حدثان مهمان ميزا الوضع السياسي السوداني في الفترة الأخيرة: الأول تشكيل تنظيم اجتماعي سياسي في الخرطوم يتكون من طائفتي الختمية المؤطرة في الحزب الاتحادي الديموقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني، والأنصار المؤطرة في حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي آخر رئيس وزراء اطاحه نظام الفريق عمر حسن البشير. التنظيم الجديد سمي "الجبهة الاسلامية" وانضم اليه جماعة "الاخوان المسلمين" وجماعة "أنصار السنة" وبعض الفرق الصوفية. وعلمت "الوسط" من مصادر سودانية مستقلة ان "الجبهة الاسلامية" تحاول طرح نفسها كبديل عن "الجبهة القومية الاسلامية" بزعامة الدكتور حسن عبدالله الترابي الذي يدعم البشير، مع اضفاء بعض التعديلات التي تمنح "الجبهة الاسلامية" الوليدة وجهاً مقبولاً اقليمياً ودولياً. الحدث السياسي الثاني تمثل في ما تردد عن مفاوضات سرية أجرتها الحكومة السودانية مع حزبي الأمة والاتحادي الديموقراطي في بريطانيا بهدف كسب ولائهما واشراكهما في حكومة موسعة. وعلمت "الوسط" ان العرض الذي قدمته الحكومة الى وفدي الحزبين تضمن تقاسم الحقائب الوزارية والوظائف الكبرى في الدولة، بحيث تحتفظ "الجبهة القومية الاسلامية" بنسبة 40 في المئة من الحقائب الوزارية ووظائف الفئة الأولى، ويترك لحزبي الأمة والاتحادي 60 في المئة من المقاعد الوزارية والوظائف، شرط ان يوافق الحزبان على كل القرارات الوزارية والرئاسية التي صدرت في عهد الحكومة الحالية في الخرطوم. وأكد الحدث السياسي الأول المتمثل في تشكيل "الجبهة الاسلامية" بونا ملوال، السياسي الجنوبي المستقل عضو اللجنة التنفيذية في "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض للخرطوم، ووزير الاعلام في عهد الرئيس جعفر نميري، ل "لوسط". كما تطرقت افتتاحية "سودان غازيت" المستقلة الصادرة في لندن في شهر تشرين الأول اكتوبر الجاري الى هذا الحدث. وعلى رغم ذلك نفت مصادر حزب الأمة في لندن صحة تشكيل الجبهة، في حين أكده ل "الوسط" السيد عادل عبدالهادي ممثل الاتحادي الديموقراطي في لندنوبريطانيا، بقوله "التنسيق موجود بيننا وبين حزب الأمة منذ العام 1991". وتمتنع أوساط "التجمع الوطني الديموقراطي" عن إبداء رأيها لأنها لا تعرف على وجه الدقة حقيقة تشكيل "الجبهة الاسلامية" من الحزبين السودانيين الكبيرين اللذين وقعا "اعلان نيروبي" في نيسان ابريل الماضي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق وبقية أحزاب التجمع، وهو ينص على علمنة الدولة السودانية. ولفت الانتباه في بيان أصدره في لندن زعيم الحزب الاتحادي السيد محمد عثمان الميرغني ونفى فيه تشكيل "الجبهة الاسلامية" عدم الاشارة الى التزام حزبه بنود "اعلان نيروبي"، الأمر الذي اثار هواجس أوساط "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض، وكذلك أوساط العقيد قرنق في نيروبي التي لا تتحفظ عن قيام تحالفات واسعة ذات طابع اسلامي بحت، لكن شرط عدم تسيس هذه التنظيمات. وأكدت نشرة "سودان غازيت" المفاوضات السرية بين الحكومة السودانية وحزبي الأمة والاتحادي الديموقراطي ونشرت اسماء الوفد الحكومي المفاوض، وفي عداده قيادات في "الجبهة القومية الاسلامية" منهم أحمد عبدالرحمن محمد وعثمان خالد مضوي وعدد من رجال الأعمال السودانيين المقيمين في لندن مثل نور زروق. في حين ترأس محمد عثمان الميرغني وفد الاتحادي، وقاد وفد الأمة أحد أقرباء السيد الصادق المهدي البروفسور الشيخ محجوب. وترددت معلومات مفادها انه في حال التوصل الى تفاهم بين الحكومة السودانية والحزبين المعارضين، تبدأ محادثات لوضع مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات ترافقها مفاوضات سلام مع كل الفصائل الجنوبية، وتحدد فترة ستة أشهر للتوصل الى حل مقبول من جميع الأطراف. وبعد انتهاء المهلة المحددة بستة أشهر يدعى سكان جنوب السودان، بصرف النظر عن نتائج محادثات السلام، الى استفتاء شعبي يتناول نقطتين: الوحدة مع الشمال، وشكل الحكم أو النظام السياسي الذي يرغبون فيه.