تسلم أبناء الجالية البرماوية في مكةالمكرمة أمس، إقاماتهم الجديدة بعد أن خضعت لمراحل عدة من الدراسة والتمحيص بين لجان حكومية تشكلت من وزارتي الداخلية والخارجية وإمارة منطقة مكةالمكرمة، في خطوة لتصحيح أوضاع نحو 500 ألف شخص تمخضت عنها عمليات الحصر أخيراً، ليتحقق من خلالها حلم البرماويين في اكتساب إقامة نظامية في بلد احتضنهم منذ ستينات القرن الماضي. وأكد أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل أن مشروع تصحيح أوضاع المقيمين في الأحياء العشوائية ومعالجة وتطوير الأحياء في مكةالمكرمة، كان أول مقترح ومشروع رفعه إلى خادم الحرمين الشريفين بعد توليه إمارة المنطقة. وقال الفيصل أثناء تدشينه عمليات البدء في تصحيح أوضاع الجالية البرماوية في مقر اللجنة المشكلة لتصحيح الأوضاع في مواقف كدي بمكةالمكرمة، إن مشروع تصحيح أوضاع هذه الفئة من البرماويين وتصحيح وتطوير ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية تعد تجربة فريدة في العالم، إذ إن الكثير من المشاريع تسعى من خلالها دول العالم بقيادة الأممالمتحدة لمعالجة أوضاع الأحياء العشوائية. وأفاد بأن المشروع يعتبر معالجة جذرية لهذه الأحياء العشوائية، كما يتميز المشروع بعد اقتصاره على إعادة تخطيط وبناء وعمران هذه الأحياء بطريقة عصرية، إنما يعالج مشكلة الإنسان في هذه الأحياء. من جهته، اعتبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي خلال حديثه إلى"الحياة"أن مشروع تصحيح أوضاع الجالية البرماوية المقيمة في السعودية يعد خطوة إنسانية كبيرة، وتعبيراً للوضع الخاص للسعودية ومسؤوليتها أمام العالم الإسلامي والأمة، مبدياً سعادته كأمين للمنظمة وهو يرى دولة تستضيف عدداً كبيراً من أبناء الجالية البرماوية من اللاجئين، وتبحث لهم عن وسائل عمل إضافة إلى تقديمها العون الطبي والإنساني. وكشف مدير الحقوق في إمارة منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة تصحيح أوضاع الجالية البرماوية عبدالله آل قراش ل"الحياة"عن تعريف نحو 6.252 برماوياً من أبناء الجالية في مراكز تصحيح الأوضاع حتى أمس، لافتاً إلى وجود اقتراح باستمرار العمل في المركز إلى نحو 30 يوماً. وأشار رئيس لجنة تصحيح الأوضاع إلى أن الإثنين الماضي، كان من أكثر أيام عمل اللجنة إقبالاً من أبناء الجالية، إذ بلغ عدد المعرفين في لجان التصحيح أكثر من 1.300 شخص، مقارنة بيوم السبت الذي بلغ عدد المعرفين نحو 327 برماوياً، فيما بلغ عدهم يوم الأحد حوالى 821 شخصاً، ويوم الثلثاء بلغ 1.156 شخصاً، إضافة إلى يوم الأربعاء الذي بلغ عددهم نحو 1.200 برماوي. وقال قراش إن أبناء الجالية واجهوا صعوبة في الحصول على الكفيل، بيد أن أنظمة الإقامة والعمل السعودية تشترط وجود كفيل، مؤكداً سماح النظام بكفالة الأب لأبنائه ممن يقل أعمارهم عن سن 18 عاماً. بدوره، أكد مدير فرع وزارة الخارجية في منطقة مكةالمكرمة السفير محمد أحمد طيب ل"الحياة"أن الجهات المختصة تعكف على دراسة لتصحيح أوضاع جاليات أخرى، مبيناً وجود فرق جوهري بين الجالية البرماوية والجاليات الأخرى كون"البرماويين"ليسوا من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وأن قدومهم إلى الأراضي السعودية جاء بناء على رغبة من الحكومة السعودية في احتضانهم. وبين طيب أن الجالية البرماوية تعتبر من الفئات المهجرة من عشرات السنين، بسبب السلطة الحاكمة التي اعتبرتهم غير مواطنين ودخلاء ومارست في تهجيرهم كل أصناف العذاب، ليجدوا في الأراضي السعودية الأمن والترحاب، مشيراً إلى أن أعداد أبناء الجالية البرماوية بلغ نحو 500 ألف شخص بعد الانتهاء من عمليات الحصر.