أبشروا يا عرب، قرب الفرج، وما لم تستطيعوا تحقيقه سيقدمه لكم الإسرائيليون على طبق من فضة، فقد عاشروا قومنا 40 يوماً و40 سنة و60 سنة ولم يرحلوا عنا، فصاروا منا. في الأيام حول نهاية السنة الماضية وبدء السنة الجديدة لم أجد خبراً واحداً في صحفنا العربية يطمئن أو يبعث الأمل في أيام افضل، وانتقلت إلى الصحف الإسرائيلية لمزيد من تعذيب النفس وفوجئت بما يسرّ، فهم اصبحوا مثلنا إلى درجة أنني بت اعتقد انهم سينافسوننا في الخسارة والفشل وتضييع الفرص. في إسرائيل متطرفون دينيون من أسمائهم حراديم أو غلاة الأرثوذكس، وهم يزايدون على اشد الناس تطرفاً في بلادنا، ويعيشون على أوهام خرافات توراتية وأنبياء كذبة. وفي حين أننا نعرف وجودهم منذ عقود فالجديد في موضوعهم انهم اصبحوا الآن اكثر جرأة ويحاولون فرض معتقداتهم المتشددة على بقية المجتمع اليهودي، وهو أصلاً ليبرالي أوروبي. السنة انتهت بمظاهرات للحراديم في مستعمرة بيت شيميش بعد أن حاولوا التفريق بين النساء والرجال، ومنع الاختلاط، فعارضهم غير المتدينين. وبعد قيام تظاهرة ضد المتطرفين شاركت فيها سياسيات إسرائيليات من نوع تسيبي ليفني، رئيسة كديما، رد الحراديم بتظاهرة في آخر أيام السنة لم تشهد إسرائيل مثلها من قبل، فقد ألبسوا طفلاً ثياباً ليبدو كطفل من «غيتو» اليهود في وارسو، كما لبس الكبار ثياباً عليها نجمة صهيون وكلمة «يهودي» بالألمانية، وهذا ما كان النازيون يفرضون على يهود ألمانيا، ثم ألبسوا أطفالهم ثياباً مقلّمة بالأبيض والأسود، تشبه ما ارتدى أطفال اليهود في معسكرات الاعتقال النازية. وعندما تصدت لهم الشرطة ردوا برشق رجالها بالحجارة وهتفوا أنهم نازيون. وبدأت السنة الجديدة والأزمة مستمرة، فهناك متطرفون سيواجهون المحاكم، مثل شلومو فوخس الذي طلب من الراكبة دورون ماتالون الانتقال إلى مؤخرة باص لمنع الاختلاط بين الرجال والنساء فرفضت، وهو رد بشتمها ووصفها بأنها مومس، ودفعها فاتهم بالمضايقة الجنسية. وعمله تكرار لعنصرية البيض في أميركا ضد السود في الستينات، وتحدي المناضلة روزا باركس لهم برفض ترك مقعدها في باص. المجندون الحراديم طالبوا مجندات مثلهم بالذهاب إلى آخر قاعة احتفالات بمناسبة عيد هانوكا، وأعلنوا أنهم يرفضون أن تغني المجندات في صالة الطعام، وهدد بعضهم بالانسحاب من الجيش. الدجال بنيامين نتانياهو قال في الكنيست إن الإسرائيليين لا يقبلون أن يبصق على امرأة في الشارع اعتراضاً على ثيابها، والجنرال رافي بيريتز، كبير حاخامات الجيش، هاجم عزل النساء، والمدعي العام يهودا واينستين طلب تشكيل لجنة في وزارة العدل لمعاقبة الذين يشتمون النساء ويعتدون عليهن بالضرب ويحاولون عزلهن عن الرجال. بل إن البربري افيغدور ليبرمان قال في مقابلة مع «يديعوت اخرونوت» إن فصل النساء عن الرجال «بربرية لا يمكن تحملها». في المقابل، الحراديم المتطرفون ركبوا رأسهم، ومع انهم عشرة في المئة من السكان فهم يصرون على فرض معتقداتهم على بقية الإسرائيلين، وفي تقاليدهم أن ترتدي المرأة «بلوزة» بكمين طويلين و«تنورة» أو فستاناً يهبط إلى ما بعد الركبتين، وعندهم حجاب أو غطاء للرأس، إلا أن بعض نسائهم يستعمل شعراً مستعاراً يوضع فوق الشعر الطبيعي ليصبح هو الحجاب المطلوب. الحراديم من أصول في أوروبا الشرقية، أي انهم خزر هاجروا من مناطق جبال القوقاز (السفارديم شرقيون) وهم يربطون معتقداتهم بالنبي موسى، وأقول إنهم كذبوا حتى صدّقوا كذبتهم، فلا آثار إطلاقاً في بلادنا لخرافاتهم التوراتية. والمهم في أمرهم أنهم يفرزون مجتمعاً متخلفاً دينياً وإنسانياً وعقلياً، فلا بد أن يقودوا إسرائيل نحو الخراب كما تستحق ويستحقون. [email protected]