أعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمس أن إدارة الرئيس جورج بوش لم تحدد بعد المرحلة الثانية في حربها على الإرهاب، لذلك لم يناقش مع المسؤولين الأتراك خلال زيارته أنقرة أي مطالب عسكرية لدعم أي ضربة للعراق، موضحاً أن لا خطة أميركية الآن لمثل هذه العملية. لكن باول أكد قلق واشنطن من "سعي بغداد إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل"، وقال إن "الجميع يعلم تورط العراق، بدعم بعض الأعمال والمنظمات الإرهابية". وكان الوزير يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي اسماعيل جم، بعد محادثات مطولة مع الرئيس أحمد نجدت سيزر ورئيس الوزراء بولند أجاويد. وغادر باول إلى بروكسيل في ختام زيارته العاصمة التركية ضمن جولة ستقوده الأحد إلى موسكو، حيث سيناقش أيضاً الملف العراقي. وأبقى جم الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات في شأن العراق، وإمكان دعم تركيا عملية عسكرية أميركية ضده، إذ أكد ضرورة التزام بغداد قرارات الأممالمتحدة، قائلاً إن بلاده "تدعم محاربة الإرهاب اينما كان، في الشرق الأوسط وافريقيا أو حتى أوروبا الغربية". ولفت إلى أهمية اتخاذ واشنطن "موقفاً حازماً" من دول أوروبية "تحمي إرهابيين" على أراضيها أو ترفض تسليمهم. وقدم أجاويد قائمة بالمنظمات التي تطلب تركيا إعلانها منظمات إرهابية، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني. إلى ذلك، علمت "الحياة" أن أنقرة أكدت لباول أن من الخطأ الحديث عن أي احتمال لضرب العراق قبل تحقيق تقدم في تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، لأن ذلك من شأنه إثارة ردود فعل عربية وإسلامية. وأكد جم ضرورة تطبيق توصيات ميتشل سريعاً. وأبلغ المسؤولون الأتراك باول تمسكهم بالحفاظ على وحدة أراضي العراق وحكومة مركزية في بغداد تحول دون قيام دولة كردية في شمال هذا البلد. أفغانستان وخلال مأدبة غداء أقامها جم للضيف الأميركي، ناقش الجانبان المستقبل السياسي لأفغانستان، وأكد الأول رغبة أنقرة في الاشتراك في قوة دولية لحفظ السلام قد ترسل إلى أفغانستان، وأهمية أن يكون لتركيا دور في تشكيل الهوية السياسية لهذا البلد، استناداً إلى "تحقيق تركيا معادلة الإسلام الديموقراطي والنظام العلماني". وأبدى باول دعمه مشاركة تركيا في القوة المقترحة، لكنه أشار إلى أن الموضوع لم يتبلور بعد، ولم يحدد موعد لارسالها إلى أفغانستان. ونوه وزيرا الخارجية الأميركي والتركي بتوصل الزعيمين القبرصيين رؤوف دنكطاش وغلافكوس كلاريدس إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات المباشرة على مستقبل الجزيرة. وأكد باول أن ليس بإمكان واشنطن تقديم مزيد من الدعم لأنقرة في هذا الملف، لأن الولاياتالمتحدة ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي. وشدد المسؤولون الأتراك على تعزيز العلاقات بين أنقرةوواشنطن، خصوصاً في مجال محاربة الإرهاب والتعاون الاقتصادي، وطالب جم بحرية مرور السلع التركية إلى الأسواق الأميركية، مشيراً إلى طلب توقيع اتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين، فوعد باول بجهود، لكنه شدد على اجراء تركيا اصلاحات اقتصادية أساسية. وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" إن تركيا تسعى إلى رفع درجة علاقاتها مع الولاياتالمتحدة إلى المستوى الذي تتمتع به بريطانيا وإسرائيل، استناداً إلى اعتبار محاربة الإرهاب هدفاً مشتركاً، وقدرة تركيا من خلال موقعها وعلاقاتها مع دول المنطقة، وتجربتها العلمانية، على تقديم الكثير من العون لواشنطن في محاربة التطرف والإرهاب، اللذين تعتبر إدارة بوش انهما يتمركزان في دول إسلامية.