لا يسع باكستان فقدان السيطرة على بيشاور، وهي بوابة أفغانستان. ولا يخفى أن مدينة بيشاور كانت مقر عمليات الپ"سي أي إيه"الأميركية، ومعبر السلاح والمال الى المجاهدين في حربهم على الجيش الأحمر بأفغانستان، في ثمانينات القرن الماضي. وذاع صيت عرض سوق بيشاور الياقوت الأحمر الهندوكوشيپ جنباً الى جنب مع صواريخ الپ"ستينغر"أرض - جو الأميركية. وبعد عقدين من الزمن، لم تضعف قبضة بيشاور على شمال باكستان، وعلى الطريق المفضي إلى كابول عبر ممر خيبر. وهي المدخل إلى المناطق القبلية الباكستانية الواقعة تحت حصار"طالبان". ويقترب المسلحون الموالون للمتطرفين الإسلاميين، عوض الحكومة المنتخبة بإسلام أباد، من شمال وجنوب بيشاور. وإذا هم أحكموا قبضتهم على الطرق المؤدية إلى بيشاور، وسعهم عزل المدينة متى شاؤوا.پ والمتطرفون يتعرضون للتجار. ويتخوف رجال الشرطة المحليون من سقوط مدينة بيشاور في أيدي"طالبان". وبعضهم يقول أن المدينة تشارف السقوط. ويزعزع فقدان باكستان السيطرة على بيشاور الحكومة الباكستانية الجديدة. وهذه تراهن على تقاسم السلطات مع الحكومات الإقليمية. ويتهدد سقوط بيشاور أمن قوات الپ"ناتو"حلف شمال الأطلسي بأفغانستان، ويوجه ضربة قاسية الى مكافحي الإرهاب الدولي. فبعد سبعة أعوام من انكفاء نفوذها في وسط آسيا، قد تحوز"القاعدة"، في حال سيطرت على بيشاور، ملاذاً آمناً تسرح فيه وتجول. وغريب أمر باكستان. فعدد من أقاليمها، خصوصاً بمناطق القبائل الباكستانية، يخرج على سلطة الدولة، ولا تقوى القوات الحكومية على الانتشار فيها. ومنذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء الحالي، يوسف رضا جيلاني، سُحب الجنود من سوات وجنوب وزيرستان، وحلت أحكام الشريعة الإسلامية، محل القانون المدني الباكستاني. وفي المنطقتين، حلت سلطة بيت الله محسود، وقواته تحاصر بيشاور، محل السلطة الرسمية. وعلى رغم أن إسلام أباد لم تعلن خروج بيشاور عن سيطرتها ونفوذها، تغلق"طالبان الباكستانية محال بيع أشرطة الموسيقى ومقاهي الإنترنت. ويلوذ أصحابها بالهرب. وفي الأسبوع الماضي، اختطف ستة عشر نصرانياً من مستشفى المدينة الرئيس، وأفرج عنهم لاحقاً. فپ"طالبان"باكستان تتحدى سلطة إسلام أباد. ويذهب جيلاني، والرئيس برويز مشرف، الى أن إبرام اتفاقيات سلام مع المسلحين الانفصاليين، واستمالتهم، حل ناجع يحول دون نشوب حرب أهلية لا يسعهما الانتصار فيها. ولكن المسلحين بسطوا نفوذهم حين انسحبت القوات الباكستانية من مناطق القبائل. وفي العام الماضي، ازداد عدد العمليات من الحدود الأفغانية أضعافاً، وهي تعوق جهود قوات الپ"ناتو"وحكومة الرئيس حامد كارزاي. وعلى حكومة جيلاني بسط سيادتها في الأراضي الباكستانية، والحؤول دون سقوط بيشاور في قبضة المسلحين. عن "تايمز" البريطانية، 26/6/2008