بدأت امس في العاصمة النيجيرية ابوجا، وبرعاية الاتحاد الافريقي المفاوضات بين الحكومة السودانية والمتمردين في دارفور، غرب البلاد، وسط خلاف على مسألتي نزع الاسلحة ونشر قوة سلام افريقية في الاقليم. ورفضت الخرطوم اقتراحاً من الرئيس النيجيري اوليغيون ابوسانجو الذي يستضيف المفاوضات بإرسال قوة سلام افريقية الى دارفور تتولى الاشراف على نزع اسلحة المتمردين بعد ان تعمل الحكومة السودانية على تجريد ميليشيات الجنجاويد من اسلحتها. وفي الوقت الذي وصل وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الى السودان لتفقد الاوضاع على الارض في دارفور، اعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اقامة جسر جوي لنقل المساعدات الانسانية الى الاقليم المنكوب. وافتتح الرئيس النيجيري المفاوضات بين الخرطوم وحركتي "تحرير السودان" و"العدل والمساواة" وسط حضور اقليمي ودولي، بالدعوة الى تجريد ميليشيات الجنجاويد من اسلحتها و"تجميع المتمردين وتسليم سلاحهم ونشر قوات افريقية لبسط الامن في الاقليم المضطرب". واقترح رئيس "الاتحاد الافريقي" الفا عمر كوناري نشر قوة افريقية من نحو الفي عنصر لحماية المدنيين. واكد رئيس الوفد الحكومي مجذوب الخليفة رفض بلاده نشر قوات اجنبية في دارفور، موضحاً "ان الامن هو مسؤولية الحكومة السودانية". مؤكداً رغبة حكومته بالتوصل الى اتفاق سلام. في موازاة ذلك، قدمت "حركة العدل والمساواة" اعلان مبادئ يشمل 15 نقطة كأساس للتفاوض، منها "الاعتراف بالتنوع الاثني والثقافي والديني والاجتماعي وضرورة التغيير الجذري لطبيعة العلاقة بين الحكومة المركزية والاقاليم وتأكيد وحدة السودان، وان مشكلة دارفور مشكلة سياسية مصدرها اختلال موازين قسمة السلطة والثروة". ودعا الاعلان الى "مشاركة ممثلين لبقية اقاليم السودان خصوصاً التي تحمل السلاح في هذه المفاوضات ليأتي حل مشكلة السودان شاملاً وجذرياً". وشدد المتمردون على ضرورة التزام الحكومة بتعهداتها السابقة المتمثلة في اتفاق نجامينا لوقف النار وبروتوكول العمل الانساني واتفاقاتها مع الامين العام للامم المتحدة ووزير الخارجية الاميركي وقرار مجلس الامن الرقم 1556 في الشهر الماضي. واشترطت الحركة للدخول في حوار جاد ومثمر يفضي الى سلام عادل وشامل يحمل بذرة الديمومة "تفكيك مؤسسة الجنجاويد ونزع سلاحها وتقديم قادتها ومن وراءهم الى محاكمة عادلة وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين والكف عن اجبار النازحين على ترك مخيماتهم والسماح للجنة دولية محايدة للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي تمثل فيها الحكومة والحركتان، والسماح بوصول العون الانساني من دون اعاقة او تسويف وتخصيص مبلغ محدد من عائدات النفط السودانية للإغاثة والتوطين والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين". ويتوقع ان تثير مواقف المتمردين جدلاً في المفاوضات مع تكهن ان تقترح "حركة تحرير السودان" الفصيل الآخر اعلاناً آخر للمبادئ قد يختلف قليلاً عن موقف "العدل والمساواة". على صعيد آخر، وصل وزير الخارجية البريطاني جاك سترو مساء امس الى السودان لمواصلة الضغوط الدولية على الخرطوم لحثها على الاذعان لمطالب الاممالمتحدة لوضع نهاية للصراع. وقال سترو للصحافيين في مطار هيثرو في لندن، قبل سفره الى الخرطوم: "سأنقل الى الحكومة السودانية مدى القلق العالمي ازاء الازمة الانسانية في دارفور والفظائع التي ارتكبت هناك". واشار سترو الذي يلتقي مسؤولين في الخرطوم ويزور دارفور الى انه سيقوم بنفسه الاوضاع على الارض، وانه سيبلغ الامين العام للامم المتحدة كوفي انان حصيلة زيارته بعد زيارته السودان. وتأمل بريطانيا بأن يكون لنفوذها اثر لدى حكومة السودان بسبب روابطهما التاريخية القديمة اضافة الى انها ثاني اكبر مانح للمساعدات للسودان. وقال سترو ان بلاده مستعدة لتقديم اي مساعدات ضرورية للخرطوم. الى ذلك، افادت "وكالة الجماهيرية للانباء" الليبية ان عبدالسلام التريكي المبعوث الليبي الى مفاوضات السلام في دارفور نقل الى الرئيس النيجيري الذي استقبله امس "رسالة من الزعيم الليبي معمر القذافي تتعلق بحل قضية دارفور في اطار افريقي". وطالب الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى وزراء الخارجية والإعلام والصحة العرب العمل على تقديم المساعدات الفنية والإنسانية اللازمة لدعم جهود حكومة السودان لتطبيع الأوضاع في دارفور. وافادت الجامعة ان موسى بعث برسائل خطية إلى الوزراء حضهم فيها على "تقديم المساعدات الإنسانية وسرعة تقديم معونات الغوث الإنساني تأكيداً للوجود العربي المباشر في اقليم دارفور وتلبية الحاجات الإنسانية الملحة لأبناء الشعب السوداني". وفي جنيف، اعلن مسؤول في اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان اللجنة ستقيم خلال الاسبوع الجاري اكبر جسر جوي منذ الحرب على العراق في 2003 لإرسال مساعدات الى المنكوبين في دارفور. وتنوي اللجنة ارسال ست طائرات محملة بمخزونات مياه وأدوية وآليات لكل انواع الطرقات الى العاملين لديها والبالغ عددهم 1200 من محليين واجانب، بينهم 700 موظف في دارفور. وقال ناطق باسمها انه من الممكن ارسال طائرات اخرى في وقت لاحق.