يبدو أن الدعوات التي أطلقها فنانون ومؤلفون ونقاد، حول ضرورة إيجاد مواسم درامية موازية للموسم الرمضاني، لقيت صدى ورواجاً لدى القائمين على العمل الفني في مصر. وعلى رغم أن النداء، كان كالخروج من عنق الزجاجة، إلا أنه بدا مطلباً شعبياً لجماهير تتشتت أذهانها من كثرة الأعمال المعروضة في شهر واحد، ولا تستطيع متابعتها في هذا الوقت المحدود. وتأتي مجموعة «إم بي سي»، في مقدمة المستجيبين، من خلال حملة إعلانية كبيرة، أطلقتها لمسلسل «سرايا عابدين»، العمل الفني الأكثر كلفة وموازانة للعام الحالي، فضلاً عن إطلاق مسلسلين جديدين يعرضان حالياً هما «سلال الدم» و «تحالف الصبار». كما انتبهت أيضاً قنوات مصرية للفكرة، وسارعت في تطبيقها، مثل قنوات «النهار» التي قدمت مسلسل «آدم وجميلة» الذي حصد نسبة مشاهدة واسعة، وهو ما يدلل على صوابية القرار في هذا التوقيت الذي يبحث فيه كثر من المشاهدين عن فسحة ترفيه بعيداً من ارتباك الأوضاع السياسية. مكاسب المؤلف المصري مدحت العدل أحد أوائل الداعين إلى إيجاد موسم جديد ومختلف عن الموسم الرمضاني، أبدى سعادته باتجاه المحطات الفضائية، أخيراً، إلى عرض مسلسلات جديدة في موسم بعيد من رمضان، متوقعاً نجاح التجربة بنسبة كبيرة. وقال العدل ل «الحياة»: «كنا من أوائل من دعا إلى مدّ الموسم الدرامي طوال العام بدلاً من اختزاله في شهر واحد. ولا بد من أن يتحقق المكسب للمنتج والممثل، حتى وإن كان بدرجة أقل من الشهر الكريم». وأوضح العدل أن نجاح الدراما التركية أخيراً وغزوها السوق العربية، جاء لغياب الدراما العربية طوال العام، مؤكداً أن المواسم البديلة ستؤثر في الدراما التركية إلى حد كبير. واستبعد العدل اتجاه بعض القنوات الفضائية إلى عرض المسلسلات قبل شهر رمضان تخوفاً من «كأس العالم» والزحام الشديد الذي سيقع على عاتق المحطات العربية، وأضاف: «90 في المئة من جمهور الموسم الرمضاني، من نصيب السيدات المشاهدات في مصر والعالم العربي». ورأى أن هروب الجماهير من برامج ال «توك شو» ومللها من حالة الاضطراب السياسي التي تعانيه مصر وبعض الدول العربية، أحد الأسباب المهمة التي ساعدت على نجاح التجارب الجديدة الناشئة للمواسم الدرامية الجديدة التي عرضت ولا تزال على الفضائيات العربية. وتوقع العدل أن ينافس مسلسل «سرايا عابدين» المقرر أن تعرضه شاشة «إم بي سي»، في السباق الرمضاني بسبب الوقت الضيق غير المتماشي مع حجم العمل الكبير، على رغم عدم إعلان القناة تأجيله إلى الآن، وفق قوله. وأوضح مدحت حسن مدير الإعلام في «إم بي سي مصر»، أن القناة منذ إطلاقها حريصة على تجربة عرض أعمال درامية جديدة على مدار العام، إذ عرضت العام الماضي المسلسل الدرامي «المنتقم» الذي وصلت حلقاته إلى 90، وضم مجموعة من النجوم منهم عمرو يوسف وحورية فرغلي وأحمد السعدني وسامح الصريطي ومن إخراج المُبدع حاتم علي. وأكد حسن ل «الحياة» أن القناة عرضت أيضاً أولى تجارب المطربة أنغام في عالم الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل «في غمضة عين» بمشاركة داليا البحيري ومن إخراج سميح النقاش، في وقت يختلف عن المسلسل الرمضاني المتعارف عليه، وبذلك تكون القناة الأولى في هذا التوجه الجديد. وأشار إلى أن شبكة «إم بي سي» بدأت أخيراً عرض الدراما العربية المميزة «تحالف الصبار» في تجربة عرض أسبوعية مختلفة، وأيضاً بدأت عرض الدراما الصعيدية «سلسال الدم» من بطولة نخبة من النجوم منهم عبلة كامل وعلا غانم ورياض الخولي وغيرهم. ولفت إلى أن المجموعة حريصة دائماً على ضخ أعمال درامية جديدة ومختلفة تلبي احتياجات المشاهد المصري والعربي على مدار العام. واعتبر الناقد نادر عدلي أن كسر الاحتكار الدرامي، كان مطلباً كبيراً من مجموعة كبيرة من صناع الدراما، للتشويش الذي يتعرض له الجميع. وقال عدلي: «ربما الظرف التاريخي الذي تحياه مصر، سمح بدخول دراما في موسم مختلف عن رمضان، لثلاث ملحوظات، أولاها أن برامج ال «توك شو» لم تعد جاذبة للمشاهد عن ذي قبل، ومن هنا كان البحث عن الدراما باعتبارها حلاً سهلاً ومتوافراً، ثم إن المحطات وجدت أن الموسم الرمضاني ينتظره حوالى 45 عملاً مصرياً، و25 سورياً، و20 خليجياً، وهو ما يستحيل أن يتابعه الجمهور في شهر واحد». وأردف عدلي: «المسألة الثالثة تكمن في خصوصية «كأس العالم» الذي سيعرض بالتزامن مع شهر رمضان، وهو ما سيأخذ حوالى 30 في المئة من الإعلانات التي كانت ستتدفق على الأعمال الدرامية». واعتبر عدلي، أن أفضل المحطات في شراء الدراما هي قنوات «إم بي سي» التي نوهت أكثر من مرة بمسلسل «سرايا عابدين»، وكانت أول من دعا إلى تغيير الموسم الدرامي، وهو ما استفادت منه قنوات مصرية أخرى مثل «النهار» و «سي بي سي». وعلّق الفنان المصري هشام سليم على احتكار الدراما في موسم واحد، قائلاً: «لا شك في أن اختزال كل الأعمال الدرامية التي تصل أحياناً إلى 70 عملاً في شهر رمضان، يؤثر في شكل سلبي في متابعتها، إذ يتعرض المشاهد للتشويش نتيجة الأعمال الكثيرة التي لا يلاحقها في شهر واحد»، ما يراه «إرباكاً لصناع الدراما والجمهور في شكل لا يرضاه العقل». ولفت سليم، إلى أنه من أوائل الفنانين الذين نادوا قبل 10 سنوات بتعدد المواسم الدرامية، الأمر الذي سينعش سوق الدراما. ورأى أن التلفزيون المصري تضرر كثيراً، نتيجة احتكار الفضائيات الكثيرة الأعمالَ الفضائية، وبسبب شروطها ومصالحها. وتابع: «الفضائيات تعرض أكثر من 50 مسلسلاً أحياناً، ويتحكم بعضها في الممثل، ولا ينبغي أن تتعامل بهذا الأسلوب، في ظل غياب التلفزيون المصري الذي يقع على عاتقه التسويق الجيد للأعمال التي سيقدمها للمشاهد».