«الهنداوية، غليل، السبيل، المحروقات والعزيزية، أحياء اكتشفت داخلها «الحياة» بؤس سكانها ومأساتهم، إذ يعانون من نقص الخدمات وتكدس النفايات وانتشار القوارض وتجار المخدرات، وفقاً لما أكده أحد سكان حي السبيل أبو محمد»، وزاد: «يوجد في الحي الكثير من الأزقة والممرات التي لا تستوعب المركبات الكبيرة كسيارات الإسعاف وآليات الدفاع المدني وآليات النظافة، ما أدى إلى التكدس الواضح في النفايات التي يعاني منها الحي»، منوهاً بأن أكثر ما يقلقهم هو السير ليلاً في شوارعه الخلفية، فوجود العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة يشكل خطراً على حياتهم. وفي الطرف الآخر، يجلس أبو سعد الذي لم يكن أسعد حظاً من جاره أبي محمد، إذ ارتسمت على وجهه علامات استفهام عدة، خصوصاً أنه قضى ما يقارب 40 عاماً في الحي، وشهد تغيرات عدة طاولت الحي في عقود مختلفة من الزمن، ويحكي (أثناء جولة ل «الحياة» نفذتها في مجموعة أحياء عشوائية أخيراً) : «هجر السكان الأصليون حيهم على فترات متباعدة طوال الأعوام الماضية، وحلت العمالة الوافدة بديلاً منهم، سكنوا مساكنهم وتجولوا في شوارعه وأصبح عدد السعوديين قليلاً جداً». ومضى متابعاً حديثه: «ليس هذا الحي فقط، فغالبية الأحياء العشوائية أصبحت تحت سيطرة المخالفين، إضافة إلى نقص الكثير من خدماتها، كما يعاني بعض السكان في الليل من تعرضهم لسرقات وخطف وارتكاب جميع أنواع الجرائم»، مشيراً إلى أن هناك بيوتاً مهجورة أصبحت أوكاراً للجريمة من ضعاف النفوس. ولم يخالف المواطن أحمد نظرة سابقه في شيء، ويرى أن كثرة العمالة الوافدة رفعت معدلات الجريمة «ما أدى إلى تدني مستوى الصحة العامة والبيئة والتعليم». ولفت إلى أن انعدام السيطرة الأمنية أفضى إلى انتشار مصانع وشبكات المخدرات وجيوش من مخالفي الإقامة وأنظمة الهجرة وعيادات للسحر وإسقاط الأجنة. جولة «الحياة»، امتدت لحي المحروقات، الذي يشبه إلى حد كبير حي السبيل من حيث عشوائية المكان، ولكن هنا لم توجد الجريمة، إذ كشفت خلال تجولها في الحي مشكلات أخرى لتلك العشوائيات تتمثل في انتشار الأمراض بسبب البعوض وتنامي الحشرات، وبحسب ساكن الحي أبي خالد: «إن الحي يعاني من مشكلات جمة منها انتشار البعوض وتكاثره ووجود مياه راكدة وملوثة تضر بصحة الإنسان والبيئة المحيطة به». وفي اتجاهها نحو شمال جدة، توقفت «الحياة» عند محطة عشوائية لا تختلف عن سابقاتها سوى بقربها من المناطق النموذجية إنها «حي العزيزية»، الذي شكا فيه المواطن أبو عابد من أن بسطات الخبز المجفف والمنتشرة في أزقة الحي في صورة مكشوفة تسببت في تكاثر الجرذان والحشرات، لافتاً إلى غياب الرقابة على أداء شركة النظافة التي انصرف عمالها -وفقاً له- عن أعمالهم لجمع العلب المعدنية الفارغة والكراتين وبالتالي تزايد عدد البسطات. وفي حي غليل الذي اختتمت «الحياة» جولتها بداخله، سرد أبو حاتم بلغة فيها الكثير من الألم نقص الخدمات وتدني مستوى النظافة ومستنقعات الصرف الصحي والوجود الكثيف للعمالة المخالفة. «الشرطة»: المتور ّطون في «قضايا جنائية» يفضلون السكن فيها