استطاع برنامج"مايسترو"على شاشة تلفزيون الجديد أن يحصد نجاحاً لافتاً ونسبة مشاهدة كبيرة في شهر رمضان الماضي. ووسط زحمة الأعمال الدرامية التي غزت الشاشة الصغيرة، استطاع البرنامج الحواري أن يحتل موقعاً مميزاً عند مشاهدين، أحبوا ضيوفه ولفتتهم تلك النقاط الشائكة التي أثارها."مايسترو"يعود هذا المساء ليصبح أسبوعياً، يستضيف وجوهاً إعلامية اجتماعية وفنية بارزة، ويغوص المقدم نيشان ديرهاروتيونيان في أغوار تلك شخصيات ليخرج بجوانب خفية قد يكون من الممتع أن يتعرف المشاهد إليها. ونيشان الذي يستعيد الطلة الأسبوعية بعد أن حصر ظهوره ب"الطلات الرمضانية"، لا يخاف من أن يخفت الوهج الذي عرف كيف يكسبه من الظهور شهراً واحداً في السنة،"أدرك تماماً أن الوهج سيخفت عاجلاً أم آجلاً، وإذا كنت اليوم أعيش مرحلة نجاح، فبالطبع سأشهد في المستقبل مراحل إخفاقات. أؤمن أن كثرة الإطلالات التلفزيونية تحرق الإعلامي، لذا فإن برنامجي الأسبوعي لن يستمر طويلاً". نيشان قرر تكرار تجربة"مايسترو"بعد تفكير طويل، وبعد أن أبدت محطة"نيو تي في"حماساً تجاه البرنامج الذي أعطاها دفعاً كبيراً، غير أن المقدم اللبناني درس جيداً كيفية تفادي الأخطاء التي وقع فيها في النسخة الأولى،"أحاول اليوم أن أرى كل الحلقات وأن أدون ملاحظاتي وأستخرج أسئلة جديدة وآخذ في الاعتبار كل النقد البناء - وليس التجريح - الذي وجه إليّ... تعلمت جيداً كيف أختار ضيوفي، وكيف أحافظ على مستوى حلقات جيد وقوي. وأنا تلميذ شاطر ومطواع... اعتبر أنني في حقل اختبار دائم ولست متشبثاً في رأيي". طفل مدلل ونيشان لا يفكر حالياً في مسألة العروض. ويشير إلى أن المشهد الفضائي تغير اليوم وأن القاعدة الذهبية انقلبت،"فلم تعد هناك قناة قوية بل برنامج قوي. وإن أنت أعددت برنامجك في شكل جيد واخترت الكوادر وفريق العمل المناسب، تستطيع نقله من محطة إلى أخرى. لذا وضعت قضية العروض والقنوات في الدرج، وحينما احصل على العرض المناسب سأفكر في الموضوع". وعن كونه المدلل في"نيو تي في"، يقول:"لكل مقدمي المحطة بات هناك تغطية إعلامية... ما يستثمرونه عندي كإعلامي يرضي الهدف المادي لديهم. ويوم يتوقف البرنامج عن جني الأرباح، لن يبقوني في التلفزيون". من ناحية ثانية، يعترف نيشان أن دور الإعلام تراجع، فهناك تهميش وتعتيم على هموم الشارع العربي واهتماماته."بعيداً من"مايسترو"، أتوق إلى تقديم برنامج عربي يخاطب الغرب بلغته. أحلم في أن أترجم فنون العرب وظواهر مجتمعنا إلى الغرب. فالفرنسي والأميركي لن يبذلا مجهوداً كي يفهما لغة الضاد، لذا أحب أن أخترق الإعلام الغربي بلغته. وإلا سنتضارب بلغتنا ونبقى في حلقات مقفلة ولا أحد سيفهم علينا، في وقت ينجحون هم في غسل دماغ من أرادوا من خلال سلاحهم الفتاك: اللغة". النرجسية يرى نيشان أن على الإعلامي أن يتنحى أحياناً وراء شخصية الضيف. أما إذا لمس عنده خجلاً قد يفقد الحلقة وهجها، حينها يعتمد على المدرسة الحوارية التي تطالب بارتقاء المحاور والضيف معاً بغية إغناء الحلقة. من هذا المنطلق، يعترف المقدم اللبناني بأنه يفرض الكثير من شخصيته على الحلقة وذلك ليكون لها طعم خاص، وأنه يميل كثيراً إلى مدرسة الضيف والمقدم معاً. يقرّ نيشان بأن هناك حلقات كانت ناجحة وحلقات كانت أضعف. ويفتخر بكونه خرج رابحاً في حلقة مفيد فوزي المقدم المصري ذي التجربة الكبيرة، ويؤكد من ناحية ثانية، أن ما من أحد يستطيع أن يغلبه في برنامجه،"فأنا أحضر دروسي جيداً". يعترف بأنه انفعالي غير انه لا يرى في ذلك عيباً."أنا راض عن الخلطة السحرية التي أقدمها على التلفزيون. أحب التناقضات الموجودة في داخلي، أحب ذلك المزيج بين الأسود والأبيض". وعن النرجسية التي يتهم بها، يوضح نيشان أن الإنسان الذي يحب نفسه هو الإنسان الذي يستطيع أن يحب الآخرين،"هناك فارق شاسع بين النرجسية والإعجاب بالنفس، لأن الشخص المصاب بهذا المرض الأخير هو إنسان أعمى وجاهل وسخيف. وأنا بعيد من ذلك... النرجسية هي أن تقدر النعم التي أغدقها الخالق عليك". أما عن صوره المنتشرة على الطرقات، فلا يعيرها أي أهمية،"لا يهمني أن أكون مشهوراً بقدر ما أكون محبوباً". النقاط الشائكة أثار"مايسترو"الكثير من النقاط الشائكة، ووجهت إلى البرنامج الكثير من الانتقادات. عن حلقة رامي عياش واللغط الذي أفرزته الحلقة حينما سأل نيشان عياش عن صحة إصابته بمرض السرطان، يوضح:"عندما اتصل بي مدير رامي عياش وطلب مني أن استضيف رامي في البرنامج، اتفقنا على كل تفاصيل الحلقة. وعياش كان آت للمواجهة، أحب أن"يفش خلقه"ويشرك الناس بهمه الكبير. كان يعرف تمام المعرفة أن السؤال سيطرح بهذه الصيغة. وعندما انقلبت بعض الأقلام ضدي، اتصلت بطبيبه الذي أوضح الحقيقة... أنا أؤمن أن رامي غير مصاب، وأنا كنت أجرأ منه حينما لجأت إلى الخلفية العلمية... كان من الطبيعي أن أنسى الكاميرا حينما قال لي أنه مصاب، فركضت إليه وحضنته. أنا في النتيجة إنسان، وذقت مرارة المرض سابقاً، وليبقى الاحتراف لأهل الاحتراف حينما يتعلق الموضوع بمسألة إنسانية... كفوا أيديكم عني". وعن التدخل في حميمية الآخر، يقول أنه لا يتطفل على حياة الفنان الخاصة، لذا"عندما صدتني كوثر البشراوي أو ليلى الشيخلي احترمت رغبتهما... وحين رفض طوني خليفة التحدث عن"ساعة بقرب الحبيب"، استطعت استدراجه وهذا حقي"... وعن السبق الصحافي الذي حققه أكثر من مرة، يقول نيشان:"لم أحضر لأي سبق صحافي، فالمسألة كانت عفوية. لم أكن أدري أن صفية العمري ستصاب بوعكة، أو أن مساعي مصالحة ميادة الحناوي وأصالة ستنجح... أقول لأعداء النجاح: كفاكم اصطياداً في المياه العكرة". نيشان يطل مساء اليوم، وضيفته هي الإعلامية القديرة ماغي فرح. أجرى القيمون على البرنامج تعديلات طفيفة، ففقرة"أون شون تيه"تتضمن بعض التشويق وستخف حدة المواضيع الانسانية التي ستطرحها فقرة"قصتي قصة". كما إن الفقرات الأساسية التي لعب فيها نيشان دور المحلل النفسي والقاضي ستبقى كما هي، إلا أنه لن يخخف المبالغة في أدواره. يستضيف المقدم اللبناني في حلقاته المقبلة عبدالله الرويشد، وديع الصافي، يسرا، إلهام شاهين، أمل حجازي، نجاح سلام، سعيد عقل، وعماد الدين أديب...