عواصم- وكالات حسب تقليد يعود إلى عام 1960، انطلق التصويت للانتخابات الرئاسية الأمريكية من بلدة ديكسفيل نوتش الصغيرة في ولاية نيوهامبشير بشمال شرق الولاياتالمتحدة. ويجتمع سكان البلدة كلهم في قاعة الفندق المحلي في منتصف الليل بالتوقيت المحلي ويصوتون، وينتهي الاقتراع بعد دقائق، لأن من يحق له التصويت في هذه القرية بعدد أصابع اليد. وصوت أربعة من الناخبين فيها لصالح هيلاري كلينتون، بينما صوت اثنان آخران لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب، وصوت ناخب واحد لمرشح الحزب الليبرتاري غاري جونسون. كما أدلى ناخب ثامن بصوته للجمهوري ميت رومني، الذي لا يشارك أصلا في السباق الرئاسي الحالي، إلا أن القانون الانتخابي الأمريكي يسمح للمواطنين بالتصويت لصالح سياسيين لا يشاركون في الانتخابات. وتضمنت بطاقات التصويت في الولايات ال50 وقطاع كولومبيا (واشنطن دي سي)، أسماء هيلاري كلينتون ودونالد ترامب وغاري جونسون. لكن اسم مرشحة حزب الخضر جيل ستين، وارد على بطاقات التصويت في 45 ولاية فقط. وحسب الاستطلاعات الأخيرة، تبلغ نسبة التأييد لكلينتون 45-47%، في مقابل تأييد 41-43 % لترامب. ويدعم قرابة 5-6% جونسون، فيما يميل 2% لدعم ستين. لكن محللي "بلومبرغ" حذروا من أن المرشحيْن الضعيفيْن قد "يسرقا" أصواتا من كلينتون في ولايتي نيومكسيكو وواشنطن، ومن ترامب في أريزونا ومونتانا وكولورادو، وهو أمر قد يكتسب أهمية حاسمة لتحديد اسم الفائز. لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة، تجاوز عدد الناخبين المسجلين 200 مليون شخص. وكان ما يربو عن 41.1 مليون ناخب قد استفادوا من حقهم في التصويت المبكر، لكن فرز أصواته لن يبدأ إلا بعد انتهاء التصويت الرسمي. يذكر أن نظام الانتخابات في الولاياتالمتحدة غير مباشر، إذ يصوت الناخبون ليس لصالح مرشح معين، بل لصالح المندوبين الذين يتناسب عددهم في الولايات كلها مع عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، بالإضافة إلى 3 مندوبين من قطاع كولومبيا. وبذلك تضم الهيئة الانتخابية 538 مندوبا. ولحسم المعركة لصالحه، يحتاج المرشح إلى نيل تأييد 270 مندوبا منهم على الأقل. وفي جميع الولايات، باستثناء نبراسكا ومين، يحصل الفائز على كل شيء، إذ يتم احتساب أصوات جميع مندوبي الولاية لصالح المرشح الذي نال الأغلبية. وحسب تقييمات صحيفة "وول ستريت جورنال"، من المرجح أن تحصل كلينتون على 183 صوتا في الولايات الداعمة للديمقراطيين، و30 صوتا من الولايات التي تعد فرصهم فيها قوية، و65 صوتا من الولايات التي "تميل" لدعم مرشح الحزب الديمقراطي، وإجمالا عدد تلك الأصوات 278. أما ترامب، وفي محفظته، كما يعتقد، 86 صوتا من الولايات التي تدعم الجمهوريين تقليديا، و71 صوتا من الولايات التي يُعتقد أن مواقع الحزب الجمهوري قوية فيها، و58 صوتا من الولايات التي "تميل" لدعم مرشح الحزب الجمهوري، ومجمله 215 صوتا.لكن هناك 45 صوتا آخر، قد يحصل عليها أي من المرشحين. ويتم الإعلان عن اسم السيد الجديد للبيت الأبيض ليل الانتخابات، لكن الإجراءات الرسمية المتعلقة بفرز الأصوات طويلة نسبيا، إذ سيدلي المندوبون بأصواتهم في مراسم رسمية يوم 19 ديسمبر/كانون الأول. ويؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية يوم 20 يناير/كانون الثاني. في يوم الحسم: جابت هيلاري كلينتون وترامب عددا من الولايات المتأرجحة في محاولة أخيرة لتشجيع أنصارهما على التصويت أمس الثلاثاء. وسعت كلينتون للحصول على المزيد من دعم المنحدرين من أصول لاتينية والأمريكيين من أصل أفريقي والشبان فيما تطلع ترامب إلى كسب تأييد الديمقراطيين الساخطين وأبناء الطبقة الوسطى التي يقول إن المؤسسة السياسية همشتها. وخلص مشروع (ستيتس اوف ذا نيشن) التابع لرويترز/إبسوس إلى أن فرص كلينتون في الفوز وهزيمة ترامب تصل إلى 90 في المئة وأن المرشحة الديمقراطية في طريقها للحصول على 303 من أصوات المجمع الانتخابي أي أكثر من العدد المطلوب وهو 270 صوتا مقابل 235 صوتا لترامب. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى سباق متقارب في ولاية ميشيجان التي يضمنها الديمقراطيون منذ وقت طويل فإن المرشحين ظهرا هناك. واعتبرت بنسلفانيا الغنية بالناخبين بيئة خصبة للمعسكرين في آخر ساعات الحملات الانتخابية. وقال ترامب أمام حشد في سكرانتون بولاية بنسلفانيا "أود أن أستغل هذه اللحظة لإيصال رسالة إلى كل الناخبين الديمقراطيين المتعطشين للتغيير كالجميع في بلادنا … هيلاري هي وجه الفشل." وتلقت كلينتون دعما في نهاية الحملة الانتخابية من الرئيس باراك أوباما الذي ألقى كلمة في جامعة ميشيجان وحث الشبان الذين دعموه في 2008 و2012 على التصويت لها. وفي ختام فترته الرئاسية الثانية بشعبية قوية كرر أوباما اتهامه لترامب بأنه "غير لائق من الناحية المزاجية ليكون القائد الأعلى" ووصف المرشح الجمهوري بأنه بعيد عن معظم الأمريكيين. وقال أوباما "خلال سنواته السبعين على الأرض لم يبد دونالد أي اعتبار للعمال. لا أعتقد أنه يعرف أي عمال باستثناء من ينظفون فنادقه ويعتنون بملعب الجولف الخاص به." وقبل ساعات من يوم الانتخابات تلقت حملة كلينتون دفعة بعد إعلان مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي يوم الأحد وعلى نحو غير متوقع أن المكتب متمسك بقراره في يوليو تموز عدم توجيه أي اتهامات جنائية في تحقيق بشأن البريد الإلكتروني لكلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية. وأظهرت أحدث استطلاعات للرأي لقياس شعبية كل مرشح أن كلينتون تتفوق بفارق ضئيل. وتتقدم كلينتون على ترامب بفارق خمس نقاط مئوية بواقع 44 بالمئة مقابل 39 بالمئة وفقا لأحدث استطلاعات رويترز/إبسوس. لكن المؤشرات في ولايتي فلوريدا ونورث كارولاينا تبتعد عن كلينتون وتتجه صوب عدم الحسم. وأفاد استطلاعان منفصلان للرأي أجرتهما فوكس نيوز وسي.بي.اس نيوز ونشرا يوم الاثنين بأن كلينتون التي تسعى إلى أن تصبح أول رئيسة للولايات المتحدة تتفوق بفارق أربع نقاط مئوية على ترامب. وبدأ ترامب آخر أيام حملته الانتخابية بالظهور في ساراسوتا بفلوريدا. وأمام كلينتون وترامب معركة صعبة في فلوريدا في ظل وجود الكثير من المنحدرين من أصل لاتيني في الولاية. ولم يعر ترامب كلينتون ولا استطلاعات الرأي اهتماما. وقال لأنصاره في ساراسوتا إنه سيفوز وأضاف أن كلينتون "محتالة". وتابع "ضقنا ذرعا بأن يقودنا الأغبياء." وزار ترامب إلى نورث كارولاينا وبنسلفانيا ونيو هامبشير قبل أن يختتم بحشد في جراند رابيدس بولاية ميشيجان. وظهرت كلينتون مرتين في بنسلفانيا وزارت ميشيجان قبل أن تختتم بحشد في راليه بنورث كارولاينا. وأكدت كلينتون التزامها بتوحيد البلاد قائلة إن هذه الانشقاقات والانقسامات التي لم يكشف عنها النقاب وحسب بل تفاقمت بفعل الحملة الانتخابية على الجانب الآخر تحتم علينا "أن نوحد البلاد". كلينتون وترامب بميزان دول الخليج: مخطئ من يظن أن الانتخابات الأمريكية شأن داخلي بحت أو أن أيا كان الرئيس فإن سياسات الولاياتالمتحدة وبالتحديد السياسة الخارجية لها لن تتغير، وخصوصا فيما يتعلق بملفات وقضايا حساسة بالنسبة للخليج تحديدا أو فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين بشكل أكثر عمومية. إلا أن أكثر التصريحات التي لفتت انتباه العالم بشكل عام، كانت لترامب حول الإسلام ودعوته لمنع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأكثر الذي فجر انتقادات واسعة يمكن القول بأنها صبت في مصلحة كلينتون التي استغلت ذلك بصورة يراها البعض ذكية عبر إحضار والد جندي أمريكي قتل في العراق خلال اجتماع للديمقراطيين باعتبار أنه أحد الأشخاص الذين يريدهم ترامب إخراجه وعائلته من أمريكا، مؤكدة على أن المسلمين جزء من النسيج الاجتماعي الأمريكي، متهما ترامب ب"الاتجار بالإجحاف وبجنون الاضطهاد."وأثارت هذه الدعوات لترامب جدلا واسعا بين أوساط شخصيات ورجال أعمال ومسؤولين كبار في الخليج.