لندن، باريس - «الحياة»، أ ف ب - يدفع شلل الأممالمتحدة ورفض أي تدخل عسكري الدول التي تطالب بوقف القمع في سورية إلى سيناريو طبق في ليبيا من قبل ويقضي بتسليم المتمردين أسلحة والاعتراف بالمعارضة كمحاور وحيد، فيما يحذر مراقبون من أن تسليح المعارضين سيزيد من أعمال القتل. ومنذ أن عطلت موسكو وبكين تبني قرار ضد سورية في مجلس الأمن وتكثف القصف على حمص معقل الحركة الاحتجاجية في سورية، تتزايد الدعوات إلى مساعدة المتمردين السوريين داخل البلاد وبين المعارضين في الخارج. وكان «المجلس الوطني» و»الجيش السوري الحر» دعا رجال الأعمال العرب والسوريين إلى تمويل عمليات المتمردين ضد نظام الأسد. لكن بعض المتمردين يطالبون بالمزيد. وقال احد قادة» الجيش الحر» اكتفى بالتعريف عن نفسه باسم محمد هذا الأسبوع «لدينا العدد الكافي (من العناصر) ولا ينقصنا سوى الأسلحة». وأضاف في مؤتمر عقد قرب دمشق وتم بثه عبر الإنترنت «نريد دعماً عسكرياً ونحتاج إلى معدات». وكان السيناتور الأميركي جون ماكين دعا الثلثاء الولاياتالمتحدة إلى التفكير في تسليح المعارضة السورية. وقال لعدد من الصحافيين «علينا أن نبدأ بطرح كل الخيارات بما فيها خيار تسليح المعارضة. يجب وقف حمام الدماء» في هذا البلد. كما قدم برلمانيون أميركيون الجمعة مشروع قرار غير ملزم يدعو الولاياتالمتحدة إلى تقديم مساعدة «مادية وتقنية كبيرة» إلى المتمردين في سورية. وقدم السيناتور الديموقراطي روبرت كيسي والسيناتور الجمهوري ماركو روبيو نصاً يدعو الرئيس باراك أوباما إلى «دعم انتقال فعلي إلى الديموقراطية في سورية (...) عبر تقديم دعم تقني ومادي كبير». وفي الوقت نفسه ذكرت قناة «سي إن إن» إن وزارة الدفاع والقيادة الوسطى المكلفة الشرق الأوسط، «تجريان مراجعة تمهيدية للقدرات العسكرية الأميركية» استعداداً لأي سيناريو. وفي هذا النوع من التحليلات يدرس العسكريون في شكل عام كل الخيارات من المساعدة الإنسانية ودعم مجموعات المعارضة إلى الضربات الجوية مع أن الأخيرة غير مرجحة. لكن بعض أعضاء المجلس يرون انه من المبكر جداً طلب أسلحة. وقال عماد الحصري الناطق باسم «التنسيقيات» المعارضة «يمكننا طلب المال وطلب المساعدة اللوجستية. نطلب أسلحة؟ لم لا. لكن قبل ذلك يجب التوصل إلى وقف شحنات الأسلحة الروسية والصينية والإيرانية للنظام». لكن مع أن حدة حملات القمع تتزايد في سورية، فإن الدول الغربية لا تزال تستبعد تماماً أي تدخل عسكري على الطريقة الليبية في هذا البلد، لأن الأخطار الناجمة عن تدخل من هذا النوع في بلد شديد التسلح ومدعوم من حلفاء أقوياء تبقى كبيرة جداً. من واشنطن إلى مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل مروراً بباريس ولندن وغيرها من العواصمالغربية، تزداد اللهجة حدة يوماً بعد يوم ضد نظام الرئيس الأسد، من دون أن تكون هناك أي إشارة إلى خطوة تصعيدية إضافية على الأرض ضده. وكرر الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن مراراً أمام الصحافيين موقف الحلف من الوضع في سورية. وقال في احد تصريحاته الأخيرة بهذا الصدد «دعوني اكن واضحاً جداً: لا نية للحلف الأطلسي على الإطلاق بالتدخل في سورية». وكانت صحيفة « فاينانشيال تايمز» ذكرت في تقرير لها أمس انه مع استمرار قصف النظام السوري لمدينة حمص في محاولة لسحق الانتفاضة ضده يتصاعد الجدل في شأن تسليح «الجيش السوري الحر» المناوئ لنظام الأسد. ونقلت الصحيفة وجهة نظر المؤيدين لتسليح المعارضة الذين يرون في استمرار قصف حمص مبرراً لتسليح المعارضة لترد على عنف النظام. أما وجهة النظر الأخرى المعارضة فترى أن تسليح المعارضين سيزيد من أعمال القتل. ولفت التقرير إلى أن جماعات الضغط المرتبطة بالمعارضة السورية، وبمعاونة نشطاء اميركيين، تروج لتسليح المعارضة عبر معاهد ومؤسسات الفكر الأميركية، علماً أن إدارة باراك أوباما تستبعد حتى الآن التدخل العسكري، وتطالب بما تسميه «حواراً تفاوضياً حول انتقال ديموقراطي». ولفت التقرير إلى أن بريطانيا وفرنسا لا تريدان تكرار دورهما في ليبيا، كما أن تركيا تسعى للبحث عن حل للأزمة السورية لكنها لا تتحدث عن تدخل عسكري.