ودّع نيشان جمهوره في الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامجه"مايسترو"نيو تي في وحلّ هو محلّ الضيوف الذين استقبلهم خلال ما يقارب خمسين حلقة، فيما حلّ محله إعلاميتان جميلتان راحتا تحاورنه في أمور عدة، شخصية وفنية وإعلامية. نيشان يعد نفسه - يا للتواضع - نجماً من الدرجة الثانية وطموحه هو للوصول الى الدرجة الأولى، لأن لا شيء بعد الأولى وهو يهمه ان يظل يصعد وليس ان يصل فقط، كما عبّر على كرسيه كضيف. وأوضح نيشان في بداية اللقاء معنى كلمة"مايسترو"معتبراً أنه ليس هو وحده المقصود بهذه الكلمة -الرتبة، فالمخرجة هي"مايسترو"والمصور"مايسترو"أيضاً... طبعاً قال نيشان هذا الكلام من غير ان يكون مقتنعاً تماماً، فلو لم يقصد نفسه بهذا اللقب لما جعله عنواناً لبرنامجه، خصوصاً أنه عنوان ملؤه الادعاء إضافة الى انه غير جميل وغير لائق ببرنامج قائم على الحوار مع"الأخر". ولم يشأ نيشان ان تمر الحلقة ما قبل الاخيرة من دون ان يرفقها بسيرة له، قال إن المخرجة فاجأته بها. وكانت السيرة في قسمين: سيرته الاعلامية التي ترسم خط صعوده النجومي وسيرته الذاتية مع أسرته وعائلته وهذه بدت جميلة ومؤثرة خصوصاً في تناولها علاقته بالدين وبالقديسة ريتا التي نجا بشفاعتها طفلاً من الموت. الا ان تقديم سيرة شاملة لنيشان جعلته في مرتبة الاعلاميين الرواد أو الذين أنجزوا تجربتهم وتقاعدوا، فيما هو لا يزال في مقتبل تجربته الاعلامية وينقصه الكثير ليرسخ حضوره على عكس ما هو يظنّ. استطع طبعاً نيشان ان يكون صاحب إطلالة جيدة على شاشة"نيو تي في"وان يبدو على شيء من الثقافة والذكاء والبديهة. وقد استضاف أسماء لامعة وأسماء عادية وأثار ما أثار من قضايا وشؤون. لكنه لم يستطع ان يرقى الى مرتبة زاهي وهبي مثلاً أو مارسيل غانم أو زافين - مواطنه الأرمني - خصوصاً ان جوّه لم يتسع مثلما اتسعت أجواء هؤلاء وتنوعت وتعمقت ساعية الى البحث عن أجوبة لاسئلة كثيرة تعني الانسان - المواطن مقدار ما تعني الجماعة - المجتمع. مثل هذا الرأي لا يقبل به نيشان نظراً الى نرجسيته المفرطة التي تكاد تصبح ظاهرة مرضية لديه. فكلامه مع الضيوف ينم بهذه النرجسية وكذلك اسئلته التي يطرحها دائماً"من فوق"كما يقال، اضافة الى نظرته الى نفسه وتقديم صورته للجمهور. ولعله مصاب بداء"الثرثرة"الذي يصيب عادة المذيعات والاعلاميات حتى انه ليذكّر بالاعلامية ماغي فرح التي تقع دوماً في الثرثرة ساعية الى تجاوز ضيفها وكأنها في أحيان هي التي تسأل وهي التي تجيب. يحمل نيشان بعضاً من"آفة"ماغي فرح، لكنه قادر على الكلام أكثر منها. وتبلغ به"الثرثرة"مبلغاً في أحيان حتى ليغمر ضيفه بالكلام، أياً كان. ولا يغيب عن نيشان ملمح"التصنع"الذي يشبه به الاعلامية جيزيل خوري التي لا يشعر المشاهد بأي عفوية لديها او تلقائية، لكن تصنّع نيشان أشد فداحة كونه مرتبطاً بهذه"الأنا"النرجسية لديه. ولا أدري كيف يسمح نيشان في أن تكيل له مخرجة برنامجه المديح تلو المديح، معتبرة مثلاً أن"قناديله"أضاءت ليل بيروت وقصدها البرنامج الذي أعده السنة الماضية في شهر رمضان المبارك، وكان جيداً وليس خارقاً. وفي المادة الوثائقية نفسها سمّت إحدى ضيفات البرنامج نيشان ب"الدكتور". قد يستحق نيشان مثل هذا"التكريم"ولو كان لا يزال في بداية طريقه، ولكن يجب ان يتم بمبادرة من سواه أو من شاشة اخرى وليس في برنامجه الذي يعده ويشرف عليه ويقدمه. وليته يتعلم بعض التواضع من الاعلامي مارسيل غانم الذي بلغ عمر برنامجه"كلام الناس"عشرة اعوام ولم يعمد الى تكريم نفسه مثلما فعل نيشان! قليلاً من التواضع أيها الاعلامي الشاب والموهوب ولتعلم ان طريق الشهرة والنجومية طويل ويجب سلوكه بهدوء ووعي ومعرفة، لئلا ينزلق من يسلكه ويقع أرضاً. وليتك ترجع قليلاً الى الطفولة التي باح بها الفيلم الوثائقي والى الفة هذه الطفولة وبراءتها الملائكية. قليلاً من التواضع، ايها الاعلامي الذي ولد وعلى صدره"نيشان"الذي ليس هو إلا إسمه.