لا تمتنع الجالية السودانية من حجز مقعد لها في الأعمال التطوعية والخيرية خلال الشهر الكريم، ويشتهر السودانيون بالكرم خصوصاً في تقديم وجبة الإفطار، إذ تخرج كل أسرة بإفطارها إلى خارج المنزل من أجل المشاركة في الإفطار الجماعي من ناحية، ومن ناحية أخرى توفير إفطار للمارين على الطرق السريعة. وتتميز الجالية السودانية دون غيرها من الجاليات الأخرى الموجودة في السعودية بأنها الأكثر تجمعاً لأفرادها وبخاصة في رمضان، إذ تكثر تجمعات السودانيين في الاستراحات وقصور الأفراح وفي الحدائق العامة حيث الإفطارات الجماعية التي تعتبر ملتقى للأسر السودانية، وأبناء المنطقة الواحدة في السودان. وكما يصر السودانيون على ممارسة كامل طقوسهم قبل قدوم رمضان من تجهيزات له، كذلك يصر السودانيون المقيمون بالسعودية على حضور الطقوس الرمضانية ذاتها كما لو أنهم في الداخل، ويسهم بقدر كبير ذووهم وأسرهم في السودان بذلك، إذ تنطلق المراسيم قبل دخول رمضان خلال تجهيز المشروبات السودانية الطبيعية مثل الكركدي والتبلدي والعرديب ونحوها، إضافة إلى الأكلات الرمضانية ممثلة في العصيدة أو القراصة. ويحرص أبناء الجالية السودانية المقيمة في السعودية على بث الروح في الأوساط التي يعيشون فيها، تخليداً للعادة التي تعمق روح الأخوة الإسلامية بين أبناء الجالية الواحدة والشعوب الأخرى. وتعد الجالية السودانية من أشد الجاليات التصاقاً بوطنهم، إذ أوضح حسن عبدالجابر خلال حديثه إلى «الحياة» أن الرجال يجتمعون في مكان مخصص لتناول وجبة الإفطار، ويجلسون على (البروش) المعدة لذلك، وكل يأتي بزاده من الطعام والشراب بحسب استطاعته. وأضاف: «تتمثل فائدة هذه العادة في أنها تعتبر ملاذاً لعابري السبيل، ولكل شخص ظل خارج منزله حتى وقت الإفطار، ولكل مسكين لا يملك ما يفطر به، ما يجسد كل معاني التكافل والتآلف والرحمة والمساواة، وهي فرصة أيضاً للتواصل مع الأهل والأصدقاء». وتتنوع الأكلات والمشروبات السودانية خلال وجبتي الفطور والسحور بين الحلو والحامض والمر، ويأتي شراب (الحلو مر) الذي يسمى في بعض الأحيان (الآبري الأحمر) من أشهر أنواع الشراب السوداني، ويكتسب (الحلو مر) مذاقاً خاصاً بعد أن يتم وضع السكر عليه وتحريكه، إذ يمتاز بخاصية إخماد العطش. وإضافة إلى هذا المشروب هناك ما يعرف بشراب (الكركدي) الذي يصنع من ثمار أشجار (التبلدي) التي تنقع في الماء وتصفى، ويضاف إليها السكر، ما يعطيها مذاقًا حلواً يميل إلى الحموضة. ومن الوجبات الغذائية الأشهر في رمضان وجبة (العصيدة) وهي من الوجبات التقليدية لأهل السودان، وتتكون من خلطة عجين الذرة المطهي، إضافة إلى وجبة (التقلية) وهو طبخ من لون أحمر تتألف مكوناته من البامية الجافة المطحونة مع اللحمة المفرومة، إضافة إلى وجبات أخرى تتشارك فيها مع الدول العربية والإسلامية الأخرى. ويفضّل السودانيون الجلوس في البيت بعد أداء التراويح، بحيث يصبح المنزل ملتقى لا يقتصر على الأشخاص المعروفين، إذ يصطحب المدعوُّون سودانيين غير معروفين لصاحب البيت، فتكون فرصة جيدة للتعارف وزيادة أواصر التواصل.