الإنقسام بين الصقور والحمائم في الادارة الاميركية حول توسيع الحرب وضرب العراق امتد الى الدول الأخرى، ففي حين يؤيد العسكر في تركيا موقف المتشددين الاميركيين، تتسم تصريحات السياسيين في البلدين بالحذر، مما يضفي على الموقف من ضرب بغداد غموضاً لا يزيله الاتفاق الروسي - الاميركي في مجلس الأمن على صيغة حل وسط للعقوبات "الذكية". واتسمت مواقف اليابانوالمانيا من هذه القضية بالتحفظ، فيما اعتبرت فرنسا ضرب العراق أو أي دولة اخرى "عملاً غير ضروري" أ ف ب، رويترز. وفيما دعا وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف الى ضرب دول اخرى غير افغانستان تحاشى وزير الخارجية ايغور ايفانوف الرد على اسئلة عن موقف موسكو في حال توجيه ضربة الى العراق. وأشار ايفانوف الى ان الحملة على الارهاب "ما زالت في بداياتها"، وأضاف ان "العالم المتحضر لم يشرع بعد في التعامل مع بلدان اخرى يعشعش فيها الارهاب". وسئل وزير الخارجية عن موقف بلاده في حال تجاهل الاميركيون النداءات العربية والدولية بالامتناع عن توجيه ضربة الى العراق، فتهرب من الإجابة وقال: "ان مهمتنا تعزيز جهود المجتمع الدولي لمكافحة الارهاب والسعي الى جعل الارهابيين لا يشعرون بالأمان اينما كانوا". واستدرك قائلاً انه "لا يمكن المساواة بين الارهاب وبين شعب أو دولة أو دين". وفي محاولة للرد على تساؤلات في شأن الموقف الروسي اكد نائب وزير الخارجية الكسندر سلطانوف ان بلاده "قلقة" من احتمالات استخدام القوة وقال اذا حصل ذلك فسيكون "عملاً خطراً وغير مبرر". وتابع ان الموقف الروسي يقوم على ركيزتين تتمثل الأول في "عدم وجود أي قرائن على تورط بغداد" في الاعمال الارهابية ضد نيويوركوواشنطن، وتتجسد الثانية في ان "المشكلة العراقية عموماً لا حل عسكرياً لها". ودعت موسكو الى تسوية سياسية وديبلوماسية وحذرت من ان استخدام القوة "سيبعد لفترة طويلة" احتمالات هذه التسوية. وشدد سلطانوف على ان "الضربة غير المبررة" للعراق ستترك اثاراً سلبية للغاية بينها "تجذر" التوجهات العامة في الدول العربية والإمعان في تعقيد الأزمة المتعلقة بالوضع الفلسطيني وزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج. وحذر المسؤول الروسي من ان مثل هذه العوامل قد تعقد "الحفاظ على لحمة الائتلاف الدولي المناوئ للارهاب". وقال ل"الحياة" خبير روسي في الشأن العراقي ان موسكو تعتقد ان الموافقة على صيغة جديدة لتمديد العمل ببرنامج "النفط للغذاء" قد تؤدي الى "إزالة الاحتقان" وتخفف من ضغوط "صقور" في الادارة الاميركية. وتابع ان موسكو تنتظر "انباء تبدد التشاؤم" من بغداد التي يزورها سفير المهام الخاصة نيكولاي كارتوزوف. وأوضحت مصادر ديبلوماسية تحدثت اليها "الحياة" ان السفير ربما نقل الى القيادة العراقية الخطوط العامة لمسودة قرار وافقت عليه غالبية الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن ويتضمن وعداً بتعليق العقوبات اذا وافق العراق على ادخال بعثات للرقابة الدائمة شرط ان يكون تحركها محكوماً بآلية يتم الاتفاق عليها مع الأمين العام للامم المتحدة. أنقرة في أنقرة، أعلن وزير الدفاع صباح الدين جقمات اوغلو ان بلاده قد تضطر الى تغيير موقفها من العراق وتوافق على توجيه ضربات عسكرية اليه. وأوضح ان عدداً من المسؤولين الاتراك أعلنوا رسمياً ان تركيا "لا تأمل ولا تؤيد توجيه ضربة اميركية الى العراق، لكن ظروفاً وشروطاً جديدة قد تجبرنا على اعادة النظر في موقفنا". ورفض الافصاح عن هذه الشروط أو الظروف الجديدة، الا ان المراقبين يشيرون الى الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الاميركي كولن باول لأنقرة الثلثاء المقبل، والدعم الاميركي للاقتصاد التركي بعد موافقة صندوق النقد الدولي على تقديم قروض جديدة الى انقرة مقدارها 11بليون دولار ليبلغ مجموع ما وعد به الصندوق تركيا هذا العام حوالى 29 بليون دولار. وأبرزت الصحف التركية تصريحات المدير السابق للمخابرات المركزية الاميركية سي آي اي جيمس ولسي اشار فيها الى طرق اقناع تركيا بالمشاركة مع التحالف الدولي لاطاحة النظام العراقي. ومن ذلك ضرورة اعطاء انقرة صفة الضامن لاستقرار شمال العراق. والتشديد على عدم النية لإنشاء دولة كردية واعادة رسم الحدود العراقية التركية، بالاتفاق مع الجماعات الكردية في شمال العراق. واعادة ترسيم الحدود مطلب تركي قديم عرضت انقرة تنفيذه على العراق اكثر من مرة لإحكام سيطرتها على حدودها ومنع تسلل عناصر حزب العمال الكردستاني اليها. المانياواليابان في المانيا حذر المستشار غيرهارد شرود من توسيع نطاق الحرب ليشمل دولاً اخرى مثل الصومالوالعراق. وقال خلال جلسة برلمانية: "علينا ان نكون حذرين في البحث عن أهداف جديدة، خصوصاً في الشرق الأوسط". وفي طوكيو، قال وزير الدفاع الياباني امس ان بلاده ملتزمة تماماً دعم الحرب الاميركية في افغانستان، لكنه تجنب تقديم تعهد صريح بدعم واشنطن اذا امتدت الهجمات الاميركية الى دول اخرى مثل العراق. وقال الجنرال جن ناكاتاني ان طوكيو ستقوم الموقف الدولي قبل ان تأخذ قراراً في تأييد الهجمات على العراق. وزاد: "نريد ان نرى اذا كانت التحركات الاميركية ستجلب الأمن للناس واذا كانت الاممالمتحدة تؤيد ذلك، قبل ان نتخذ قرارنا". وبعدما كانت الخارجية الفرنسية ابدت أول من امس تأييدها تهديدات الرئيس جورج بوش بضرب العراق اذا لم يسمح للمفتشين الدوليين بالعودة الى عملهم واعتبرتها خطوة "في الاتجاه الصحيح" تراجع وزير الدفاع امس، مؤكداً ان أي عملية عسكرية ضد العراق أو دولة اخرى "غير ضرورية". وفي سدني، دعا ريتشارد بتلر كبير مفتشي الاممالمتحدة في العراق سابقاً واشنطن الى ان تكون اكثر وضوحاً في تهديدها بغداد، قائلاً ان لدى العراق أسلحة للدمار الشامل. واكد ان لدى الولاياتالمتحدة أدلة كافية جداً عن هذه الاسلحة تبرر اي عمل عسكري.