رفضت الصين الانتقادات التي وجهت الى موقفها بشأن سورية، مكررة موقفها من ان التدخل الخارجي في هذا البلد لن يفيد، واتهمت عدداً من الدول بنسف خيار الحل السياسي للنزاع غداة إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً دان بغالبية ساحقة الحكومة السورية، منتقداً عجز مجلس الامن الدولي عن الضغط على دمشق. وفي غضون ذلك، أعلنت فرنسا انها ستنتهز فرصة رئاستها مجلس الامن في آب (اغسطس) لتطوير المساعدة الى الشعب السوري في غياب تقدم سياسي، محذرة موسكو من «كارثة نهائية». وفي مؤتمر صحافي نظم في بكين على عجل غداة توجيه الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون نداء الى الدول الكبرى يطلب فيه منها تجاوز «خلافاتها» لإنهاء النزاع في سورية، دعا المسؤول الرفيع في الخارجية الصينية وانغ كيجيان السبت الى «عدم التسرع في اغلاق النافذة امام حل سياسي، ناهيك عن البدء في التدخل العسكري»، ولفت الى ان بكين تتفهم رغبة الدول العربية وجامعة الدولية العربية في الاسراع بحل الازمة السورية، مضيفاً «أكدنا عدة مرات لمختلف الاطراف، أن مطالب الشعب السوري وتطلعاته من اجل التغيير والدفاع عن مصالحه المشروعة تستحق الاحترام». وقال: «يجب على الحكومة السورية ان تطبق إجراءات ملموسة للتجاوب مع هذه المطالب. لقد شددنا مراراً على ان مستقبل سورية ومصيرها يجب ان يحدده الشعب السوري بصورة مستقلة». وتابع وانغ أن «الصين تتخذ موقفاً ايجابياً ومنفتحاً»، واضاف أن «الدول التي توجه انتقادات بلا أساس حول الموقف الصيني من سورية (...) وتدافع عن مصالحها الجيوستراتيجية، تسعى الى عرقلة، او حتى نسف الحل السياسي للنزاع، كما تحاول في الوقت نفسه تحميل دول اخرى مسؤولية الصعوبات». واقرت الجمعية العامة للامم المتحدة الجمعة قراراً رمزياً غير ملزم، على عكس القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي، والذي يعبر عن «القلق البالغ» من تصاعد العنف في سورية ويندد بشكل خاص بقصف القوات النظامية السورية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، كما انتقد مجلس الامن لتقاعسه عن التحرك. واقر مشروع القرار الذي صاغته السعودية بموجب 133 صوتاً، مع رفض 12 دولة منها روسيا والصين. وكما كان متوقعاً، كانت روسيا، الحليف القوي للرئيس السوري بشار الاسد، والصين بين الدول الاثنتي عشرة التي صوتت ضد القرار، حيث لا تملك اي دولة حق النقض، لكن القرارات غير ملزمة. ومن بين الدول الأخرى التي عارضت القرار أيضاً، ايران وكوريا الشمالية وروسياالبيضاء وكوبا ودول أخرى دائما ما تنتقد الغرب. وقال ديبلوماسيون غربيون إن التصويت أبرز عزلة روسيا والصين اللتين تؤيدان الاسد. وكانت روسيا والصين قد صوتتا ضد مشروع قرار لمجلس الامن بشأن سورية الشهر الماضي، وهي ثالث مرة تستخدم فيها الدولتان الفيتو لعرقلة مشاريع قوانين تستهدف عزل الاسد وإنهاء الصراع الذي مضى عليه 16 شهراً وأودى بحياة الآلاف. في غضون ذلك، صرح سفير فرنسا في الاممالمتحدة جيرار ارو السبت، أن باريس ستنتهز فرصة رئاستها مجلس الامن الدولي في آب، لتطوير المساعدة للشعب السوري في غياب تقدم سياسي، محذراً موسكو من «كارثة نهائية». وقال ارو لإذاعة «اوروبا-1» إنه بشأن «التقدم على الصعيد السياسي، عليّ الاقرار بأنني أعتقد أن الأمر سيكون صعباً». واضاف: «لكن هناك اموراً يمكننا تحقيقها من وجهة النظر الانسانية، لأننا ننسى انه وراء العراقيل في مجلس الامن الدولي او استقالة (كوفي) انان، هناك معاناة السوريين». وتولت فرنسا في الاول من آب ولمدة شهر، الرئاسة الدورية لمجلس الامن. وتابع: «سنحاول العمل لنجذب روسيا والصين حول المسائل الانسانية على الاقل»، مذكراً بأن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ينوي عقد اجتماع وزاري في نهاية الشهر الجاري في نيويورك في مجلس الامن. وقال الديبلوماسي الفرنسي: «هناك ثلاثة ملايين سوري حالياً تنقصهم الادوية والغذاء، ولا منفذ انسانياً لهم سوى الهلال الاحمر السوري، الذي يقوم بأعمال رائعة لكنها تتجاوز قدراته». واضاف: «نأمل ان يصغي هذان البلدان للأسرة الدولية» بعد استقالة الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان، الذي وجد نفسه «عاجزاً» من دون دعم مجلس الامن. من جهة اخرى، عبر السفير الفرنسي عن أسفه لغياب الضغوط على أعلى مستوى دولي على نظام بشار الاسد. وقال إن «الروس يقولون إنه بالنسبة إليهم إما الاسد أو الإسلاميون، وإنهم ليسوا متمسكين بالأسد لكنهم لا يريدون الإسلاميين، ونحن نرد عليهم أن الاسد سيسقط، ونتوقع ان تصبح المقاومة اكثر تشدداً». وتابع أرو: «إننا نشهد أصلاً ظهوراً للقاعدة في سورية، وفي نهاية المطاف سنصل الى النتيجة التي يخشاها الروس». وأوضح السفير الفرنسي: «علينا اقناع الروس والصينيين بأنهم على طريق خطأ، وأنهم يجرّوننا الى الكارثة النهائية والحرب الاهلية والفوضى، وربما انتصار المتشددين، بينما حالياً الشعب السوري هو الذي يقاتل لا المتشددون». واخيراً حذر السفير الفرنسي من «مجازر جديدة» في حلب، وقال ان «المعركة الحقيقية ستبدأ في حلب على ما يبدو. النظام يقوم بتجميع قوات وأسلحة ثقيلة جداً حول المدينة، وقد نشهد في الساعات او الأيام المقبلة اعمال عنف جديدة ومجازر جديدة». إلى ذلك، قال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إن أي شخص يخلف الوسيط الدولي في شأن سورية كوفي أنان لا بد أن يتبع استراتيجية جديدة بسبب ما وصفه بإخفاق خطة أنان للسلام المؤلفة من ست نقاط. وأضاف في تصريح لقناة «الجزيرة» أمس «يجب أن يكون هناك تعديل واضح لهذه الخطة لأن قضية النقاط الست انتهت ولم ينفذ منها أي شيء. ويجب أن يكون هناك إرادة دولية لعمل شيء إذا استمر مجلس الأمن في طريقة التعطيل المتبعة حالياً بسبب اختلاف الدول الكبرى على حساب الشعب السوري». وقال أنان الخميس الماضي إنه استقال من منصبه كوسيط مشترك للجامعة العربية والأممالمتحدة في شأن سورية. وتركزت خطته للسلام على وقف لإطلاق النار في نيسان (أبريل) بين الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة كخطوة أولى نحو إجراء حوار سياسي. ولم يتم وقف إطلاق النار أبداً وقتل آلاف المدنيين والجنود ومقاتلي المعارضة منذ الاتفاق عليه. وأنحى الشيخ حمد باللائمة في إخفاق الخطة على «المماطلة لدى الجانب السوري» وتزايد وتيرة القتل. وتابع «نحن كدول عربية لن نقبل أن يكون هناك مندوب آخر يمثل العرب مع مجلس الأمن لأن الظروف تغيرت تماماً». وزاد «أي مندوب جديد إلى سورية، إذا كانوا يريدون الدول العربية أن تساهم، يجب أن يغير مهمته، وتصبح لنقل سلمي للسلطة في سورية». وكان السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري ذكر الجمعة أنه تلقى مع عائلته تهديدات بالقتل، وقد أبلغ السلطات الأميركية بذلك.