تركت استقالة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك آثارها على أعمال اللجنة الوزارية لمتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية والتي من المقرر ان تختتم اليوم باعداد تقرير الى رئاسة القمة يلخص اجتماعات وزراء الخارجية الاعضاء خلال يومين من المحادثات. وقال وزير الخارجية المصري عمرو موسى ان الدول العربية "تهتم" بقرار باراك باعتبار ان اسرائىل "طرف في النزاع الكبير بين العرب واسرائىل وفي عملية السلام ايضاً". ولفت الى ان بيان رئيس الوزراء الاسرائىلي اكد "استبعاده الخيار العسكري ودعم خيار التفاوض"، آملا في ان تكون هذه "التطورات في اطار ممكن لا يتعارض مع عملية السلام". وبعد اجتماع لجنة الخبراء، بدأت الجلسة العلنية مساء في حضور وزراء خارجية سورية ولبنان ومصر والسعودية والبحرين وفلسطين وتونس والمغرب والامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد. وقالت مصادر سورية ان اللقاء يتناول "التهديدات الاسرائىلية لسورية ولبنان وعملية السلام ومتابعة تنفيذ قرارات القمة في ضوء المستجدات في المنطقة"، على ان تعقد لجنة المتابعة اجتماعاً ثانياً في تونس الشهر المقبل وثالثاً في عمان في شباط فبراير. وكانت مصادر مطلعة قالت ان الوزراء سيناقشون في اجتماعاتهم مقترحات قدمها عبدالمجيد ل"لتفعيل المقاطعة العربية لاسرائىل سياسياً واقتصادياً واعلامياً". لكن موسى اشار الى ضرورة ان "لا تخرج القرارات عن اطار القمة العربية" الاخيرة. ونوه عبدالمجيد في تصريحات امس باغلاق سلطنة عمان مكتبها في اسرائىل واغلاق مكاتب الاتصال في تونس والمغرب وقطر و"تجميد" الاردن ارسال سفيرها الى تل ابيب و"استدعاء" مصر سفيرها من تل ابيب، اضافة الى "مقاطعة السلع الاسرائىلية وامتداد المقاطعة لتشمل بعض السلع الاميركية". وتابع ان "اشتعال" انتفاضة الاقصى دفع باراك الى تقديم استقالة "ذات مغزى، حيث انها جاءت نتيجة مراوغات باراك وعدم جديته في السير نحو السلام العادل والشامل. والكرة الآن في يد الشعب الاسرائيلي: هل يريد السلام العادل الشامل؟". اسقاط باراك من جهة اخرى، اعربت اوساط سورية مطلعة ل"الحياة" عن "الاعتقاد" بان دمشق لعبت دوراً في "سقوط" باراك بعدما "تأكدت من عدم حسم قرار تحقيق السلام والانسحاب الكامل من الجولان السوري" المحتل. وكان الرئيس الراحل حافظ الاسد اتخذ "مبادرة كبيرة" بوصفه علناً باراك بانه "رجل نزيه وصادق" بعد فوزه برئاسة الحكومة الاسرائىلية في ايار مايو العام الماضي. ووافق الاسد على استئناف المفاوضات السلمية في كانون الاول ديسمبر الماضي ورفع مستوى المحادثات الى مستوى وزير الخارجية فاروق الشرع وباراك، بعد توقفها منذ تسلم بنيامين نتانياهو الحكومة الاسرائىلية عام 1996. لكن عدم موافقة باراك على الانسحاب من الجولان الى خطوط 4 حزيران ىونيو عام 1967 خلال مفاوضاته مع الشرع في بلدة شيبردزتاون الاميركية بداية العام الحالي، اصاب المسؤولين السوريين ب"خيبة امل كبيرة ازاء رغبة اسرائىل بالسلام". وقالت الاوساط ذاتها ان سورية "لعبت في الفترة الاخيرة دوراً اضافياً في سقوط باراك"، مشيرة الى أمرين: "الاول، ثبات الرئيس بشار الاسد على مبادئ الرئيس الراحل في مجال شروط تحقيق السلام، وعدم موافقته على اقتراح وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت باستئناف المفاوضات خلال لقائهما في الرياض قبل شهرين، وذلك استجابة لنبض الشارع العربي وانتفاضة الاقصى. والثاني، اسلوب الردّ على تهديدات باراك في مهاجمة لبنان والدعم السوري للموقف اللبناني وبالتالي خشية باراك من ان تتكرر تجربة شمعون بيريز" عندما خسر الانتخابات امام بنيامين نتانياهو بعد شنه عملية "عناقيد الغضب" في جنوبلبنان. الى ذلك أ ف ب- اعتبر وزير الخارجية اللبناني محمود حمود ان باراك وزعيم اليمين ارييل شارون "وجهان لعملة واحدة". وقال ان "لاسرائيل اهدافاً معروفة في محاولة الهيمنة والسيطرة على المنطقة وانكار الحقوق العربية". ورأى ان "اسرائيل غير جادة وغير مستعدة للسلام العادل والشامل على اساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الارض في مقابل السلام". وفي بيروت رأى رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري ان استقالة باراك "دليل على ان صمود الشعب الفلسطيني بدأ يعطي مفعوله داخل الجسم السياسي الاسرائيلي وعلى أن الصمود العربي في وجه اسرائيل يستطيع أن يغير المعادلات في الداخل الاسرائىلي". واعتبر في خطاب القاه غروب أمس ان "جميع الساسة في اسرائيل في موقف حرج ولا يستطيع أحد أن يتكهن بالنتيجة ولكن اسرائيل وضعت نفسها في مأزق سببه الصمود العربي والتعنت الاسرائىلي". ورأى ان "أمام اسرائيل حلاً منطقياً وعقلانياً وقانونياً واحداً يتماشى مع القوانين الدولية هو السير في عملية السلام المبني على العدل والسلام الشامل المستند الى القرارات الدولية". الى ذلك اعتبرت واشنطن وباريس وموسكو استقالة باراك شأناً اسرائيلياً داخلياً.