من المؤكد أن من لم يكن متابعاً لبرنامج الإعلامي اللبناني نيشان الذي أطلقه قبل سنوات على محطة «تلفزيون الجديد» وصل به أخيراً الى شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال (أل بي سي)، لن يشعر أنه فوّت على نفسه شيئاً لأن البرنامج ومقدمه لا يزالان ببساطة يدوران في الفلك نفسه. فالبرنامج – أو مقدمه – الذي يرى نفسه في سدة القيادة انطلاقاً من اللقب الذي أسبغه على نفسه: «المايسترو» يراد له أن يتخذ طابعاً رمضانياً نتيجة لإصرار مقدمه على تقديمه في شهر رمضان بعدد لياليه ليشغل من كل واحدة ساعتين من البث المباشر، بينما كان يمكن أن يقدّم في أي يوم وأي شهر من أشهر السنة، لأنه لا يقوم على أكثر من استضافة نجم أو وجه إعلامي أو فني لمحاورته حول أعماله وماضيه وحاضره ومستقبله وتمنياته كما يحدث على الشاشات الصغيرة في كل مكان وزمان. وهذا النوع من الحوار لا يتطلب بالضرورة حلول الشهر الفضيل لإجرائه علماً أن عشرات الحوارات على شاكلته تجرى يومياً في المحطات الأرضية والفضائية. ومن دون انتقاص من جهد المقدم ومن يشاركه الإعداد والإخراج، وكذلك من دون انتقاص من الضيوف وبعضهم نجوم ومبدعون كبار، يجد المشاهد نفسه متسائلاً عن جدوى استضافة «المايسترو» ثلاثة - من أصل 15 ضيفاً مرّوا حتى الآن أي ما نسبته 20 في المئة - من العاملين في محطة «أل بي سي» هم الإعلاميان مارسيل غانم وشدى عمر والمخرج سيمون أسمر، (علماً ان الثلاثة حاضرون دائماً على الشاشة) ليطرح عليهم زحاماً من الأسئلة حول أوضاعهم داخل المحطة والمشكلات «الداخلية»، بينما كان يبدو من الأجدى، طالما أن الحديث يتناول شأناً داخلياً في مؤسسة إعلامية، أن يبذل فريق عمل «المايسترو» جهداً استثنائياً مثلاً لاستضافة رئيس مجلس إدارة المحطة بيار الضاهر ويحاوره في شؤونها وشجونها وكيف استطاع أن يحوّلها إلى «حلم» – كما قال الضيوف الموظفون فيها – وتوضيح ما سيكون عليه مستقبلها في ظل الخلاف والدعاوى القضائية بين الضاهر وحزب «القوات اللبنانية» الذي كان هو من أسس القناة وأطلقها منصّباً الضاهر في موقعه حين كان منضوياً تحت لوائه. ومن ناحية ثانية قد يستغرب المشاهد، وبخاصة العربي، أن البرنامج قطع نصف حلقاته من دون أن يسعى إلى توسيع آفاقه ليصبح عربياً من خلال توسيع مروحة الضيوف فيستقبل نجوماً عرباً ويخصص كل ليلة لضيف من دولة عربية فلا يقتصر الأمر على الضيوف اللبنانيين والمصريين، كأن الوطن العربي يفتقر إلى تجارب مميزة وعصامية تركت بصمات تستحق أن يلقى الضوء عليها وأن يتعرف الجمهور العربي عليها وعلى أعمالها ومنجزاتها. أليس مفترضاً بمن يسعى إلى أن يكون نجماً إعلامياً يتعدى حدود وطنه ليصبح «عربياً»، أن يراعي أذواق هذا الجمهور العربي بأن يقول له إن في بلدك نجماً أو مبدعاً استحق أن نسعى وراءه لاستضافته ومحاورته؟ أليس مفترضاً بالساعي لأن يكون «مايسترو» ما أن «يذاكر» جيداً ويحضّر لضيفه أسئلة تليق بمقامه ولا يجعله يقول له، وإن عن طريق المزاح، «كنت أتمنى أن لا أكون ضيفك»؟