غرقت مهمة وزير الخارجية كولن باول، منذ محطتها الأولى في القاهرة أمس، في جدل على موعد بداية "فترة التبريد"، فيما لم يطرح باول أي أفكار واضحة بالنسبة إلى استئناف التفاوض. وربط مسألة وقف الاستيطان الإسرائيلي باجراءات تطبيق توصيات "لجنة ميتشل". واعتبر باول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون "هو من يقرر إذا كان هناك مستوى كاف من الهدوء للتحرك قدماً". وفي غضون ذلك حرصت مصادر إسرائيلية على تسريب أجواء خلافات سادت محادثات الرئيس الأميركي جورج بوش وشارن، خصوصاً في ما يتعلق بالجدول الزمني لتنفيذ توصيات ميتشل، خصوصاً نقطة احتساب فترة التهدئة، وبدا شارون متشدداً في طلب عشرة أيام من الهدوء الكامل قبل أن تبدأ "فترة التبريد"، التي نص عليها تقرير ميتشل، لفترة ستة أسابيع. لكن مصدراً في البيت الأبيض قال إن المحادثات كانت "منفتحة وجدية"، وان الجو كان "دافئاً" واتسم ب"الصداقة" لأن الرجلين "يكنان الاعجاب أحدهما بالآخر". وعكس الحوار العلني أمام الصحافيين شيئاً من الاختلاف، إذ دعا بوش "الجميع" إلى العمل "لوقف دورة العنف لنستطيع بدء عملية تطبيق توصيات ميتشل"، ورد شارون بأن إسرائيل "ملتزمة التقرير وتسلسله، وما نريده هو وقف كامل للعدوانية والارهاب والتحريض". وقال بوش إن تقدماً حصل لوقف العنف "ولكن ليس بالسرعة التي نريدها"، ورد شارون: "حين قتل خمسة إسرائيليين الأسبوع الماضي فهذا بمثابة مقتل 250 شخصاً في الولاياتالمتحدة. لا يمكن التساهل مع الارهاب". وأضاف بوش: "أي ارهاب هو ارهاب كثير، وأي موت هو موت كثير. نعتقد ان تقدماً قد تم تحقيقه. هل يستطيع الطرفان ان يفعلا المزيد؟ بالطبع". وبعد المحادثات اعترف شارون بأنه "لا يرى الأمور مئة في المئة، كما يراها الرئيس بوش. وقال إنه حين سأله بوش عن الاستيطان قرأ له الموقف الإسرائيلي كما أعلنه بيريز سابقاً وهو أنه "لن تكون هناك مصادرة أراض جديدة لتشييد الأبنية ولن يكون بناء خارج حدود الأبنية الحالية". ورفض احتمال زيارة الرئيس الفلسطيني لواشنطن بقوله: "أي دعم لعرفات في هذه المرحلة يدفع السلام بعيداً". ووصف مصدر أميركي مهلة ال10 أيام بأنها اقتراح شارون و"نحن موافقون على وجود مرحلة من الهدوء، ولكن توقيت ذلك وتسلسله أمور تتطلب معالجة، وهذا ما سيعمل وزير الخارجية على انجازه لنعرف إذا كنا نستطيع دفع الأمور إلى أمام". وفي الاسكندرية امس قال باول، بعد محادثات مع الرئيس مبارك انه عندما يتفق الفلسطينيون والاسرائيليون على العودة الى التفاوض، سيكون التوصل الى تسوية بطيئاً. واضاف: "هناك توقعات بإمكان عمل ذلك في سنة". وتابع قائلاً: "في نهاية الأمر يتعين على الطرفين أن يقررا إذا كان هناك مستوى كاف من الهدوء وانعدام العنف لكي يتحركا قدماً، وهذا يعني رئيس الوزراء شارون". وتابع: "نأمل ببلوغ وضع في الأيام والأسابيع المقبلة يقول فيه الجميع، بمن في ذلك شارون، انه يبدو اننا وصلنا الى مستوى من الهدوء يلبي مطالبنا للتحرك قدماً في فترة التبريد. في نهاية الأمر السيد شارون هو الذي سيصدر ذلك الحكم". وكان وزير الخارجية المصري أحمد ماهر قال إن مبارك أوضح لباول أهمية "التحرك السريع" لتنفيذ توصيات ميتشل "حتى نصل في أقرب وقت ممكن إلى بدء المفاوضات حول الوضع النهائي". وأشار إلى "تفهم كبير" من باول للمواقف المصرية والعربية. وقال باول: "يجب أن نكون واقعيين اذ لا يمكن تهدئة الموقف إلى درجة اللاعنف ولكن إلى درجة مقبولة من الهدوء بحيث يمكن التحرك من هذه النقطة وربما هذا ما كان يقصده شارون". وكان باول أبلغ الصحافيين على متن الطائرة ا بالتي اقلته الى مصر امس انه "متشجع بانخفاض مستوى العنف". وقال إنه "سيتحدى مطالبة شارون بعشرة أيام من الهدوء التام قبل البدء بتنفيذ توصيات تقرير لجنة ميتشل". وأضاف: "لا نملك السلطة لنقول لأي من الجانبين متى تبدأ فترة التهدئة. نريد خفض وتيرة العنف الى مستوى يرتاح له الجانبان بخصوص فترة للتبريد واجراءات لبناء الثقة". وبعد محادثات باول مع الرئيس مبارك قال وزير الخارجية المصري إن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يبذل قصارى جهده لتهدئة الوضع، نأمل بأن يفعل الجانب الاسرائيلي ما يفعله عرفات نحن ما زلنا نسمع كلمات مستفزة ونرى أعمالاً استفزازية من الجانب الاسرائيلي". وذكرت الصحافة الاسرائيلية امس ان باول سيبحث في جولته مع الفلسطينيين والاسرائيليين في مبادرة أميركية لتشكيل "لجنة مراقبة" برئاسة ديبلوماسي اميركي رفيع المستوى يقيم في اسرائيل والأراضي الفلسطينية للنظر في شكاوى الطرفين بشأن المخالفات التي تحدث لخطوات تنفيذ توصيات ميتشل.