نفى الرئىس بيل كلينتون انه يكون اقام علاقة جنسية مع مونيكا لوينسكي، وهي موظفة سابقة في البيت الابيض وابنة طبيب يهودي بارز في بيفرلي هيلز في كاليفورنيا، او ان يكون طلب منها بشكل مباشر أو غير مباشر أن تدلي بمعلومات كاذبة عن علاقتهما في شهادة قدمتها تحت القسم في مطلع الشهر الجاري. واذا كانت التهمة الاولى فضائحية ومثيرة فان الادعاء الثاني، بأن كلينتون سعى بشكل متعمد الى اخفاء العلاقة، هو الاكثر خطورة ويمكن ان يؤدي الى تدمير مكانته السياسية، بل حتى انهاء رئاسته، اما بمحاكمته امام الكونغرس او بالاستقالة قبل ان تنتهي فترة ولايته الثانية في كانون الثاني يناير 2001. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" كشفت اول من امس ان المدعي المستقل كينيث ستار حصل من القضاء الاميركي على موافقة لتوسيع تحقيقاته في قضايا مالية واخلاقية اُتهم بها كلينتون لتشمل قضية لوينسكي. وتدفق مذذاك سيل من المعلومات المؤذية التي وضعت الرئيس والبيت الابيض والادارة بأكملها في موقف دفاعي وحال اضطراب كبير. وكانت لوينسكي 23 عاماً نفت فعلاً الاتهام بوجود علاقة جنسية في افادة خطية تحت القسم قدمتها في 7 الشهر الجاري. لكن المدعي ستار حصل على 17 تسجيلاً صوتياً لمكالمات هاتفية واحاديث تصف فيها لوينسكي بالتفصيل لقاءات عاطفية متعددة في المكتب البيضاوي او على مقربة منه، وكيف ان كلينتون وصديقه فيرنون جوردان، احد مستشاريه للشؤون الخارجية، طلبا منها ان تكذب على المحققين الذين طلبوا شهادتها في قضية بولا جونز، التي تتهمه بالتحرش الجنسي في 1991 عندما كان حاكما لولاية اركنسو، ثم قدماها الى محام ليعطيها مشورة قانونية. ومن المقرر ان تمثل لوينسكي امام محامي جونز لتقديم شهادة رسمية تحت القسم، لكن محاميها اوضحوا انها تعتزم عدم الادلاء بأي اقوال جديدة، وذلك بالاستناد الى التعديل الخامس في الدستور الاميركي الذي يسمح للمواطن بألاّ يدلي بشهادة تضر به. وفيما نفى كلينتون امس مجدداً الاتهامات ضده، تعهد ان يتعاون بشكل كامل مع التحقيق الذي يجريه المدعي ستار. وقال في المكتب البيضاوي، قبل ان يلتقي الرئىس الفلسطيني ياسر عرفات، ان "هذه الادعاءات خاطئة، ولا يمكن اطلاقاً ان اطلب من أحد أن يقول إلاّ الحقيقة". واضاف ان "هناك الكثير من الاسئلة المشروعة تماماً التي يحق لكم المراسلين وللاميركيين ان يحصلوا على اجابات عنها ... وسنقدم لكم اكثر ما يمكن من الاجابات في الوقت المناسب، تمشياً مع التزامنا التعاون مع التحقيق". وكان كلينتون اصبح السبت الماضي اول رئيس اميركي يُستجوب تحت القسم كمتهم في قضية قانونية عندما مثل امام محامي بولا جونز في مكتب محاميه روبرت بينيت. وأفادت معلومات تسربت عن المقابلة ان كلينتون نفى انه اقام اي علاقة جنسية مع لوينسكي عندما كانت تتدرب في البيت الابيض عام 1995، لكنه اعترف ان يكون ربما ارسل اليها "هدايا" لم تحدد طبيعتها. وهذا اول اعتراف من كلينتون بأنه ارتبط بعلاقة خاصة من نوع ما مع لوينسكي. ولمحت تقارير عدة الى ان كلينتون اعطاها فستاناً وربما هدايا اخرى. وقالت شبكة "سي بي اس" التلفزيونية، مساء اول من امس، ان مكتب التحقيقات الفيديرالي "إف بي إي" راقب لوينسكي الاسبوع الماضي بطلب من المدعي ستار. واضافت انه طلب هذه المراقبة بعدما استمع الى جانب من تسجيلات تمت من دون علم لوينسكي لاتصالات هاتفية اجرتها بموظفة سابقة في البيت الابيض تدعى ليندا تريب. واضافت الشبكة نقلاً عن "مصدر مطلع على التسجيلات" انه يمكن الاستماع فيها الى لوينسكي تطلب "باكية" من تريب مساعدتها على اخفاء علاقتها بكلينتون. كما تعاونت تريب الاسبوع الماضي مع "إف بي آي" وقابلت لوينسكي في بار فندق قريب من واشنطن بعدما الصق المحققون آلة تسجيل صغيرة على رجلها، بينما التقط عملاء في مكتب التحقيقات صوراً لهذا اللقاء. وتعرفت لوينسكي على تريب في البنتاغون حيث عملتا بعدما غادرتا البيت الابيض. وكانت لوينسكي سكرتيرة للناطق باسم البنتاغون كينيث بيكون لبضعة اشهر بين نيسان ابريل وكانون الاول ديسمبر 1996. وهي تعمل منذ ذلك الحين في شركة للعلاقات العامة في نيويورك. من جهة اخرى، سارعت هيلاري للدفاع عن زوجها، مؤكدة ان الانباء عن قضية لوينسكي "خاطئة". واعتبرت ان الاتهامات الجديدة من فعل الخصوم السياسيين للرئيس. وقالت في مقابلة مع محطة اذاعية اول من امس: "لن اقول ان الامر ليس مؤلماً، لانه من الصعب دائما ان نرى شخصاً نتمسك به ونحبه ونحترمه يتعرض لهجمات واتهامات مستمرة على غرار ما يحصل لزوجي". وأضافت "لقد عانيت من ذلك انا ايضاً طوال اكثر من ست سنوات، ورأيت كيف تبخرت كل الاتهامات مع ان بدأ التحقق منها". واعتبرت هيلاري كلينتون ان "هناك جهداً منسقاً لضرب شرعيته كرئيس ولتشوية الكثير من انجازاته الناجحة وكذلك لمهاجمته شخصياً لأنه لم يكن من الممكن الانتصار عليه سياسياً". ورأت ان البعض يرى في زوجها "تهديداً لبعض المواقف السياسية والايديولوجية". واذا تمكن المحققون من العثور على دليل يؤكد ان كلينتون طلب بالفعل من لوينسكي الادلاء بشهادة كاذبة، فانه سيواجه احتمال العزل لادانته بارتكاب مخالفة فاضحة للقانون داخل حرم البيت الابيض. واكد رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب هنري هايد جمهوري اول من امس لشبكة "سي إن إن"، ان "الضغط على الشهود واعاقة عمل القضاء اتهامان خطيران للغاية"، مشيراً الى ان "اجراء العزل قد يكون بالفعل خياراً. الى ذلك أ ف ب، كشفت مجلة "نيوزويك" امس في تحقيق خاص مضمون جزء من التسجيلات التي تم الاستناد اليها لاتهام كلينتون باقامة علاقة جنسية مع لوينسكي. وتتضمن الأشرطة أقوالها التي تردد أن كلينتون اقام معها علاقة جنسية وطلب منها الادلاء بشهادة زور في قضية بولا جونز. وأوردت "نيوزويك" مضمون 90 دقيقة من الأشرطة الممتدة على نحو 20 ساعة، وينشر مقال "نيوزويك" في عددها الذي يصدر الاثنين، لكن يمكن الاطلاع عليه منذ أمس عبر شبكة انترنت من خلال موقع "انتراكتيف نيوز" أميركا أونلاين. وكتبت المجلة أن "لوينسكي بدت من خلال التسجيلات "يائسة" وأنها "تتحدث بعفوية عما وصفته بأنه علاقة جنسية مع الرئيس وتبدي قلقها من التورط في قضية بولا جونز". وأكدت لوينسكي في هذه التسجيلات باكية أنها ستنفي أن تكون اقامت أي علاقة جنسية الطابع مع الرئيس. ومما قالته: "سأنفي ذلك لئلا يتم النيل منه في ملف بولا جونز لكن من الممكن أن يتم النيل مني أنا". وأوضحت المجلة أن لوينسكي لم تشر في أي وقت الى كلينتون باسمه وأنها استخدمت للدلالة عليه عبارات "ذا بيغ هي" هو الكبير و"ذو كريب" الحقير و"ايل شموكو" المسكين. وأبدت لصديقتها تريب رغبتها في أن تقول لكلينتون أنها حدثت أشخاصا آخرين عن علاقتهما. وقالت في هذا السياق: "ربما علينا أن نقول للمسكين ... ربما علينا أن نقول فحسب".