رافقت تنفيذ «معاهدة منع انتشار الأسلحة النوويّة» ضبابيّة وشكوك في شأن التزام الدول النوويّة بها، خصوصاً مع حدوث خروق صارخة من الدول العظمى، إذ زوّدت الولاياتالمتحدة دولاً في «حلف شمال الأطلسي» بقرابة 180 رأساً نوويّاً. ولعبت الإدارة الأميركية دوراً محورياً في تشجيع إسرائيل على رفض الانضمام إلى المعاهدة. وعلى رغم عدم إعلانها رسميّاً امتلاك سلاح نووي، إلا أن تهديدات إسرائيل المتكرّرة لدول اخرى بالردع نوويّاً، توحي بامتلاكها ترسانة منه، وهو ما أكّدته معلومات غير رسميّة تسرّبت من تلك الدولة متحدّثة عن امتلاكها ما يزيد على 200 رأس نووي، و7 مفاعلات ذريّة. ولأسباب متباينة، لم توقّع «معاهدة منع انتشار...» الهند وباكستان، وكذلك انسحبت كوريا الشماليّة منها في 2003 إثر تصاعد التوتر دوليّاً في شأن برامجها الصاروخيّة. وما زال التوتّر مستمراً بين مجموعة ال6 وإيران في شأن برامجها النوويّة والصاروخيّة. دور محوري للرئيس أوباما في أيلول (سبتمبر) 2009، تبنّى مجلس الأمن للمرّة الأولى قراراً بالإجماع دعا إلى عالم خال من الأسلحة النوويّة، مع ملاحظة أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أدّى دوراً محوريّاً في التوصّل إلى ذلك القرار. وكذلك طالب المجلس الدول التي لم توقّع على «معاهدة حظر التسلّح النووي» أن تفعل ذلك، على رغم عدم تبنيه أحكاماً تلزم الدول النوويّة اتخاذ خطوات جادة نحو نزع السلاح النووي، وكذلك البطء الشديد في عملية تخفيض ترسانتي الأسلحة النوويّة الإستراتيجيّة في روسياوالولاياتالمتحدة. وبصورة دائمة، شكت الدول الموقعة على المعاهدة ولا تمتلك سلاحاً نووياً، من عدم وفاء الدول النوويّة العظمى بالتزاماتها في شأن التخلص من السلاح النووي أو الحدّ من انتشاره. ألزمت «معاهدة حظر التسلح النووي» الدول كلها بالتفاوض في شأن وقف سباق التسلّح النووي ونزعه. وفي عام 2016، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً بإطلاق مفاوضات على آلية ملزمة قانونيّاً لحظر الأسلحة النوويّة، تفضي إلى التخلص نهائياً من الترسانة النوويّة في الدول كلّها. وحدد القرار موعدين للمفاوضات: الأول- من 27 إلى 31 آذار(مارس)، والثاني- من 15 حزيران(يونيو) حتى السابع من تموز(يوليو) 2017. وفي 2017، عبّرت واشنطن بوضوح عن رفضها تبني اتفاقيّة ملزمة في شأن التسلّح النووي، بل تباهت ممثلتها في الأممالمتحدة نيكي هالي بأن أميركا وبريطانيا وفرنسا (ضمن مجموعة من 40 دولة) لن تشارك في المفاوضات في ذلك الشأن. وكذلك أعلن «البيت الأبيض» أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تحسم رأيها في ذلك أيضاً، مذكراً بأن ترامب أعلن نيته جعل بلاده القوة النوويّة الأولى عالميّاً. وعلى رغم ذلك، أقرّت الأممالمتحدة الاتفاقيّة الأولى تاريخيّاً التي تفرض حظراً شاملاً وملزماً على التسلّح النووي. وحظيت المعاهدة بتأييد 122 دولة، فيما اعترضت هولندا، وامتنعت سنغافورة عن التصويت. ولم تشارك الدول التسعة التي تمتلك أسلحة نوويّة (أميركا وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشماليّة) في المفاوضات والتصويت. وقاطعت اليابان، وهي الدولة الوحيدة عالميّاً التي تعرضت لهجمات نوويّة (1945) المحادثات، على غرار معظم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. وعارضت الاتفاقيّة واشنطن ولندن وباريس، بل أصدرت بياناً مشتركاً وصف الاتفاقيّة بأنّها «غير واقعيّة... في وقت يتعامل العالم مع أزمة برنامج كوريا الشماليّة الصاروخي»، مؤكدة انعدام النيّة لديها في الالتحاق بالدول الموقّعة على تلك الاتفاقيّة!