نظم متطرفون يهود أميركيون حفلة في فندق والدورف استوريا في نيويورك لتكريم الجيش الإسرائيلي، كان المتحدث الرئيس فيها الجنرال غابي اشكنازي، رئيس الأركان الإسرائيلي، وهو كما يدل اسمه ليس من منطقتنا. متطرفون يؤيدون مجرمي حرب يقتلون النساء والأطفال، وربما كنت تجاوزتهم لولا أن أحد مواقعهم فاض ببذاءاته مؤيداً القتلة ومهاجماً أصحاب الأرض المحتلة، أي فلسطين كلها، وكل من يدافع عنهم. وما كنت لأعود الى الموضوع الذي طرحته هنا قبل أسبوع لولا قراءتي عنواناً فرعياً وفقرتين في تقرير لموقع ليكودي عن حفلتهم كتبته فيليس تشستر. العنوان الفرعي قال: «مؤيدو الفلسطينيين، في سواد كامل، ينظمون مهرجاناً نازياً، وفي الشرح باختصار أن المتطرفين أرادوا تكريم الجيش الإسرائيلي، أي جيش الاحتلال النازي، ورئيس الأركان الذي يمثل كل جرائم هذا الجيش، غير أن حركة التضامن العالمية (مع الفلسطينيين)، «الجماعة المسؤولة عن موت واستشهاد واستغلال راشيل كوري» (هكذا حرفياً) نظمت احتجاجاً ضم فرع نيويورك من اتحاد المحامين الوطني وعدالة والصوت اليهودي للسلام، واليهود يقولون لا، و «كود بِنْك»، والنساء في ميدان بلاك يونيون، وجماعات نسائية أخرى، وهم اتهموا إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة «إلا أن هذه كذبة كبيرة... وإسرائيل لها الحق القانوني والأخلاقي والإنساني في الدفاع عن نفسها وهذا ما تفعل تماماً» (أيضاً هكذا حرفياً). إسرائيل ليس لها حق في الوجود أصلاً، فهي كذبة توراتية، غير أننا قبلنا 22 في المئة من أرض فلسطين، ولم يقبل النازيون الجدد والفاشيست الذين يحكمون إسرائيل إعطاءنا أقل من ربع الأرض... يعني «رضينا بالهم، والهم ما رضي بينا». سجلت ما سبق لأربط الفقرة السابقة بنهاية الفقرة التي سبقتها، غير أنني أريد أن أتناول تطرف المتطرفين بحسب تسلسل كذبهم. العنوان الفرعي يتحدث عن تظاهرة نازية بثياب سوداء. طبعاً الثياب هذه رمز الحداد وإذا كان من نازيين في الموضوع كله فهم أعضاء حكومة إسرائيل وجيشها المحتل من اشكنازي نزولاً. وإذا كان كل أسود نازياً، فهل هذا ينطبق على طائر البنغوين الذي يبدو وكأنه يرتدي سترة رسمية سوداء على قميص أبيض؟ وهل ينطبق أيضاً على فريق «الكل أسود» أو All Black النيوزيلندي وهو من أشهر فرق الركبي في العالم؟ العبارة التالية كانت عن أن حركة التضامن العالمية مع الفلسطينيين قتلت راشيل كوري. وهذا كذب لا يقدر عليه سوى المجرمين الليكوديين، ومن نوع أن المسيح انتحر. كيف يقتل دعاة سلام حول العالم داعية سلام أميركية في غزة؟ من سوء حظ الليكوديين أنهم فيما كانوا يكذبون في نيويورك كان البريطاني ريتشارد بيرسل يشهد في محكمة في حيفا أنه رأى بعينيه جرافة (بولدوزر) إسرائيلية تصدم راشيل كوري وتمر فوقها وتقتلها. والقضية المرفوعة الآن أمام محكمة إسرائيلية تتهم الجيش الإسرائيلي إما بالإهمال الجنائي أو تعمّد قتل الشابة الأميركية. حذاء راشيل كوري أشرف من الليكوديين جميعاً، من إسرائيل الى نيويورك، ومثلها في الشرف المنظمات التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين والتي هاجمها المتطرفون. هنا بيت القصيد، أو النقطة الأهم، فالقارئ لا بد لاحظ أنني هاجمت حكومة إسرائيل وجيشها والمدافعين عن الجرائم ضد الفلسطينيين بأشد ما في قاموسي من كلمات تصلح للنشر. غير أنني أطالب القارئ بأن يلاحظ أيضاً غَلَبة اليهود في الجمعيات التي تدافع عن الفلسطينيين، فهؤلاء اليهود يريدون السلام ويمكن التعايش معهم، والمشكلة في المتطرفين من نوع ليكود وشاس وإسرائيل بيتنا، وهم الأحزاب الحاكمة في إسرائيل، ومع المستوطنين. ولعلّي أزيد هنا اسمَيْ ريتشارد غولدستون الذي حمل اسمه التقرير المشهور، وهو طلب التحقيق في احتمال ارتكاب اسرائيل جرائم حرب، ولمّح الى إبادة جنس، والبروفسور ريتشارد فولك، المقرر الخاص في الأممالمتحدة لحقوق الإنسان. هذان رجلان يهوديان، الأول قاضٍ من جنوب أفريقيا والثاني أستاذ شرف في برنستون، قالا إن إسرائيل لم تكن تدافع عن نفسها، ويتعرضان لهجوم الليكوديين كأنهما من حماس. وأسأل القارئ إذا كانت هناك «كذبة كبرى»، هل يكون الكاذب قاضياً أو أستاذ جامعة من جهة، أو متطرفاً يقتل النساء والأطفال أو يبرر قتلهم؟ وضاق المجال وعندي مادة تفوق ما سبق مرات عدة، فأسجل أن جماعات سلام تقوم الآن بجولات في إنكلترا لدعم الفلسطينيين ونشاطها من نوع النشاط الذي هاجمه المتطرفون في أميركا، وأزيد هجوماً آخر لهم على لوبي «جاي ستريت» الذي يؤيد إسرائيل ولكن يعارض إيباك والتطرف، وأيضاً البروفسورة جوديث بتلر التي لم أكن سمعت اسمها حتى قرأت هجوماً ليكودياً طويلاً عليها لأنها تدعو الى مقاطعة إسرائيل. إسرائيل هي دولة الأبارتهيد، أو الفصل العنصري الوحيدة في العالم، وسيكون مصيرها مصير جنوب أفريقيا القديمة. [email protected]