مع اتضاح الصورة الانتخابية في الولاياتالمتحدة، وانطلاق المواجهة فعلياً بين الرئيس باراك أوباما والمرشح المفترض للجمهوريين ميت رومني، تذهب التوقعات نحو حملة انتخابية باهظة وسلبية بين الرجلين، تهيمن عليها القضايا الاقتصادية وأخرى تهمّ الأقليات، خصوصاً اللاتينية منها. ويبرز في سباق 2012 تراجع الحماسة الانتخابية لدى الأميركيين، بعد خيبة أمل بعضهم من أوباما وفشل رومني، بشخصيته النخبوية وآرائه المعتدلة، في إثارة حماسة القاعدة اليمينية. وإذ فرض رومني نفسه مرشحاً للحزب الجمهوري، عددياً من خلال جمعه 844 مندوباً، وانتخابياً بعد انسحاب معظم منافسيه، وآخرهم الرئيس السابق لمجلس النواب نيوت غينغريتش الذي سيعلن رسمياً نهاية حملته الأربعاء المقبل، انطلقت فعلياً الحملة الرئاسية الأميركية بين أوباما والحاكم السابق لولاية ماساتشوستس. وقال جيم ميسينا، مدير حملة أوباما: «أهلاً بكم في الانتخابات. اتفق الجمهوريون على مرشحهم، بل الأحرى أن أقول قبلوا بمرشحهم». وأعلن أن الرئيس الأميركي وزوجته ميشيل سيبدآن في 5 أيار (مايو) المقبل، جولاتهما الانتخابية في ولايتي أوهايو وفرجينيا. واعتبر أن رومني «يريد العودة إلى الوراء. خطته الاقتصادية معروفة ومربكة. خفض الضرائب عن الأثرياء وتخفيف القيود في بورصة وول ستريت، وهذه الصيغة هي التي أدت إلى انهيار اقتصادنا وأضرت بالطبقة المتوسطة» خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008. ولعل العناوين الاقتصادية ستكون الأبرز في الحملة، وهذا ما يحاول الجمهوريون التركيز عليه، ورسم مفارقة بين وعود أوباما عام 2008 والوضع الاقتصادي الآن، إذ تبلغ نسبة البطالة 8.2 في المئة كما أن عجلة النمو أكثر بطئاً بكثير مما كان متوقعاً للاقتصاد الأميركي. وإذ يستفيد رومني، وهو رجل أعمال ناجح، من خبرته الاقتصادية، تشكّل مواقفه الجانحة إلى اليمين خلال معركة الانتخابات التمهيدية، أبرز مشكلة أمامه الآن، إذ وظفت حملة أوباما، وبناءً على نصيحة من الرئيس السابق بيل كلينتون، هذه المواقف وخصوصاً في شأن قضايا الهجرة والإجهاض والمثليين، لتصوير رومني في خانة «اليمين المحافظ»، ما يجعله مقبولاً بنسبة أقل للناخبين المستقلين، وللمعتدلين في الحزبين. لكن رومني سيحاول كسر هذه الصورة والعودة إلى موقع الوسط، من دون المجازفة بخسارة القاعدة اليمينية التي لديها تحفظات كبيرة عليه، خصوصاً أنه من مذهب المورمون الذي يرفضه بعض الإنجيليين. وتبرز ضمن المصاعب التي يواجهها رومني، عدم شعبيته بين الأقليات وأوساط النساء والشباب، وحيث يتقدم أوباما بأكثر من 15 نقطة (استطلاع لشبكة سي أن أن)، إذ على رغم خيبة الأمل لدى القاعدة الليبرالية من رصيد أوباما، ما زال الأخير يحظى بصورة إيجابية لدى الناخبين، وتساعده سيرته الذاتية وقوته الخطابية في فرض حضور أكثر قوة من منافسه الجمهوري. تراجع الحماسة الانتخابية واللافت في هذه الحملة تراجع الحماسة الانتخابية لدى الحزبين، وذلك في مفارقة كبيرة عن انتخابات 2008 التي شهدت نسب إقبال تُعتبر سابقة. ويتقدّم أوباما الآن بمعدل 5 نقاط، في استطلاعات الرأي، كما يتفوق على رومني في الولايات الحاسمة، مثل أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا. من هنا سيحاول رومني اختيار اسم لنائب الرئيس، يساعده في هذه الولايات وبين الأقليات. ويتقدم هذه الدائرة من المرشحين، السيناتور الكوبي الأصل مارك روبيو (فلوريدا) والسيناتور عن أوهايو روب بورتمان. وسيساعد روبيو المرشح الجمهوري في حصد الصوت اللاتيني، كونه قد يكون أول لاتيني يشغل هذا المنصب. أما بورتمان فسيمنح الجمهوريين خبرة اقتصادية واسعة ويساعد في اصطياد ولاية أوهايو التي حسمت السباق لمصلحة جورج بوش عام 2008. وتغيب القضايا الخارجية إلى حد كبير عن هذه الحملة، على رغم التباعد بين أوباما ورومني في الملفات الشرق أوسطية، إذ يفضل المرشح الجمهوري خطاباً قوي اللهجة يلوح بخيار عسكري ضد إيران، وعلاقة أكثر قوة مع إسرائيل وأداءً أميركياً أكثر قيادية في ملفات «الربيع العربي». ويضم الفريق الاستشاري لرومني، وليد فارس، وهو لبناني الأصل ويُعتبر من اليمين المتشدد وله مواقف مثيرة للجدل حول الحركات الإسلامية. وستحدد المعطيات الاقتصادية في شكل أساسي خريطة السباق، إذ سيعني استمرار الوضع على ما هو عليه، حظوظاً أكبر لأوباما في الفوز بولاية ثانية، فيما ستكون أي مفاجآت اقتصادية أو ركود جديد، لمصلحة رومني، كما أفادت الأزمة المالية العالمية عام 2008، الرئيس الحالي ليتفوق على السيناتور الجمهوري جون ماكين.