آلان روب غرييه، رائد"الرواية الفرنسية الجديدة"العام 1953 والمنقلب عليها العام 1985، توفي أمس في كان فرنسا عن 85 عاما. روائي وسينمائي مؤثر في المجالين، ولد في 18 آب اغسطس 1922 وصدرت له عشرات الكتب وستة أفلام، لكنه أتى الى الرواية والسينما من مجال العلوم إذ تخصص في البيولوجيا، وكان الشرح العلمي حاضراً في أعماله. وانتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية في 17 آذار مارس 2005 غير انه لم يلق كلمة الانتساب التقليدية ولم يحتل يوماً مقعداً تحت قبة الأكاديمية. هاجسه حرية الإنسان في النظر الى نفسه وإلى العالم وفي التعامل مع الكتابة والصورة. عارض حرب الجزائر وكان ذلك اهتمامه السياسي الوحيد كتلميذ لألبير كامو وجان بول سارتر، وهو لم ينزلق الى تصنيفات اليمين واليسار في الأدب. إذ اعتبر"الروايات السوفياتية الكبرى التي مجدت الثورة والشعب والمستقبل الخالد ادباً رجعياً في شكل كامل، اما الكتابات التي تشكك في الكتابة نفسها والتي تتناول العالم من خلال علاقة مع سيولة اليومي المحكي فهي التقدمية". ولدت"الرواية الجديدة"العام 1953 مع روايته"المماحي"التي صدرت عن دار مينوي، وعلى الفور اجتمع من حوله كتّاب لم يكونوا ينتمون الى مدرسة، إنما كان لهم"أسلاف"مثل صموئيل بيكيت وجيمس جويس وفرانز كافكا. "الرواية الجديدة"كان اسمها الأصلي"مدرسة النظرة"، لأن الرواية عندها ليست احداثاً تسرد في شكل متواصل إنما هي نظرة الى أحداث ممكنة الحصول. ومن الذين تحلّقوا حول روب غرييه، كلود سيمون، ناتالي ساروت، مارغريت دورا ودانيال بيرانجيه الذين عرّف أدبهم جميعاً بأنه أدب موضوعي، أي أدب الأشياء كما هي، كما تشاهد من خارجها، كأن عدسة كاميرا تصوّرها. غير ان روب غرييه في مذكراته التي أصدرها العام 1985 في عنوان"المرآة التي تعود"قال جملته التي صارت شهيرة ونسفت الرواية الجديدة:"لكنني في نهاية الأمر لم أتحدث إلا عن نفسي". واعترف للمرة الأولى بمرجعيين اساسيين انبنت عليهما الرواية الجديدة كما صاغها ووضع اسسها، هما روايتا"الغثيان"لسارتر و"الغريب"لكامو. وأشهر أعمال روب غرييه الروائية"المتلصص"،"الغيرة"،"في المتاهة"،"مقتل الملك"، و"مشروع من اجل ثورة في نيويورك". والسينما جانب لا يقل أهمية في إبداع روب غرييه، كانت بدايته معها العام 1961 حين طلب منه صديق المخرج آلان رينيه كان تعاون مع مارغريت دورا في فيلم"هيروشيما حبيبي" أن يكتب سيناريو، فكتب رائعته"العام الماضي في مارينباد"الفيلم النادر في تاريخ السينما الذي اجتمعت فيه الرؤية السينمائية والرؤية الأدبية معاً وبالتساوي. الأفلام التي أخرجها آلان رينيه بعد ذلك الفيلم، أتت بعيدة عن تراثه السينمائي السابق، وفي المقابل افتتح ذلك التعاون آفاق تحول روب غرييه الى مخرج سينمائي. ومن السهل إيجاد روابط بين"العام الماضي في مارينباد"وستة أفلام أنجزها روب غرييه بين 1963 و1975، أفلام شبهها احد النقاد بمتحف الشمع، حيث الشخصيات والأحداث تبدو مجمدة في الزمان، متحركة في التعبير وإن من دون حركة. وحتى إذا كانت الحبكة بوليسية كما في فيلم"الخالدة"تدور أحداثه في اسطنبول فهي لا تبدو اقل اكسسوارية من الشخصيات. كان آلان روب غرييه قليل الحديث عن أعماله، وقليل الإيمان بأنه شكل مع رفاقه حركة"الرواية الجديدة"، واعتبر نفسه قارئاً اكثر مما هو كاتب، كما قال في مذكراته. نشير أخيراً الى ترجمة عربية لكتاب روب غرييه"انتصاراً للرواية الجديدة"صدرت عن دار المعارف بمصر وقدم لها رمسيس يونان، والكتاب يشرح المبادئ من دون تنظير عبر نصوص تشبه أعمال الكاتب الإبداعية.