والتحقق من التقارير عن الانشقاقات عن الجيش السوري. وبحلول أيار (مايو) كانوا جاهزين للتوجه إلى واشنطن بما لديهم من معلومات عن المجالس العسكرية للمعارضة العاملة في عدد من المحافظات السورية. وجادلوا المسؤولين والمشرعين الأميركيين بأن استخدام أموال غربية للدفع لمقاتلي المعارضة قد تكون نقطة ثقل موحدة لمتطرفين مثل «القاعدة» التي انضمت إلى القتال في سورية. وقال السقا «إذا كنتم تريدون مكافحة فراغ يتشكل وسيطرة القاعدة وبعض الجماعات المتطرفة الأخرى فلا بد من توحيد» المعارضة. وأضاف «علينا أن نكون قادرين على أن ندفع لهم مرتباتهم». وتقول «مجموعة الدعم السورية» إنها تمثل آلاف المقاتلين في تسع محافظات وقعوا إعلان مبادئ يدعو إلى دولة ديموقراطية لجميع السوريين بغض النظر عن الطائفة أو الدين أو العرق. وترفض المبادئ كذلك الإرهاب والتطرف والقتل بغرض الانتقام. ويقول السقا إن مجموعة الدعم تريد أن ترسل أموالاً إلى هذه الجماعات. وربما تشكل في الوقت الراهن ما يقرب من نصف المقاتلين في الجيش السوري الحر. وتعهدت المجموعة بعدم تمويل قادة المعارضة إلا إذا التزموا المبادئ المنشورة على الموقع الإلكتروني لها. وقال سايرز «لا نريد تخريب هذا». ومجموعة الدعم مطالبة بتقديم تقارير دورية إلى الخارجية الأميركية. وتقول الإدارة الأميركية إنها خصصت نحو 25 مليون دولار لتقديم مساعدات «غير قتالية» للمعارضة السورية. ويقول مسؤولون أميركيون إنه يجري تنظيم مساعدة المعارضة بالأسلحة وتمويلها من خلال دول أخرى بينها دولتان عربيتان. وقال سايرز إن مجموعة الدعم السورية تضم نحو 60 عضواً، والسقا أحد أعضاء مجلس إدارتها المؤلف من 12 عضواً. وقال أندرو تابلر وهو خبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه من الأمور المثيرة أن الكثير من قادة المعارضة وقعوا إعلان المبادئ. وأضاف تابلر الذي يتحدث تليفونياً من لبنان هذا الأسبوع أن جماعات سورية معارضة أخرى مثل المجلس الوطني السوري ومقره إسطنبول أخذت وقتاً طويلاً «كي تتفق على أي شيء». ويعتقد أن ل»مجموعة الدعم السورية» تأثيراً أكبر من جماعات معارضة أخرى في المنفى لأنها تركز على المقاتلين داخل سورية. وأمضى تابلر مؤخراً أمسية مع بعض المسلحين من الجيش السوري الحر الذين يرون أن مجموعة الدعم السورية «تطور جيد». وقال رضوان زيادة، وهو قيادي في المجلس الوطني السوري يقيم في الولاياتالمتحدة، إنه لا توجد صلة مباشرة بين المجلس الوطني السوري ومجموعة الدعم السورية، ولكنهما يعملان من أجل الهدف ذاته، لافتاً إلى انه «لا يوجد بديل آخر أمام السوريين سوى الجيش السوري الحر للدفاع عن أنفسهم».