الرباط - "الحياة" حدد العاهل المغربي الملك محمد السادس أولويات المرحلة في الانكباب على ملفات البطالة والتعليم والاسكان والتنمية الاقتصادية. ودعا النواب، لدى افتتاحه الولاية الاشتراعية الجديدة مساء أمس، الى الابتعاد عن "الجدل العقيم والمزايدات الفارغة". ونبه، في اشارة موحية، الى الواقع السياسي إثر اقتراع 17 الشهر الجاري، من مخاطر "التراضي" الذي يمكن أن تترتب عليه نتائج سلبية، موضحاً ثوابت الاجماع في وحدة العقيدة والبلاد والنظام مصونة وان "الافراط في التراضي يفرغه من محتواه". ودعا العاهل المغربي الى التزام معارضة بناءة كون "المزايدات الفارغة لن تشغل عاطلاً أو تغني فقيراً أو تصون كرامة محروم". وقال ان مسؤوليات النواب لا تكمن في مساندة الغالبية النيابية الحكومة وانما في النفاذ الى "مغرب الأعماق" عبر الانصات الى مشاكل الناس والعمل على حلها، واعتبر ظاهرة الاسكان العشوائي تنتج "الاحباط والانحراف والتطرف". وجدد عزمه العمل على ازالة العوائق أمام الاستثمارات، ورأى أن المشاركة الكثيفة لسكان المحافظات الصحراوية تكرس منهجية الحل الديموقراطي، في اشارة الى صيغة الحل الثالث الذي يرعاه الوسيط الدولي جيمس بيكر. كما دعا الى اقرار قوانين تطاول تنظيم الأحزاب ومدونة العمل والاهتمام بالأمازيغية. الحكومة الجديدة وبالنسبة الى تشكيل الحكومة الجديدة، قال زعيم حزب الاستقلال السيد عباس الفاسي ان رئيس الوزراء المعين السيد ادريس جطو عرض عليه المشاركة في الحكومة التي يعتزم تشكيلها في ضوء "تصوره للعمل الجاد والاصلاحات التي يجب تنفيذها". واوضح الفاسي الذي تمنى لجطو التوفيق في مهمته، ان القرار النهائي في شأن مشاركة حزبه في الحكومة يتخذه المجلس الوطني للحزب الذي دُعي الى الانعقاد في وقت لاحق. وأكدت مصادر في الحزب ل"الحياة" ان "لا اعتراض على المشاركة في الحكومة". ووصف قيادي في حزب "العدالة والتنمية" الاسلامي ان العقبة التي كانت تحول دون المشاركة في الحكومة "ازيلت"، في اشارة الى عدم اسناد رئاستها الى حزب الاتحاد الاشتراكي المختلف سياسياً مع "العدالة والتنمية". وعبر زعيم "تجمع الاحرار" السيد احمد عصمان عن رغبته في ان يتمكن رئيس الوزراء المعين من "تشكيل حكومة قوية ومنسجمة". ورأى زعيم "الحركة الشعبية" السيد محند العنصر ان اختيار رئيس وزراء من غير المنتسبين سياسياً كان "موفقاً" نظراً الى كون نتائج الاقتراع الأخير لم تقد الى "تشكيل غالبية ذات دلالة". وقال ان حزبه لم يكن يستبعد فرضية اسناد رئاسة الوزراء الى تكنوقراطي. وذهب حليف العنصر زعيم الحركة الوطنية الشعبية السيد المحجوبي احرضان المنحى ذاته، ووصف جطو بأنه "يمتاز بالرصانة". وفيما واصل رئيس الوزراء الجديد مشاوراته مع قيادات الاحزاب السياسية، بدا لاكثر من مراقب ان تأمين غالبية سياسية لدعم حكومته اصبح وارداً نظراً الى كون احزاب الاستقلال وتجمع الاحرار والحركات الشعبية والعدالة والتنمية تملك هذه الغالبية من دون الحاجة الى تحالفات اخرى. واعتبر الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية" السيد اسماعيل العلوي ان جطو "رجل واقعي" وقادر على تشكيل حكومة قوية "تدعمها القوى السياسية التي تؤمن بالتغيير"، في إشارة الى احزاب التحالف السابق في حكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي. وكانت احزاب المعارضة السابقة رحبت بدورها بقرار تعيين جطو، ورأت في استيعاب الملفات الاقتصادية والاجتماعية مبرراً لمجيء تكنوقراطي الى قيادة الحكومة. في غضون ذلك، يسود الترقب نتائج المشاورات التي حرص جطو على اكمال خطوطها العريضة قبل افتتاح البرلمان في ولايته الاشتراكية الجديدة، خصوصاً على صعيد الموقف الذي سيلتزمه الاتحاد الاشتراكي في حال اختياره صف المعارضة وكذلك بالنسبة الى المتحالفين معه، ما يرجح عودة الدفء بين الجناح المنشق عن الحزب وقيادته كون الانشقاق الذي اسفر عن تشكيل "المؤتمر الاتحادي" شكل ضربة قوية للحزب.