جنّدت الشرطة الإسرائيلية ووحداتها الخاصة نحو ثلث عديدها أمس لحماية عشرات المتطرفين اليهود من أنصار حركة «كهانا» العنصرية الذين تظاهروا ضد الحركة الإسلامية قبالة مدينة أم الفحم، وقمعت في المقابل المتظاهرين العرب المحتجين على الزيارة الاستفزازية، وبينهم نائبان عربيان أصيبا بجروح. في الوقت نفسه، شرّع الكنيست مشروع قانون عنصرياً جديداً يتيح لبلدات يهودية صغيرة منع «من لا يلائمون النسيج الاجتماعي لسكانها»، أي غير اليهود، من الإقامة فيها. وتحولت تظاهرة ناشطي اليمين الإسرائيلي المتطرف الاستفزازية على مشارف مدينة أم الفحم، ثاني كبرى المدن العربية في إسرائيل، إلى مواجهات بين المتظاهرين العرب، الذين هبّوا لصد المتطرفين والشرطة الإسرائيلية التي حضرت بأكثر من 1500 من أفرادها وأفراد «الوحدات الخاصة» و «المستعربين»، وقمعت بالرصاص المطاط والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع المتظاهرين العرب وبطشت بهم وأصابت عدداً منهم بجروح، واعتقلت عدداً آخر بداعي الإخلال بالنظام العام. ومنذ ساعات صباح أمس احتشدت الشرطة بأعداد هائلة في محيط مدينة أم الفحم ووادي عارة والشارع الرئيس الذي يربط شمال إسرائيل بجنوبها. وأعلنت منطقة تظاهرة اليمين «منطقة مغلقة» اشترطت الدخول إليها بإذن خاص. كما قام مئات من أفرادها بحراسة عشرات المتطرفين اليهود من أنصار المتطرف مئير كهانا الذي حمل لواء «ترحيل العرب وإقامة دولة توراتية»، إلى أم الفحم بعد أن منحتهم المحكمة الإسرائيلية العليا إذناً بالتظاهر ضد «الحركة الإسلامية» على خلفية مشاركة رئيسها الشيخ رائد صلاح في قافلة السفن التضامنية مع قطاع غزة قبل خمسة أشهر، وفي الذكرى السنوية لاغتيال كهانا. وقال خليفة كهانا المدعو باروخ مرزيل قبل توجهه نحو أم الفحم إن المتظاهرين يريدون تأكيد «أننا نحن رب البيت في دولة إسرائيل». ولم يرق للشرطة أن ترى مئات «الفحماويين» والناشطين السياسيين من الأحزاب الوطنية والإسلامية يحتشدون في مداخل أم الفحم احتجاجاً على السماح للمتطرفين باستفزاز أهل المدينة ولمنع أي محاولة لدخول المتطرفين المدينة. وسرعان ما تبين أن الشرطة زرعت في أوساط المحتشدين عملاء يعرفون ب «مستعربين». وإذ انتبه متظاهرون الى ذلك، انهالوا على أحدهم بالضرب، فردّت الشرطة برشق المتظاهرين بكثافة وبعشوائية بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع لتخليص «المستعرب». وأصيب خلال اعتداء الشرطة النائبان العربيان الدكتور عفو أغبارية وحنين الزعبي، واضطر الأول إلى تلقي العلاج في مستشفى قريب، فيما قالت النائب الزعبي إن قناصة تعمدوا إطلاق رصاصتين مطاطيتين نحوها أصابتاها في الظهر والعنق. وقالت في بيان لوسائل الإعلام: «نحن لم نكن في مواجهة زمرة من الفاشيين العنصريين، ولم نكن مهددين فقط من قبلهم، بل جاء التهديد العيني والأخطر والمباشر من أفراد الشرطة الذين أتوا بمخطط مبيت وواضح يهدف إلى إصابة المتظاهرين العرب بإصابات مباشرة». وأضافت أن إطلاق الرصاص المطاط لم يكن نتيجة لتطور تلقائي للمواجهات «إنما استخدم منذ البداية ومن دون أي سابق إنذار أو مبرر ما يدل على أن الشرطة قصدت بث رسالة تقول فيها إنها تواصل معاقبة العرب في وقفات الدفاع عن أنفسهم». وأضافت أن الشرطة توافق اليمين العنصري وتتبنى أفكاره السياسية بالكامل، وهي بذلك أخطر من اليمين لأنها تملك شرعية العنف، وهي تمارسه على العرب في كل فرصة تراها ممكنة. وعقب النائب أغبارية على إصابته بالقول إن «هذه الإصابة تقوّي عزيمتي لمواصلة التظاهر ضد العنصرية المستشرية في إسرائيل». وأضاف أنه يوجه الاتهام للمحكمة العليا والشرطة الإسرائيلية اللتين منحتا الترخيص للحركة اليمينية المتطرفة بالتظاهر الاستفزازي قبالة مدينة أم الفحم. وأشاد قائد المنطقة الشمالية دافيد كورن ب «عمل الشرطة الشجاع وبسالة أفرادها الذين عرضوا حياتهم للخطر». وقال ان قوات الشرطة تعرضت للرشق بالحجارة، ما عرض حياة أفرادها للخطر، «وقاموا بذلك بهدف منع التظاهرة القانونية (للمتطرفين)». وأضاف أنه اصدر تعليماته للقوات باستخدام كل الوسائل المتاحة لتفريق المتظاهرين. ولم تتطرق الشرطة في بيانها إلى عدد الإصابات التي أوقعتها في صفوف المتظاهرين، إلا أنها أشارت إلى إصابة خمسة من أفرادها بجروح طفيفة. وطالب «المركز (الإسرائيلي) ضد العنصرية» الشرطة بالتحقيق الجنائي مع أحد منظمي مارزل بداعي التحريض العنصري على العرب في التظاهرة التي نظمتها حركة «كهانا» مساء أول من أمس بحضور نحو ألف من أنصارها. في غضون ذلك، صادقت لجنة الدستور البرلمانية أمس على مشروع قانون يتيح للبلدات اليهودية الصغيرة (البلدات الجماهيرية) التي أقيمت قبل ثلاثة عقود في قلب الأراضي العربية في المثلث والجليل بغرض قطع التواصل الجغرافي بين القرى العربية، أن تقيم لجاناً خاصة مخولة رفض طلب للسكن في البلدات وفقاً لمعايير تقول إن «طالب السكن يجب أن يتجاوب مع طابع البلدة». ويعتبر هذا التشريع التفافاً على قرار أصدرته المحكمة العليا قبل سنوات أرغمت فيه بلدة يهودية على تمكين عربي من بناء مسكن له فيها. وعقدت «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل» جلسة طارئة مساء أمس في أم الفحم للبحث في هجوم قوات الشرطة على التظاهرة السلمية للعرب احتجاجاً على زيارة أنصار اليمين العنصري للمدينة. ودعا «التجمع الوطني الديموقراطي» إلى إعلان لجنة المتابعة الإضراب العام في البلدات العربية في أعقاب «التصعيد النوعي في ممارسة النظام الإسرائيلي العنصري». وقال الأمين العام للحزب عوض عبدالفتاح إن المتطرفين من أمثال مارزل ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان «ليسوا النبتة الضارة، إنما التعبير الفظ والصريح عن الوجه والجوهر الحقيقي للنظام الصهيوني القائم».