لا يذكر المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل أجواء عدائية وتحريضاً عنصرياً عليهم منذ عام 2000، حين هبوّا لنصرة أخوتهم في الضفة الغربية مع اندلاع الانتفاضة الثالثة فواجهتهم الشرطة بالرصاص الحي وقتلت 13 شاباً، كالتي يواجهونها في الأسابيع الأخيرة. ومنذ اندلاع الحرب الحالية على قطاع غزة، وكما في كل حرب تشنها إسرائيل يتم فيها تضييق هامش التعبير عن الرأي المتاح للعرب، ورداً على تظاهرات احتجاجية سلمية في أنحاء البلدات العربية تضامناً مع سكان القطاع ومعاناتهم، يتعرض الفلسطينيون في الداخل، البالغ عددهم مليوناً ونصف مليون، إلى هجمة شرسة تقودها الشرطة واليمين المتطرف، قادةً وشارعاً، وتغذيها شبكات التواصل الاجتماعي. وطبقاً لمصدر في مركز «عدالة» القانوني لحقوق الأقلية الفلسطينية، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من 500 شابة وشاب، أكثر من ثلثهم قاصرون. وتكاد لا تمر ليلة من دون قيام الشرطة والاستخبارات بدهم بيوت بحثاً عن «مشتبهين» واعتقالهم. وما زال العشرات من المعتقلين رهن الاعتقال فيما أعدت الشرطة لوائح اتهام ضد 52 شخصاً. وشهدت مختلف التظاهرات تدخل الشرطة وقمعها المتظاهرين، مستخدمة الهراوات وقنابل الغاز وخراطيم المياه العادمة ذات الرائحة الكريهة. وفي حيفا والناصرة اعتدت الشرطة على نواب عرب رغم تمتعهم بحصانة برلمانية. وشارك مئات المتظاهرين من اليمين المتطرف في اعتداءات جسدية على متظاهرين عرب في حيفا تسببت في إصابة عدد منهم إصابات متوسطة، كل ذلك على مرأى الشرطة. من جهتها، تشارك شركات إسرائيلية حكومية تقدم خدمات كهرباء وهاتف وغيرها للبلدات العربية في عدم تقديم الخدمات للعرب بداعي أن دخول البلدات العربية يعرض حياة عمالها اليهود إلى الخطر. وفي ظل الأجواء اليمينية المستعرة تعاني المحال التجارية والمطاعم في المدن الكبرى من مقاطعة الزبائن اليهود من البلدات المجاورة. وحرص زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على أن يقود هذه الحملة على رأس المحرضين حين هاجم المواطنين العرب بسبب مشاركتهم في الإضراب العام وفي التظاهرة الكبرى التي نظموها في الناصرة مطلع الأسبوع، ودعا الإسرائيليين إلى مقاطعة المحال التي شاركت وأغلقت أبوابها تجاوباً مع إعلان الإضراب. كما يتعرض كثيرون من العرب إلى اعتداءات يومية في المجمعات التجارية وحافلات الركاب وأماكن العمال، لمجرد تحدثهم بالعريية. ولم يسلم أصحاب حساب في شبكات التواصل الاجتماعي من انتقام مشغليهم وفصلهم من العمل بداعي أن كتاباتهم تحريضية على اليهود. وكانت وزارة القضاء أقامت مع بدء الحرب هيئة خاصة لمتابعة ما يُكتب على صفحات «الفايسبوك»، لكن الشرطة تتعامل بقفازات من حرير مع المحرضين اليهود على قتل العرب، في مقابل «يد من حديد» مع كل من تعتبره تجاوز «حدود الديمقراطية». ويومياً يتم التبليغ عن اعتقال شباب عرب على خلفية ما كتبوه في «الفايسبوك» خصوصاً في أعقاب مجزرة الشجاعية واعتراف الجيش بعد يومين بمقتل 20 جندياً خلالها. وفصلت بلدية اللد الإسرائيلية مستشارة عربية تعمل فيها بداعي أنها أعربت عن فرحتها بمقتل الجنود. كما فصلت بلدية صفد موظفاً كتب على صفحته «الصهيونية هي عدو الإنسانية»، وفصل مستشفى في تل أبيب عاملاً فيه كتب أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب. واشتكى العشرات من العمال في شركات إسرائيلية خاصة فصلهم عن العمل للأسباب ذاتها.