رفضت السلطات الاسبانية تسليم واشنطن ثمانية اشخاص معتقلين يشتبه في انتمائهم الى تنظيم "القاعدة" قبل تلقيها ضمانات ابرزها عدم مقاضاة هؤلاء امام محاكم سرية او عسكرية. وطلب مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي اف بي آي مزيداً من المعلومات عن تحركات محمد عطا الذي يتهمه بقيادة العمليات الانتحارية في نيويوركوواشنطن، وعما فعله خلال زيارته لاسبانيا خلال هذه السنة. كما شكا في الوقت ذاته من ان اسبانيا لم تبلغه سوى ان عطا استأجر سيارة وجال فيها نحو الف كيلومتر، كما جاء على لسان احد الموظفين العاملين في المكتب في "نيويورك تايمز". وقدم مكتب التحقيقات طلباً الى قاضي المحكمة الوطنية الاسبانية غيارمو رويث للحصول على معلومات التحقيقات التي يجريها في هذه القضية. ويهتم الجانب الاميركي بمحاولة عطا مقابلة الجزائري موريس جاك كريستيان هوارو المعتقل في احد سجون تاراغونا شرق اسبانيا، بتهمة محاولة القتل وسوابق في التزوير، اذ يطلب "اف بي آي" مثول الاخير امام القضاء ربما لانه لم يعد يثق بما يزوده به الاسبان. وطلب ايضاً معلومات عن زيارة لمقاطعة ليفانتي الشرقية التي قام بها الجزائري احمد رسام الذي اعتقل في 14 كانون الاول ديسمبر 1999 بسبب حيازته متفجرات، واعترف بانتمائه الى تنظيم "القاعدة" وبمشاركته في التدرب على صنع متفجرات واستعمال غازات سامة قرب جلال آباد في افغانستان. وزار عطا ليفانتي في تموز يوليو الماضي. واعتقل في احدى مدنها في الثاني والعشرين من حزيران يونيو الماضي، الجزائري محمد بن صخرية الذي اعتبر مساعداً لأسامة بن لادن في اوروبا وموجود الآن في فرنسا. كما اعتقلت الشرطة الاسبانية في ليفانتي ستة جزائريين من "المجموعة السلفية للدعوة والقتال" بعد ايام قليلة على اعتداءات واشنطنونيويورك. وتحقق مدريد في علاقة هؤلاء بأحمد رسام و"القاعدة". واكدت وزارة الخارجية الاسبانية ما نشرته "الحياة" السبت الماضي من ان مدريد لن تسلّم واشنطن المعتقلين الثمانية الذين يشتبه في انتمائهم الى "القاعدة" من دون الحصول على "ضمانات تفرضها القوانين الاوروبية"، بينها عدم محاكمتهم امام محاكم خاصة او سرية او عسكرية، كتلك التي وافق على انشائها الرئيس جورج بوش، وعدم ادانتهم بالاعدام او المؤبد او لمدة تتعدى ثلاثين سنة. وكانت وزارة العدل الاميركية بصدد اعداد ملف طلب التسليم ففاجأها القرار الاسباني الذي تبلغته السفارة الاميركية في مدريد من النائبين العامين بيدرو روبيرا وخيسوس الونسو في شكل غير رسمي. وعلّق ناطق باسم الوزارة قائلاً: "نحن امام عائق نتمنى الا يوقف علاقات التعاون مع الشرطة والاجهزة الامنية الاسبانية". وعلى رغم ان دول الاتحاد الاوروبي لم تتخذ بعد اي قرار في شأن المحاكم العسكرية المزمع تشكيلها في الولاياتالمتحدة، لكنها ترفض الاعدام رفضاً قاطعاً، ولا تسمح قوانينها بتسليم اي موقوف الى بلد يطبّق هذه العقوبة. ضد عقوبة الاعدام ويشير مسؤول اوروبي الى ان الولاياتالمتحدة اعدمت العام الماضي 85 سجيناً، وبعد الضغوط التي مارستها مدريد لاعادة محاكمة اسباني كان على وشك الاعدام، تبين في ما بعد انه كان بريئاً، اعدمت الولاياتالمتحدة 60 غيره هذه السنة. وسلمت المانيا السلطات الاميركية اخيراً ممدوح محمود سليم الذي يشتبه في انتمائه الى "القاعدة"، وهو موقوف في نيويورك في انتظار محاكمته، ويشتبه ايضاً في تورطه بتفجير السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998. لكن برلين اشترطت عدم طلب الاعدام له ومحاكمته امام محكمة عادية في مانهاتن، علماً ان التسليم حصل قبل اقرار المحاكمات العسكرية للمتهمين بالارهاب. وابدى القضاء الاسباني امتعاضاً من محاكم ميامي العام الماضي، عندما طلب تسليم احد اعضاء منظمة "ايتا" الباسكية بعد محاكمته غيابياً بأربع عمليات قتل. وبعد مفاوضات طويلة وبطيئة حددت واشنطن ثلاثة شروط اعتبرتها اسبانيا "مهينة"، وهي: ضمانات بعدم التعذيب، والسماح له بتعيين محام يختاره خلال 72 ساعة تلي وصوله الى البلاد، ومحاكمته بجنحة على رغم انه حوكم بعد ثبوت تهمة القتل.