شارك الأميركيون أمس، في الانتخابات لاختيار الرئيس ال45 لبلادهم والتي يتنافس فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. ولن تعرف نتائج الانتخابات قبل إغلاق مراكز الاقتراع واستكمال فرز الأصوات بحلول ظهر اليوم. واشنطن - «الحياة»، أ ب، أ ف ب، رويترز – وبدأت الانتخابات منتصف ليل الاثنين - الثلثاء في قرية ديكفسيل نوتش شمال شرقي الولاياتالمتحدة والتي دأبت على تدشين العملية طيلة السنوات ال 56 الأخيرة. ويوجد في القرية سبعة ناخبين فقط، ما أتاح ظهور النتيجة على الفور إذ فازت كلينتون بأربعة أصوات في مقابل صوتين لترامب وذهب صوت واحد لمصلحة المرشح الليبرتاري غاري جونسون، وذلك على رغم أن هذه القرية الواقعة على حدود كندا تعتبر معقلاً تقليدياً للجمهوريين. وقالت نانسي ديبالما وهي عاملة في فندق وتشارك في الانتخابات للمرة الأولى، إنها اختارت كلينتون «لأنها شخصية قوية تمتلك الخبرة وستقود بلدنا في الاتجاه الصحيح». وتقع ديكسفيل نوتش في ولاية نيوهامشير وهي واحدة من أصغر الولايات، لكن ذلك لم يحل دون توجه ترامب وكلينتون إليها حتى الساعات الأخيرة من الحملة. وعقدت المرشحة الديموقراطية تجمعاً الأحد في هذه الولاية، ثم جاء ترامب الاثنين. والمرشحان للبيت الأبيض متعادلان، وكبار المندوبين الأربعة في هذه الولاية يمكن أن تكون أصواتهم حاسمة مساء الثلثاء إذا كانت المنافسة حامية. وبعد هذا الفوز الرمزي للمرشحة الديموقراطية في ديكسفيل نوتش، توالى فتح صناديق الاقتراع في الولايات الواقعة على الساحل الشرقي صباحاً، بدءاً بكونيتيكت وإنديانا وكنتاكي وماين ونيوهامشير ونيوجيرسي ونيويورك وفيرمونت وفرجينيا. نائب كلينتون أول المقترعين وصوت تيم كاين المرشح لمنصب نائب الرئيس مع كلينتون، تيم كاين منذ الصباح الباكر في دار للعجزة في معقله في ريتشموند (ولاية فرجينيا). وأدلى كاين بصوته برفقة زوجته آن هولتون. وقامت رئيسة جمعية السكان وهي سيدة مسنة في ال99 من عمرها بوضع ملصق على صدرها كتب عليه «لقد صوتت». ويضع هذا الملصق الذي يحمل ألوان العلم الأميركي عشرات ملايين الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم. واختتم التصويت أمس، حملة انتخابية طويلة اتسمت بحدة غير مسبوقة، سبقها اقتراع حوالى 42 مليون أميركي من أصل أكثر من 200 مليون ناخب في إطار التصويت المبكر. وقبل بدء الاقتراع كانت كلينتون (69 سنة) لا تزال متقدمة على ترامب بفارق بضعة نقاط في استطلاعات الرأي، إلا أنه لا يزال قادراً على الفوز. واختتمت المرشحة الديموقراطية آخر تجمع انتخابي لها بدعوة الناخبين إلى اختيار رؤيتها «لأميركا ملؤها الأمل وتكون للجميع وسخية». وتريد كلينتون أن يكون حكمها استمرارية للرئيس الديموقراطي باراك أوباما، ودعت إلى وحدة البلاد وتجاوز الانقسامات الحزبية في آخر ساعات حملتها الانتخابية. أما الجمهوري ترامب (70 سنة) الذي يعتبر دخيلاً على السياسة، فيأمل في أن يحقق مفاجأة كبرى كما حصل عندما صوتت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. ووعد عند اختتام حملته بأن يلم شمل الأميركيين خلف حدود آمنة وجعل «الأولوية لأميركا». وقالت كلينتون: «أريد أن أكون رئيسة لكل الأميركيين، ديموقراطيين وجمهوريين ومستقلين»، معربة عن قناعتها بأن مستقبلاً أفضل ينتظر الولاياتالمتحدة «في حال اخترنا أميركا سخية تشمل الجميع». أوباما يحض على رفض الخوف وأقيمت حفلة كبيرة في فيلادلفيا، المدينة التي صدر منها إعلان الاستقلال الأميركي، في نهاية الحملة الانتخابية مساء الاثنين، حضرها 40 ألف شخص تقدمهم الرئيس الأميركي باراك أوباما مع زوجته ميشيل والرئيس السابق بيل كلينتون وابنته تشيلسي وعدد من النجوم. وخاطب الرئيس الأميركي الحضور قائلاً: «لديكم شخص استثنائي تصوتون له، يتجسد بشخص هيلاري كلينتون». وأضاف: «أراهن على أنكم سترفضون الخوف وتختارون الأمل». وحضر آلاف الأشخاص آخر تجمع لها في رالي في كارولاينا الشمالية إلى جانب الليدي غاغا. ترامب لا يحتاج لنجوم! واختتم ترامب حملته الانتخابية من دون حضور نجوم أو مشاهير، قائلاً إنه ليس بحاجة إليهم. وحضر خمسة مهرجانات في خمس ولايات بدءاً بفلوريدا ثم توجه إلى كارولاينا الشمالية ومنها إلى بنسلفانيا ونيو هامشير وأخيراً ميشيغان. وقال في رالي في كارولاينا الشمالية: «عقدي مع الناخب الأميركي يبدأ بخطة لوضع حد لفساد الحكومة واستعادة بلدنا من مجموعات الضغط». وأضاف قطب العقارات الثري: «لست سياسياً وأقول ذلك بفخر». وكانت الحملة الانتخابية طويلة ومضنية وبلغت مستويات من الابتذال والإهانات لم يشهده التاريخ سابقاً وهو ما استنكرته كلينتون الاثنين. وعبر 82 في المئة من الأميركيين عن اشمئزازهم من مسار الحملة وذلك في استطلاع للرأي نشر أخيراً. وفي الخارج، تابع العالم الحملة الانتخابية الرئاسية لأكبر قوة في العالم بقلق وترقب. فالمرشحان على طرفي نقيض في كل الجوانب تقريباً: من جهة هيلاري كلينتون الشخصية المتواجدة على الساحة السياسية منذ 25 سنة التي لا يحبها نصف الأميركيين ويشككون بنزاهتها. وهي متزوجة من الرئيس الأسبق بيل كلينتون (1993-2001) وكانت السيدة الأولى لولايتين وشغلت منصب عضو في مجلس الشيوخ عن نيويورك ووزيرة خارجية في عهد أوباما. وتتمتع بخبرة طويلة وعلاقات متينة وأموال ودعم حزبها. لكن شخصيتها لا تثير حماسة كبرى. في المقابل، هناك ترامب الذي لا يحظى أيضاً بشعبية (62 في المئة) فهو قطب عقارات شعبوي لا يملك أي خبرة سياسية ويعارض النظام في واشنطن. وقد نجح في الاستفادة من الاستياء الذي يشعر به جزء من الناخبين الذين يشعرون بأنه تم التخلي عنهم لفترة طويلة. وخلال تجمعاته الانتخابية كانت الحشود المتحمسة تردد أفكاره الأساسية: «بناء الجدار» على الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية ووقف ما يصفه ب «فساد» واشنطن. ولم يتوقع الحزب الجمهوري وصول ترامب إلى مثل هذه المراحل من الترشيح، وعبر قسم كبير من برلمانيي الحزب عن رفضهم له بسبب الفضائح التي طاولته طوال الحملة الانتخابية. لكن قبل ساعات من بدء الاقتراع رسمياً، عزز مواقعه في مواجهة كلينتون في عدة ولايات أساسية يمكن أن تقرر نتيجة الانتخابات. تعادل قبل الاقتراع والمرشحان متعادلان في عدد كبير من هذه الولايات بما فيها نيوهامشير وكارولاينا الشمالية وفلوريدا، مما أنذر بليلة انتخابية طويلة. وفلوريدا وحدهما يمكن أن تحسم نتيجة الاقتراع إذا هزم فيها ترامب. على المستوى الوطني، تتقدم كلينتون بفارق 3,3 نقاط (45,3 في المئة في مقابل 42 في المئة لترامب). وتميل الخريطة الانتخابية لمصلحة كلينتون في هذه الانتخابات الحاسمة. انتخابات الكونغرس وصوت الأميركيون أيضاً أمس، لتجديد 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة في واشنطن ومقاعد مجلس النواب ال435. وأمل الديموقراطيون في الحصول على غالبية في مجلس الشيوخ الخاضع حالياً لهيمنة الجمهوريين مثل مجلس النواب. وانتخبت 12 ولاية من أصل 50 حاكماً جديداً كما نظمت عشرات عمليات الاستفتاء المحلية في 30 ولاية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا وصولاً إلى إلغاء عقوبة الإعدام. كما أجريت آلاف العمليات الانتخابية المحلية لاختيار قضاة ومدعين ومسؤولين محليين آخرين. تزايد العنصرية وانتشرت خلال الحملة الانتخابية الأميركية عبارات عنصرية وأخرى تنم عن كراهية تكنها شرائح مخلتفة من المجتمع الأميركي لبعضها بعضاً. وظهرت على بعض الجدران وسيارات وبيوت وأكشاك الهاتف، كتابات تشيد بجماعة كوكلوكس كلان العنصرية. وكان كثير من الضحايا أميركيين من أصول أفريقية على رغم أن بعضهم ينتمي إلى أصول أخرى. وكان كثيرون منهم يرفعون أمام بيوتهم لافتات تأييد للمرشحين الديموقراطيين في الانتخابات التي جرت أمس. وقالت إحدى المتضررات: «أعتقد بأنها مسألة سياسية والأمور بدأت تفلت من عقالها»، مشيرةً إلى أن سخونة حملة الانتخابات الرئاسية لاسيما ما يستخدمه المرشح الجمهوري دونالد ترامب من خطاب عدائي عنصري شجع المتطرفين. وليست لدى الشرطة فكرة عمن وراء هذه الهجمات. ويعتقد الديمقراطيون ومنهم رئيس البلدية ومسؤولون محليون في الحزب بأن الدوافع سياسية. أما الجمهوريون في المدينة فيبدون تشككاً في هذا الأمر ويشيرون إلى أن هذه الاعتداءات من عمل جهلة لا مكان لهم في الحزب. وفي مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة بدأت لهجة التحريض والنزوع للمواجهة في الخطاب السياسي تتسرب إلى لغة الخطاب العام وتعمل على استقطاب الناخبين. وأظهرت استطلاعات للرأي أجراها مركز «بيو» للأبحاث الذي لا تربطه صلات بأي أحزاب أن نسبة الناخبين الذي يعتقدون بأن إهانة الخصوم السياسيين «أمر معقول في بعض الأحيان» ارتفعت خلال موسم حملات الدعاية الانتخابية من 30 في المئة إلى 43 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وعلى رغم أن جانباً كبيراً من الضغينة موجه إلى المهاجرين والأميركيين من أصل أفريقي وغيرهم من الجماعات المنحازة بطبيعة الأمر إلى مرشحة الحزب الديموقراطي للرئاسة، واجه جمهوريون انتقادات لاذعة وعداوة. وتركز جانب كبير من النقاش حول التطرف على حركة «آلت - رايت» المؤلفة من قوميين من البيض ومعادين للسامية ومناهضين للهجرة، التي انحازت إلى حملة ترامب. ودب النشاط في هذه الحركة بفعل تعهدات ترامب ببناء جدار على الحدود المكسيكية وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وتشديد الرقابة على المسلمين بحثاً عما يربطهم بالإرهاب. كما تزايدت التقارير عن تنامي مظاهر العداء السياسي وأعمال التخريب والعنف. وتعرضت كنيسة للسود في ولاية مسيسيبي للحرق وكتب عليها بالطلاء «صوتوا لترامب». وفي «نورث كارولاينا» أشعل مجهولون النار في مكتب للحزب الجمهوري الشهر الماضي وكتبوا بالطلاء على مبنى قريب: «غادروا البلدة أيها الجمهوريون النازيون». وفي أوهايو، أُلقيت حمولة شاحنة من الروث على مكتب لحملة الحزب الديموقراطي. وفي ويسكونسن، ارتدى أحد مشجعي الكرة في مباراة جامعية قناعاً لوجه الرئيس باراك أوباما وربط حبل مشنقة حول عنقه.