في العام 2004، وفي ظل تعثر الولاياتالمتحدة في حرب العراق وبطء العجلة الاقتصادية، نجح الرئيس السابق جورج بوش الابن، في هزيمة الديموقراطيين ومرشحهم جون كيري، من خلال شنّ حملة إعلانية ضخمة «أعادت تعريف» كيري بالنسبة إلى الناخب الأميركي وحرمته من الفوز. وبعد ثماني سنوات، توظّف الماكينة الانتخابية للرئيس باراك أوباما استراتيجية بوش، في مواجهتها المرشح الجمهوري ميت رومني. إذ أطلق فريق أوباما، قبل أقل من خمسة شهور على انتخابات الرئاسة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، حملة إعلانية منظمة تنال من الرصيد الاقتصادي والضريبي لرومني، وتصوّره مرشحاً نخبوياً لا صلة له بالطبقة الوسطى. ويعود إلى تلك الحملة الفضل الأكبر في إبقاء أوباما في صدارة نيات التصويت، على رغم أرقام البطالة المرتفعة (8.2 في المئة) ونجاح المرشح الجمهوري في جمع 106 ملايين دولار من التبرعات في حزيران (يونيو) الماضي، وهذا رقم قياسي لحملته الانتخابية، في مقابل 71 مليوناً لأوباما. واعتبر سبنسر زويك، المسؤول المالي في حملة رومني، أن «جمع التبرعات خلال هذا الشهر يعطي مؤشراً إلى أن الناخبين يريدون تغييراً في واشنطن». وأقرت حملة أوباما ب «هزيمتها» في جمع التبرعات، محذرة من أن ذلك قد يؤدي إلى خسارة الرئيس الديموقراطي الانتخابات، «إذا لم تتمكن من تقليص الفارق». وتعكس استطلاعات الرأي تفوّق أوباما على منافسه بمعدل 3 نقاط مئوية على المستوى الوطني، وبفارق يراوح بين نقطتين و8 نقاط في معظم الولايات الحاسمة، ومن بينها أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا التي حددت اسم الفائز في الانتخابات السابقة. ويستفيد أوباما من دعم ضخم بين الأقليات، خصوصاً اللاتينية، بنسبة 66 في المئة في مقابل 26 في المئة لرومني. ويُعتبر الصوت اللاتيني حاسماً في ولايات الغرب، خصوصاً كولورادو وأريزونا ونيو مكسيكو، وأيضاً في فلوريدا التي فاز فيها بوش الابن حاصداً الصوت اللاتيني. واستعارت حملة أوباما الاستراتيجية الهجومية ذاتها من بوش، للحفاظ على الصدارة، على رغم المؤشرات الاقتصادية القاتمة. فالهجوم المبكّر على رومني، من خلال إعلانات تنتقد أداءه الاقتصادي حين كان حاكماً لولاية ماساتشوستس وتراجع ترتيبها بين الولايات في إيجاد وظائف، إلى المرتبة 47، وربط عمله بالقطاع الخاص باتهامات تصديره وظائف إلى خارج الولاياتالمتحدة، قوّض صورة المرشح الجمهوري وشلّ إلى حد كبير قدرته على إعادة تعريف نفسه للناخب الأميركي. كما أن حملة الضغط الجديدة على رومني، ليكشف سجلاته الضريبية في السنوات ال12 الماضية، ويفصح عن حجم استثماراته وأمواله في مصارف خارجية، لا تساعد في تلميع صورته في أوساط الطبقة الوسطى. وتحاكي تلك الاستراتيجية حملة بوش على كيري العام 2004، إذ نالت من رصيده في حرب فيتنام، وشوّهته في إعلانات دمّرت سمعته بصفته بطل حرب، وهذا ما لم يستطع كيري التعافي منه. ورجّحت صحيفة «واشنطن بوست» أن يعلن رومني اسم مرشحه لمنصب نائب الرئيس، قبل قيامه بجولة خارجية نهاية الشهر، ستقوده إلى أوروبا وإسرائيل. ومن أبرز المرشحين السيناتور عن ولاية أوهايو روب بورتمان المعروف بعلاقته الجيدة مع عائلة بوش، والحاكم السابق لمينيسوتا تيم بولنتي، وحاكم لويزيانا المحافظ بوبي جيندال، إضافة إلى السيناتور اللاتيني الأصل ماركو روبيو. وبرز أيضاً اسم وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، على رغم تأكيدها مراراً أنها ليست مهتمة بالمنصب.