خلّفت المواجهات بين أهالي مدينة أم الفحم العربية والشرطة الإسرائيلية أمس خلال مسيرة عناصر اليمين اليهودي المتطرف التي واجهها آلاف العرب في أطراف المدينة النائية، عشرات المصابين بجروح خفيفة، فيما اعتقلت الشرطة أكثر من 20 من العرب بحجة الاعتداء على عناصرها والإخلال بالنظام العام. واندلعت المواجهات عندما فرّقت الشرطة بالقوة تظاهرة لمئات العرب من مدينة أم الفحم وسائر البلدات العربية ومعهم عشرات اليهود اليساريين، تجمّعوا في سلاسل بشرية لمنع نحو مئة عنصر من غلاة المتطرفين اليهود من دخول المدينة لاستفزاز أهلها. وطالبت الشرطة المتظاهرين العرب الذين رفعوا أعلاماً فلسطينية بالتفرّق، بداعي أن تجمعهم غير قانوني. ولجأت إلى القوة وإلقاء القنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع وتوجيه خراطيم المياه نحو المتظاهرين الذين ردوا برشق قوات الشرطة بالحجارة. وأعلن ناطق باسم الشرطة أن 15 من عناصرها، بينهم نائب القائد العام للشرطة شاحر أيالون، أصيبوا بجروح خفيفة، فيما أعلنت طواقم الإسعاف أنها عالجت أكثر من عشرين من المتظاهرين العرب المصابين. واعتقلت عناصر الشرطة التي اندسّ بعض أفرادها من المستعربين بلباس مدني بين المتظاهرين العرب، نحو عشرين متظاهراً. وهددت بشن حملة اعتقالات أوسع خلال الأيام المقبلة. وحشدت الشرطة نحو ثلاثة آلاف من عناصرها ووحدات مكافحة الشغب و «القوات الخاصة» والاستخبارات لتوفير الحماية للمتظاهرين اليهود المئة من أنصار حركة «كاخ - كهانا» الفاشية المحظورة قانوناً بقيادة النائب الجديد من حزب «الاتحاد القومي» ميخائيل بن آري وباروخ مارزل اللذين حصلا على إذن من المحكمة العليا بالتظاهر في أطراف مدينة أم الفحم، ثاني كبرى المدن الفلسطينية في الداخل ومعقل الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح. وسوّغ هؤلاء تظاهرتهم ب «حق اليهود في التظاهر في كل مكان من أرض إسرائيل»، وأن اختيارهم أم الفحم جاء للمطالبة ببسط القانون الذي يمنع البناء غير المرخص. وأعلنت الشرطة مسار تظاهرة اليمين «منطقة أمنية» مغلقة، بعدما مشطت الشوارع المحاذية تحسباً لأي طارئ. ورافق مئات من عناصرها المتظاهرين الذين رفعوا الأعلام الإسرائيلية لنحو ساعة، ثم أمرتهم بالصعود إلى حافلات أقلتهم بعيداً لتتفرغ بعد ذلك لتفريق المتظاهرين العرب، فاندلعت مواجهات استمرت ساعتين. واعتبر المتظاهرون العرب الذين تقدمهم قادة الأحزاب والحركات الوطنية والإسلامية ومعهم عشرات اليهود اليساريين وانتشروا في سلاسل بشرية على المداخل الأربعة للمدينة لمنع دخول المتطرفين اليهود، اضطرار الأخيرين إلى التظاهر في أطراف المدينة وعدم دخولها نجاحاً لهم وانتصاراً لوحدتهم، فيما رأى غلاة المتطرفين في تنظيم التظاهرة التي أرجأتها الشرطة قبل أشهر «انتصاراً للديموقراطية الإسرائيلية»، متوعدين بأن تظاهرتهم المقبلة ستكون في قلب المدينة العربية. ورأى القائد العام للشرطة دودو كوهين الذي كان حسم شخصياً التردّد في السماح بالمسيرة من عدمه وأعلن الاستنفار في صفوف الشرطة فجنّدت نحو نصف عديدها لحماية المتظاهرين اليهود، انتهاء مسيرة اليمين المتطرف «بسلام» نجاحاً. وقال إن المسيرة اليهودية كانت «استجابة لطلب بالقيام باحتجاج ديموقراطي مشروع»، مضيفاً ان الشرطة أثبتت «أنها قوية وقادرة على إتاحة مثل هذه التظاهرات في أي مكان من إسرائيل». في المقابل، أكد النواب العرب في الكنيست أن المسيرة كانت مجرد استفزاز برعاية الشرطة والمحكمة في إسرائيل. واتهم النائب عن «التجمع الوطني الديموقراطي» الدكتور جمال زحالقة الشرطة بأنها جاءت بتخطيط مسبق للاعتداء على الناس بالغاز والهراوات ظناً منها أنها تلقّنهم درساً، «لكن الدرس الوحيد الذي تعلمناه هو تصعيد النضال ضد العنصرية والفاشية وضد كل من يحرّض ويخطط لترحيلنا من بلدنا». وأضاف أن «الشرطة تتعامل معنا، كما تعودت، كأعداء وليس كمواطنين». وقال رئيس «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» النائب محمد بركة إن أم الفحم وآلاف المتضامنين معها من العرب والقوى اليهودية الديموقراطية «تصدوا لعدوان بوليسي همجي مبيت وأثبتوا أنهم قادرون على التصدي لعصابات الإرهابيين الكهانية ومنعها من دخول المدينة». وتابع أن «ما يثبت عدوانية الشرطة، هو استخدامها فرقة من المستعربين التابعة لجيش الاحتلال تغلغل أفرادها بين المتظاهرين ونفذوا اعتقالات، وهذا يدل على أن جيش الاحتلال كان شريكاً في هذا العدوان». وشدد النائب الدكتور أحمد الطيبي من «العربية الموحدة» على أن «حرية التعبير ليست حرية الطرد والتحريض... لسنا بصدد حدث يبتغي نقل رسالة معينة، إنما محاولة للترهيب ولتنفيذ ترحيل للعرب». وأضاف أنه ثبت أن المسيرة «كانت استفزازاً مشبعاً بالعنصرية والفاشية واجهه العرب واليهود معاً». ورأى أن أم الفحم انتصرت على الكراهية. واتهم رئيس الحركة الاسلامية الشيخ رائد صلاح اليمين الاسرائيلي المتطرف بأنه «يسعى إلى شرعنة ترحيل أهلنا في الداخل الفلسطيني، ما يستوجب اليقظة والتأهب لصد كل هذه المحاولات».