أكد عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي السابق القاص محمد علي قدس، أن ما آلت إليه الأندية الأدبية في المملكة من أوضاع، كان نتيجة طبيعية للتخطيط الذي خطط لها، مشيراً إلى أن ما بني على خطأ فهو خطأ. وقال قدس في حوار مع «الحياة» أن وكالة الثقافة ألحقت الضرر بالأندية وبالثقافة من خلال لائحتها، مضيفاً أن مجلس إدارة نادي جدة الجديد ارتكب خطأ حين تسلمت النادي وملفاته قبل حضور اللجنة المعنية. ولفت إلى أنه مشغول حالياً بكتابة أعماله الدرامية للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى كتابة سيرته الذاتية لتكون شاهداً على الحركة الثقافية والأدبية، من خلال الأحداث والأسماء... إلى تفاصيل الحوار: أنت من أبرز المثقفين الذين كانت لهم مكانة مهمة في نادي جدة الأدبي، واليوم وبعد أن تركت مكانك ذاك... كيف ترى واقع الأندية الأدبية، ولا سيما نادي جدة الأدبي؟ - ماذا نتوقع غير الذي آل إليه وضع الأندية الأدبية الآن، وما اتضحت صورته لنا في مشهدنا الثقافي. أرى أنها نتيجة طبيعية لما خطط له، وما بني على خطأ فهو خطأ. لنرجع إلى إجابات الأدباء والمثقفين على السؤال المطروح أخيراً، لماذا فشلت الأندية الأدبية في عقد جمعياتها العمومية بنصابها القانوني، فهذا أستاذنا محمد العلي اعتبر ما حدث تدميراً للثقافة، والبعض يؤكد أنها إخفاقات لوزارة الثقافة، تسببت في فشل الأندية، والسبب وهو جوهر مبررات الطعون التي تقدم بها الأدباء القلائل الذين شاركوا في الانتخابات ويمثلون الثقافة والأدب، يكمن في لائحة الأندية الأدبية، وما بها من خلل، مما ألحق الضرر بالأندية ومستقبلها. وعلى حد قول الدكتورة لمياء باعشن، التي كانت إحدى ضحايا تكتلات الانتخابات، أن شروط اللائحة كانت بحق العقبة والمانعة. حين صدرت اللائحة، عقب تأسيس الأندية عام 1975، اشترطت أن يكون العضو المنتسب إلى النادي له إنتاج أدبي أو اهتمامات بالأدب والثقافة. في رأيكَ... ما أبرز عيوب هذه اللائحة؟ - اللائحة الجديدة فتحت المجال لكل راغب من دون استثناء ولا شروط، وهو ما أحدث الفجوة الكبيرة التي أثرت تأثيراً واضحاً في انتخابات الأندية، فقد تشكلت الجمعيات العمومية للأندية من أعضاء لا علاقة لهم بالأدب ولا خلفية لديهم عن معطايات الفعل الثقافي ومتطلباته، ولا يشترط ميولهم الأدبية واهتمامهم بالثقافة، لذلك من الطبيعي أن يقاطع الأدباء والمثقفون الأندية وأن يخلو الجو لمن لا علاقة لهم بالثقافة والعطاء الأدبي. ولا سيما أن الكثير منهم أدركوا أن مهمتهم كانت محددة بحضورالانتخابات والتصويت لمن جاؤوا من أجل إعطائهم أصواتهم، وانتهى الأمر. ما الحل إذنْ؟ - نعتقد جميعاً بأنه لا حل إلا بإعادة النظر في اللائحة، وإن كان البعض يظن أن الحل في العودة إلى ما سارت عليه الأندية في الفترات الماضية بتعيين مجالس إدارات الأندية، وهو يتعارض مع طموحاتنا، لكننا نرى أنه أهون وأخف ضرراً مما هي الحال عليه الآن، وكان التعيين لا يأتي بأسماء بعيدة عن الثقافة وهمومها. قبل مدة أعلن مجلس الإدارة الجديد في النادي عثوره على عشرات الآلاف من الكتب في مخزن النادي، وأن بعضها أصابه التلف بسبب الغرق، وتعود هذه الكتب، إلى الفترة التي كنت أنت فيها أحد المسؤولين في النادي... كيف تتعامل أنت، بصفتك مثقفاً من جدة ومسؤولاً في ناديها، مع مثل هذه الأخبار، ولا سيما ما قاله رئيس النادي الدكتور السلمي أنه وجد النادي مديوناً وأنهم صرفوا عليه من جيوبهم الخاصة؟ - في ما يتعلق بالمخزون من الكتب... ماذا ننتظر وكل نادٍ يصدر سنوياً ما معدله 5-6 مطبوعات غير ما يصدر من دوريات. وعدد المطبوع من كل إصدار ثلاثة آلاف نسخة، ولا يتم تصريف هذه المطبوعات، اتفق النادي في السابق مع عدد من دور التوزيع لبيع إصداراته بأسعار زهيدة، وكان الرجيع من الكتب ما جعلنا نعيد التفكير في الاتفاق مع المؤلفين على أن تكون مكافأتهم بنسبة 70 في المئة من المطبوع للحد من التخزين، والموجود من القديم الذي لم يشمله الاتفاق الأخير، كما أننا خصصنا في مدخل النادي في مبناه القديم زاوية لبيع إصدارات النادي بأسعار زهيدة، إضافة إلى توزيعها مجاناً خلال إقامة النشاطات وفي ندوات قراءة النص، ومع ذلك ظلت نسبة المخزون عالية. فإذا كانت دور النشر الكبرى قد عانت من هذه الأزمة والتي يهمها الربح، فكيف لا تعاني الأندية من مخزون الإصدارات التي لا تجد تصريفاً ولا تهتم بالتسويق. ماذا عن الأمور المالية؟ - ما يتعلق بالأمور المالية وما نشر حول الديون، أعتقد بأن الإدارة السابقة معنية بالرد على هذه الأمور، ولا سيما أني بعيد كل البعد عن الأمور المالية حتى خلال وجودي في مجلس الإدارة، فما بالك وأنا بعيد عنه. وأعتقد بأن الإدارة الجديدة التي تسلمت النادي حالياً، لم تنتظر اللجنة التي يفترض أن تحضر ليتم تسليم النادي لها رسمياً، وارتكبت خطأ حين تسلمت النادي قبل حضور اللجنة، فمجلس إدارتنا برئاسة الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وكنت من المسؤولين عن تسليم النادي، تم بحضور اللجنة تسليم الأوراق والملفات والعُهَد، إضافة إلى البيانات المالية والإدارية ومحتويات المكاتب والمكتبة، وجرى التوقيع على محضر، تسلم بعده مجلس إدارة الدكتور عبدالمحسن القحطاني النادي، ولم يباشر العمل إلا بعد أن تمت إجراءات التسليم بحضور اللجنة الرسمية. ما الذي يشغلك اليوم، أينك من القصة وكذلك الرواية؟ - ما يشغلني الآن بعد تقاعدي، هو تفرغي لكتابة أعمالي الدرامية للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى كتابة سيرتي الذاتية لتكون شاهداً على الحركة الثقافية والأدبية من خلال الأحداث والأسماء، كأساتذتي الكبار أمثال العواد، عزيز ضياء، الزيدان، السباعي، وغيرهم، خلال الفترة ما بين 1970و2008، كذلك أصدرت مجموعتي القصصية السادسة «ظمأ الجذور» وقمت بالتوقيع عليها أخيراً ضمن احتفاليات معرض الكتاب الدولي بالرياض. ويشغلني الآن مواصلة إعدادي للبرنامج الدرامي الثقافي (المسرح العالمي) الذي دخل عامه الرابع، وأقدم فيه روائع المسرح العالمي وإبداعاته الخالدة، لإذاعة جدة في قالب درامي أستعرض فيه أهم المشاهد في فصول المسرحيات، مع إلقاء الضوء على العمل المسرحي ومبدعيه الرواد، شكسبير، موليير، بريخت أبسن، دوماس، تشيخوف، باندللو، إضافة إلى رواد المسرح العربي، الحكيم، باكثير، الماغوط، ونّوس، وغيرهم، حقيقة أنا أستمتع - والحمدلله - بأسعد أوقاتي حالياً، وقد تفرغت تماماً للقراءة والكتابة والتأمل. قدس: بقائي من عدمه في جائزة العواد لا يقرره «أدبي جدة»