دمشق - «الحياة»، ا ف ب، رويترز - مع تأكيد كل من النظام السوري ومصادر المعارضة امس بدء المعركة الحاسمة التي يخوضها الحكم لاستعادة سيطرته على مدينة حلب، تضاربت المعلومات عن حقيقة التقدم الذي يحرزه كل من الفريقين، في حين ظهرت مخاوف من ان يكون مصير هذا الحي شبيهاً بما حصل في بابا عمرو في حمص، خصوصاً ان الثقل العسكري لقوات المعارضة يتركز فيه. (راجع ص 8 و9) وفي حين اكد النظام اقتحام قواته الحي الواقع غرب المدينة و»سيطرتها الكاملة» عليه، نفى «الجيش السوري الحر» ذلك. وقال العقيد عبد الجبار العكيدي رئيس «المجلس العسكري» في حلب التابع لهذا الجيش ان الهجوم «همجي وعنيف، لكن النظام لم يسيطر على الحي». وذكر ان النظام يقصف بالمدفعية والمروحيات مختلف المناطق التي سبق ان سيطرت عليها قوات المعارضة في الاسابيع الماضية لكن المعركة الرئيسية تتركز على حي صلاح الدين. وذكر قائد «كتيبة الحق» في «الجيش الحر» النقيب واصل ايوب ان هذا الجيش استعاد في هجوم مضاد شنه بعد الظهر ثلاثة شوارع من اصل خمسة سبق ان سيطرت عليها القوات الحكومية. وقال ان الهجوم المضاد اتى بعد وصول تعزيزات قوامها نحو 700 مقاتل من احياء السكري وبستان القصر والشعار ومساكن هنانو التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شرق حلب وجنوبها. واضاف ان الجيش النظامي «يسيطر الآن فقط على دوار صلاح الدين وشارعين محاذيين لكنهما ليسا رئيسيين». وقال ان الدليل على تراجع جيش النظام هو القصف المدفعي من قبل قواته والذي بدأ يستهدف الحي، مضيفا ان ثلاث مروحيات وطائرة نفاثة تشارك في عمليات القصف». غير ان التلفزيون السوري نفى هذه المعلومات. واكد في نشرات متلاحقة بثها طوال النهار ان قوات النظام شقت طريقها في حي صلاح الدين وقتلت غالبية مقاتلي المعارضة هناك ودخلت أجزاء أخرى في المدينة في هجوم جديد. وقال أن عشرات «الإرهابيين» قتلوا في حي باب الحديد القريب من القلعة القديمة وباب النيرب في الجنوب الشرقي. وذكرت مصادر امنية سورية ان الجيش النظامي حشد نحو 20 الف جندي، مقابل ما بين ستة الى ثمانية آلاف من عناصر «الجيش الحر»، حيث يعتبر الطرفان معركة السيطرة على حلب بانها «حاسمة»، خصوصا مع وقوع مناطق ريف حلب شمال المدينة في قبضة «الجيش الحر» وصولا الى الحدود التركية. وافاد مصدر امني سوري ان الهجوم على صلاح الدين بدأ الساعة الرابعة فجرا. وقال ان الجيش سيطر على شارعي الملعب والشرعية (في صلاح الدين) بعد معارك عنيفة. ولفت الى ان القوات النظامية «فوجئت بعد هذه الاشتباكات العنيفة بالانهيار الشامل» الذي اصاب مواقع المقاتلين المعارضين، مضيفا ان «هناك الكثير من الخسائر» في صفوفهم. وكشف المصدر الامني ان «خطة الجيش النظامي تقضي بالسيطرة على حيي صلاح الدين وسيف الدولة غرب مدينة حلب تمهيدا للهجوم على الاحياء الشرقية من المدينة». وتوقع ان يستمر تنظيف جيوب المقاومة حتى صباح اليوم. واكد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اشتباكات عنيفة كانت تدور طوال النهار في شارعي العشرة والشرعية في صلاح الدين، وقال ان الجيش النظامي دمر ثانوية الشرعية بالكامل كما دمر مدرسة القنيطرة التي كانت مقرا لاحدى كتائب الثوار. واشار المرصد الى ان القوات النظامية تتكبد خسائر فادحة نتيجة المقاومة الشرسة من قبل مقاتلي المعارضة لاستعادة السيطرة على حي صلاح الدين. من جهة اخرى، تراجعت ايران امس عن الاتهامات السابقة للمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا بالمسؤولية عن اختطاف 48 زائرا ايرانيا في سورية. وعلمت « الحياة » ان اجتماعا عقد في وزارة الخارجية الإيرانية برئاسة معاون وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان لدراسة ظروف عقد الاجتماع التشاوري وامكان عقده اليوم او تأجيله، او عقده علي مستوي سفراء الدول بعد اعتذار اكثر الدول المدعوة لهذا الاجتماع عن ارسال وزير خارجيتها. في هذا الوقت رد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو على تصريحات رئيس الاركان الايراني فيروز ابادي التي حمّل فيها تركيا مسؤولية اراقة الدماء في سورية واتهمها بمساعدة الولاياتالمتحدة في تحقيق أهدافها. وقال داود اوغلو إن بلاده حذرت إيران «على نحو صريح وودي» من إلقاء المسؤولية على أنقرة في أعمال العنف في سورية. واعتبر داود أوغلو، بعد المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي، ان تصريحات ابادي تنطوي أيضا على إمكان الإضرار بإيران. وأضاف «نتوقع أن يفكر هؤلاء المسؤولون (الايرانيون) مرات قبل الإدلاء بأي تصريحات. وجرى شرح موقفنا من المشكلة للسيد صالحي بشكل صريح وودي». في موازاة ذلك، ذكر رئيس «المجلس الوطني السوري» عبد الباسط سيدا أنه طلب حضور قمة التضامن الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وستعقد نهاية الأسبوع المقبل في مكةالمكرمة. وقال سيدا في اتصال مع «الحياة» من مقر إقامته في إسطنبول ان المجلس ابدى رغبته في حضور القمة بصفة مراقب، واضاف: «نحن ننتظر الجواب من الأشقاء في السعودية، وقمة مكة مهم بالنسبة إلينا، لأنها جاءت بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الذي عودنا على المواقف النبيلة تجاه أهلنا في سورية، وهي مواقف دائماً ما تأتي في الوقت المناسب». واعتبر ان «كل مقومات النجاح متوافرة للقمة، خصوصاً أن الوضع في سورية لا يطاق، فعمليات القتل مازالت مستمرة في رمضان، والسلطة مصممة على تدمير البلد وقتل المواطنين بصورة ممنهجة، لذلك لا بد من لقاء يجمع الدول الإسلامية لاتخاذ موقف مناسب يحترم تطلعات الشعب السوري». وكشف عضو المكتب الإعلامي في المجلس الوطني السوري محمد سداد العقاد عن لقاء جمعه ومجموعة من معارضي النظام السوري بالأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو في جدة، وقال ان الوفد شرح له رغبة «المجلس الوطني» في الحضور والمشاركة، ووعد اوغلو بدعم هذا الطلب.