فيما شدد الرئيس حافظ الاسد على ان دمشق "ليست من يعرقل او يؤخر بلوغ السلام"، نقلت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت عن واشنطن قولها ان شرط سورية الخاص باعلان اسرائيل استعدادها للانسحاب الكامل من الجولان، يمكن ان يجد له حلاً على طاولة المفاوضات وليس قبلها. ورجحت ان تستأنف مفاوضات السلام على المسارين اللبناني والسوري نحو الخامس عشر من شهر أيلول سبتمبر المقبل. وأكد المسؤولون اللبنانيون ل"الحياة"، استناداً الى اتصالاتهم مع عواصم غربية عدة منها واشنطن، ان التوقعات تشير الى ان الجهود الاميركية والدولية ستنجح في اقناع المسؤولين في كل من سورية ولبنان واسرائيل بأن يجلسوا الى طاولة المفاوضات في 15 من الشهر المقبل، بعد ان تكون وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت قامت بجولتها على دول المنطقة وحققت تقدماً في التوصل الى الصيغة الافضل لمعاودة هذه المفاوضات. ونقل عن مصادر رسمية لبنانية ان اولبرايت ستسلم على الارجح دعوات الى الدول المعنية لاستئناف المفاوضات. ورجحت هذه المصادر ان تشمل الجولة لبنان، رغم ان مسؤولين في السفارة الاميركية في بيروت يقولون انهم لا يملكون اي تأكيد لذلك. الى ذلك، ذكرت المصادر الديبلوماسية الغربية ان الجانب الاميركي يعتبر ان على سورية ان تكتفي بالتقدم الذي حصل في الموقف الاسرائيلي عبر اعلان حكومة ايهود باراك استعدادها استئناف مفاوضات السلام من النقطة التي توقفت عندها. وأوضحت المصادر ان الجانب الاميركي يعتقد ان الشرط السوري المطالب بأن تقترن الموافقة الاسرائيلية على استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، مع اعلان الاستعداد الاسرائيلي للانسحاب من الجولان، يمكن ان يجد له حلاً على طاولة المفاوضات وليس قبلها. وقالت المصادر ان الفريق الاميركي المعني بعملية السلام يعتبر ان سورية ستحصل على موافقة على شرط الانسحاب الاسرائيلي من الجولان بعد ان تبدأ المفاوضات، خصوصاً ان الصيغة الافتراضية التي كانت اجريت فيها المفاوضات في واي بلانتيشن عام 1996 قامت على بحث معمق للترتيبات الامنية على افتراض الانسحاب الاسرائيلي من الجولان كاملاً، وان اسرائيل لن تعارض الانسحاب من الجولان في مقابل فرضية الاتفاق الكامل على الترتيبات الامنية. ورجح مسؤولون لبنانيون عدم موافقة سورية على هذه الصيغة التي تحبذها واشنطن كما سمعوها من ديبلوماسيين غربيين، لكنهم دعوا الى ترقب ما ستحمله أولبرايت اثناء جولتها على دول المنطقة. على صعيد آخر، ينتقل غداً الى دمشق الامين العام لوزارة الخارجية اللبنانية السفير ظافر الحسن يرافقه السفير يحيى المحمصاني مستشار رئيس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص لعقد اجتماع تنسيقي مع وزير الخارجية السورية فاروق الشرع في شأن مفاوضات السلام والاتصالات لاستئنافها. وقالت مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية ان التشاور سيستمر على مستوى كبار الموظفين لتبادل المعلومات وتحليل التطورات وتحضير الجانبين الوثائق والمستندات المطلوبة في المفاوضات. وفي دمشق، قال الاسد في خطاب ينشر اليوم في مجلتي "الجندي العربي" و"جيش الشعب" لمناسبة الذكرى ال 54 لتأسيس الجيش: "اننا في سورية دعاة سلام حقيقي يجلب الخير لنا ولامتنا ولمنطقتنا ويتوافق مع تطلعات العالم التواق الى رؤية السلام العادل الشامل يعم هذه المنطقة ويضع فيها نهاية للاحتلال والعدوان ويهيئ مناخ العيش الامن للجميع"، مشيراً الى ان "اصحاب الضمائر الحية في العالم شهدوا بصدق مسعانا لتحقيق السلام العادل والشامل". وتابع: "اذا كانت ثمة فرصة حقيقية لتحقيقه السلام لسنا المسؤولين عن تفويتها بعد كل ما بذلنا من جهود في هذا السبيل واتخذنا من مواقف تؤكد جديتنا في السعي الى تحقيق السلام العادل والشامل"، مؤكداً ان مساعي دمشق لتحقيق السلام تجري مع الحفاظ "على ثوابتنا الوطنية والقومية وهي ثوابت قائمة على اساس الحق والعدل وقرارات الشرعية الدولية، وننتظر من الاخرين ان يبادلونا الرغبة الصادقة في اقرار السلام ان السلام المنشود غاية سامية وحاجة ملحة للمنطقة وللعالم ولسنا نحن من يعرقل او يؤخر بلوغ هذه الغاية وتحقق هذه الحاجة". واكد "تلازم" المسارين السوري واللبناني، مشيرا الى انه "تلازم ثابت نرى فيه ويرى فيه ايضا اشقاؤنا في لبنان خيراً للبلدين ومصلحة لهما".