أعلن قادة الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، في ختام قمتهم ال32 في قصر الدرعية في الرياض أمس، تبنيهم مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الداعية إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس الست كياناً واحداً. وقرروا، بحسب «إعلان الرياض» الذي تلاه الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني في الجلسة الختامية للقمة، تسريع «مسيرة التطوير والإصلاح الشامل داخل دولهم بما يحقق مزيداً من المشاركة لجميع المواطنين والمواطنات»، وتحسين الجبهة الداخلية، وترسيخ الوحدة الوطنية، والعمل الجاد لتحقيق أعلى درجات التكامل الاقتصادي، وتطوير التعاون الدفاعي والأمني بين بلدانهم. واعربت دول المجلس عن «بالغ القلق» حيال استمرار التدخلات الايرانية في شؤونها الداخلية، مطالبة طهران ب «الكف عن هذه السياسات والممارسات ومحاولة بث الفرقة، واثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها، في انتهاك لسيادتها واستقلالها»، ملاحظة ان «المناورات التي يجرونها (الايرانيون) في مياه اقليمية خليجية لا تدل على حسن نية». وطالب البيان الختامي «الحكومة السورية بالوقف الفوري لآلة القتل ووضع حد لاراقة الدماء، وازالة اي مظاهر مسلحة، والافراج عن المعتقلين كخطوة اولى للبدء في تطبيق البروتوكول» المتعلق بعمل المراقبين والذي وقعته دمشق اول من امس. كما دعا الى «تطبيق كافة بنود المبادرة العربية». ورحب القادة الخليجيون، في بيانهم الختامي، باقتراح خادم الحرمين الشريفين، أول من أمس، في شأن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد. وذكر البيان أن قادة المجلس وجهوا المجلس الوزاري الخليجي بتشكيل هيئة متخصصة من 3 أعضاء من كل دولة لدرس اقتراح خادم الحرمين الشريفين، على أن تسمي كل دولة من الدول الست ممثليها بحلول مطلع شباط (فبراير) المقبل. وأشار البيان إلى أن على هذه الهيئة أن تقدم تقريراً أولياً إلى المجلس الوزاري الخليجي في آذار (مارس) 2012 ليتولى رفعها إلى قادة الدول الست. ومن المقرر، طبقاً للبيان، أن ترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري ال 14 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. وذكر «إعلان الرياض» أن القمة الخليجية ال 32 لاحظت «ما تواجهه دول المجلس من متغيرات وتحديات ومخاطر تهدد بإعادة رسم الأوضاع في المنطقة وتستهدف الروابط التي تجمعها، ما يستدعي ربط الصفوف وتوحيد الرؤى وحشد الطاقات المشتركة». وأكد الإعلان التزام قادة دول مجلس التعاون ب«الجدية والصدقية في سبيل تحقيق الأهداف التي جاءت بالنظام الأساسي للمجلس»، وتصميمهم على «تعزيز وتوثيق دور مواطني دول المجلس في سبيل تحقيق مستقبل مشرق يلبي طموحات الأجيال الصاعدة». وشدد الإعلان على ضرورة تفعيل الديبلوماسية الخليجية العربية لخدمة القضايا الوطنية والعربية والإسلامية، وتعميق الانتماء المشترك لشباب دول مجلس التعاون، وتحسين هويته، وحماية مكتسباته. وأكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في كلمة له أمام الجلسة الختامية مباركته دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، مؤكداً أن بلاده ستقوم بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من خطوات في هذا الشأن. وأعلن خادم الحرمين الشريفين رئيس الدورة الحالية لمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي أن القمة الخليجية المقبلة ستعقد في دولة البحرين. وأشار «إعلان الرياض» إلى تشديد القادة الخليجيين على تحسين الجبهة الداخلية وترسيخ الوحدة الوطنية «استناداً إلى المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات أمام القانون وفي الحقوق والواجبات، والتصدي للمحاولات الخارجية من جهات مأزومة تحاول تصدير أزماتها الداخلية عبر إثارة الفتنة والانقسام والتحريض الطائفي والمذهبي». وفي إشارة إلى التحديات التي تواجه أمن دول المجلس، ذكر «إعلان الرياض» تشديد القادة الخليجيين على تطوير التعاون الدفاعي والأمني «بما يكفل التصدي بسرعة وفعالية بشكل جماعي وموحد لأية مخاطر أو طوارئ». كما أن النص الذي يعلن تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين للانتقال إلى مرحلة الاتحاد يشير إلى أن ذلك يتم «استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها». وتمسَّك القادة الخليجيون في «إعلان الرياض» بأنهم إنما «يواكبون تطلعات شعوبهم نحو تسريع وتيرة العمل المشترك، وترسيخ الهوية العربية والإسلامية لدول مجلس التعاون، وتحقيق مزيد من الترابط والوحدة والمنعة والرفاه». ويؤكد الإعلان عزم دول مجلس التعاون على تجاوز العوائق التي تعترض مسيرة إنجاز الاتحاد الجمركي والوحدة النقدية والسوق المشتركة لدول المجلس.