كيف سيتعامل الروائيون المصريون مع ثورة 25 يناير التي أجبرت الرئيس المصري السابق حسني مبارك على التنحي، ووضعت عدداً كبيراً من أركان حكمه، الذي امتد ثلاثين سنةً، قيد المحاكمة بتهم الفساد والثراء على حساب حاجات الناس الأساسية وقتل مئات المتظاهرين؟ يقول محمد البساطي: «أتمنى أن تتاح لي فرصة كتابة رواية من واقع انفعالي بثورة 25 يناير. لا أعرف إلى أين سيقودني مونولوغي الداخلي في شأن هذه الثورة وعلاقتي بها، لكني أعرف أن من غير الصائب الكتابة تحت وطأة انفعال شديد، سواء كان في صورة فرح أو حزن». ويضيف صاحب رواية «صخب البحيرة»: «أحتاج وقتاً حتى أهدأ وأصبح في لحظة حياد. هذه أول ثورة شعبية في تاريخ مصر، قادها شباب وتبعهم الشعب بمختلف فئاته وحماها الجيش». ويرى منتصر القفاش أن «من اللحظات الجميلة في كتابة الرواية عندما تفاجأ بظهور شخصية أو حدث لم يخطر في بالك في البداية، وتمضي معه لتتعرف وترى الإمكانات التي يفتحها أمامك. وثورة 25 يناير حدث مفاجئ على رغم كل الإرهاصات التي سبقته وعلى رغم كل الأمنيات التي كنا نرددها، يماثل المفاجآت التي تظهر لك أثناء عملية الكتابة وتدفعك إلى إعادة النظر في ما انطلقت منه وإلى استشراف مستقبل مغاير لما كنت تتوقعه». ويضيف صاحب رواية «تصريح بالغياب»: «حتى الآن ما زلت أعيش في غمرة أحداث الثورة التي لم تنته بعد وما زالت أمامها مراحل عدة، وصار كل يوم يكشف جديداً من آثارها. لذلك، يصعب التنبؤ بأنها ستكون محور روايتي القادمة». ويستطرد القفاش الذي صدرت أخيراً طبعة جديدة من روايته «مسألة وقت» عن دار «الشروق» في القاهرة قائلاً: «التعمد أو الكتابة مع سبق الإصرار والترصد ليس من طبيعة الكتابة التي أحبها أو التي تدفعني إلى قراءتها. أجمل شيء أن تتفتح أحداث تلك الثورة في نص إبداعي في شكل مفاجئ ومن زاوية نظر جديدة غير مطروقة تتيح أن تزداد معرفتي بها وتمنح مبرراً للكتابة عنها». وتقول ميرال الطحاوي: «لا أعرف كيف ستتغير الكتابة الأدبية عموماً بعد هذه الثورة العظيمة ولا كيف نستطيع ككُتاب أن نستلهم تلك اللحظة. لكن بالتأكيد ستفرز الحياة الأدبية أصواتاً جديدة أكثر قدرة على التحرر والوعي والمراجعة للذات، وبالتأكيد سيكونون أكثر من جيلنا شجاعة وقدرة على مواجهة السلطات الثقافية والأدبية». وتضيف الطحاوي التي تقيم في الولاياتالمتحدة الأميركية: «كنا للأسف نعيش تحت عباءة الكتابات الكبرى والكُتاب الكبار، وكنا نحاول احترام هذه الأبوية المفرطة في الحياة السياسية والثقافية. الآن سقطت رموز كثيرة وصار الجيل المقبل أكثر رغبة وقدرة على التغيير والحلم والتحرر من سلطة النصوص الكبرى والأيديولوجيات الثابتة والكتابة المسبوقة». وتتمنى صاحبة رواية «بروكلين هايتس»، المدرجة ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية أن تصبح «جزءاً من هذا التحول الروحي في الحياة المصرية، جزءاً من مناخ التحرر والقدرة على المغامرة الأدبية. هذا الإلهام الوحيد الذي تحققه الثورات الكبيرة. أطمح في كتابة نص عن الفجر الذي كان يشرق في «التحرير» وحالات الترقب والحزن والفرح التي كنا نعيشها ككُتاب مغتربين بعيداً من المشهد الحقيقي، قريباً من الحلم والأمل». ويرى عزت القمحاوي أن الوقت لم يزل مبكراً على التفكير في رواية تتناول الثورة، «لأنها لم تزل مستمرة ولم تزل في خطر». ويضيف «أمامنا عشر سنوات على الأقل لتغيير عقيدة الأشخاص وعقيدة الأجهزة الحكومية، وهذا أخطر بكثير من إطاحة رأس النظام». ويقول صاحب رواية «غرفة ترى النيل»: «رأيت كاتباً على التلفزيون يدعو إلى رئاسة المشير (حسين طنطاوي) موقتاً بدلاً من المجلس العسكري، مثل هذا الكاتب كُثر ممن اعتادوا خدمة الفرد ويربكهم وجود مجلس جماعي، هذه عقيدة سياسية تحتاج إلى التغيير وغالباً بفعل الله عندما يرحل جيل فات أوان إصلاحه». ويستطرد القمحاوي: «لكنني أفكر في كتابة شيء عن المواجهات على الأرض خصوصاً يومي الجمعة 28 كانون الأول (يناير) وأربعاء موقعة الجمل 2 شباط (فبراير)، قد يكون تأملاً وتفكيراً وقد تتخذ الأفكار جسداً روائياً». ويؤكد صاحب رواية «بيت الديب» الصادرة حديثاً عن دار الآداب البيروتية أن ما يشغل تفكيره في الوقت الراهن هو «مصادرة الأنظمة الفاسدة الجسدَ لمصلحة العصابة الحاكمة، يستوي في ذلك جسد الضحية الثائر وجسد الشرطي الجلاد، كما رأيت استبسال «الإخوان المسلمين» في الدفاع عن «ميدان التحرير» ليلة العدوان الصفيق، وأتأمل قيم العصابة التي تتمثل في رفض التفاوض ورفض الشراكة أو الاعتراف بالآخر والتي لا يمكن مواجهتها إلا بعقيدة الاستشهاد هذا هو صلب ما حدث من مواجهة في الميدان تحمل «الإخوان» قسطها الأكبر لصد البلطجية وهي العقيدة نفسها التي نشأت في الأراضي الفلسطينية لمواجهة عصابة احتلال تأبى الاعتراف بالشعب الفلسطيني أو رؤيته». الكاتبة هويدا صالح تعتبر ثورة 25 يناير هي الحدث الأهم في حياتها وأنه سيشكل وجدانها وعوالمها الإبداعية لسنين قادمة. وتضيف صاحبة رواية «عشق البنات»: «لم تكن الثورة مجرد تظاهرات أو مطالب سياسية، بل كانت الثورة تفاصيل إنسانية عدة، أظنها ستشكل وجدان كل من شارك فيها». وترى صالح أن «الوعي الجمعي المصري تَشكَّل بقوة في هذه الثورة، كأننا اكتشفنا أنفسنا. شعرنا لسنوات أن الروح سُلبت منا. أننا شعب نعيش بلا روح، عمل النظام البائد على سلبنا مواطن البهجة فينا، وعثرنا عليها في «ميدان التحرير» الذي صار رمزاً للثورة والتطلع إلى المستقبل، ليس في مصر وحدها، بل كذلك في غير بلد عربي. ثورة كهذه حتماً ستجد تجلياتها في كتاباتي. لا أعرف كيف ستتجلى، ربما تتجلى نصوصاً قصصية قصيرة، أو رواية، أو غير ذلك». الروائي سعيد نوح، يقول: «ربما كنتُ أحد الكتاب المصريين الذين بشَّروا بالثورة في روايتي «الكاتب والمهرج والملاك الذي هناك» والتي رفضتها روايات «الهلال» وهيئة الكتاب، ونشرتها في موقع «كفاية» في شهر آذار (مارس) من عام 2005، ولم أنتهِ من حلمي بالثورة فقط في تلك الرواية لكنني كتبت في عام 2008 رواية «ملاك الفرصة الأخيرة»، وفيها حلم الخروج على الحاكم والثورة من الركائز الأساسية في الرواية».