مضى أكثر من تسعة عشر يوما على دخول شهر رمضان والسباق الفضائي على أشده، وقد اتخذت المنافسة هذا العام طابعا مختلفا فالأعمال باتت أقل والمشاهد أصبح أكثر قدرة على اختيار العمل الأفضل الذي سيكمله لنهاية الشهر. والمعلوم أن العشرة أيام الأولى من الشهر الفضيل تكون فرصة امتحان واختبار للفضائيات من قبل المشاهدين لاختيار ما يروق لهم من أعمال ويتركون الأعمال الأخرى التي لا تناسبهم وبالتالي فإن الخمسة عشر يوما الأولى من الشهر نستطيع أن نطلق عليها مرحلة التمحيص والاختيار. ليكون الجزء الثاني من شهر رمضان هو المحك الحقيقي للعمل الأفضل بعد تمحيص الجمهور لجميع ماقدم في الشهر. وتبدو المنافسة في شهر رمضان منافسة ما بين الفضائيات أكثر منها منافسة بين المسلسلات فهناك قنوات تطغى على الساحة المحلية والخليجية والعربية وتحاول أن تستقطب المشاهدين وإن كانت نسبة العرض هذا العام أقل بفعل الثورات التي حدت من عدد المسلسلات الدرامية لتنخفض للنصف في الدراما المصرية التي أخرجت هذا العام 29 عملا من أصل 60 في كل عام، والسورية التي لم تنتج سوى 22 عملا في الوقت الذي انتجت فيه 45 عملا في العام الماضي وبقيت الخليجية على حالها ب 30 عملا، أما السعودية فنفس عدد الأعمال التي أنتجت العام الماضي عشرة أعمال درامية. وقد غابت الإثارة على غير العادة عن دراما رمضان هذا العام وقد أسهم في ذلك المزاجية العربية المشغولة بالاضطرابات والثورات التي حصلت في تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية والعراق والبحرين مما جعل أكثر من نصف المجتمع العربي غير مشغول بالدراما المقدمة وكانت دائرة الاهتمام محصورة في الاضطرابات والأحداث بشكل عام. صراع فضائي الصراع هذا العام كان فضائيا بحتا ف (ام. بي. سي) خلت من الأعمال المثيرة بغياب الدراما التاريخية والبدوية عن شاشتها باستثناء طاش والزعيم المشابه كثيرا لمسلسل باب الحارة بالبيئة الشامية والمختلفة في الحقبة التاريخية، ومسلسل الريان المصري والفلتة وأم الحالة الكوميديان، وقد فضلت (ام. بي. سي) توزيع كعكة الدراما هذا العام على قناتين هما (ام. بي. سي 1) و (ام. بي. سي دراما) التي تصدت لعرض مسلسلات اجتماعية مثل الملكة وجلسات نسائية وعابد كرمان والمواطن إكس ليقل وهج (ام. بي. سي 1) التي دائما ماتكون في الصدارة كل عام. ورغم مضي 15 يوما على بداية رمضان إلا أن الفضائيات التي تظهر في كل عام بعد مضي أسبوع وليس بعد أسبوعين غابت مما يعني أن الدراما في رمضان هذا العام لم تعد بذات الزخم والمشاهدة العالية مما أحرج الفضائيات وجعلها تتستر على نتائج الاستفتاءات. خبو وهج (ام. بي. سي) ساعد قنوات أخرى على الظهور مثل روتانا خليجية التي زاحمت في رمضان بقوة بل إنها تعتبر الشاشة الأكثر تنوعا حيث قدمت العمل التاريخي الأقوى هذا العام والأكثر جدلا مسلسل الحسن والحسين ومعاوية الذي يعتبر العمل التاريخي الوحيد تقريبا والذي يتحدث عن شخصيات جدلية كان لها تأثير كبير في استقطاب المشاهدين نحو العمل. روتانا خليجية كذلك قدمت روتانا خليجية العمل الملحمة البدوية توق للأمير بدر بن عبد المحسن التي أخذت زخما قبل العرض أكثر مما بعد العرض بالرغم من الإخراج الجيد للعمل من قبل المخرج التونسي المقيم في سوريا شوقي الماجري. كما قدمت روتانا خليجية أعمالا مهمة مثل طالع الفضة للفنان عباس النوري والجزء الثالث من صبايا ومسلسل الشحرورة الذي رأى كثير من المشاهدين أنه أقل من المأمول وهو مادرجت عليه مسلسلات السير الذاتية التي لاقى مثيلها مسلسل «في حضرة الغياب» الذي يعرض على عشر فضائيات ويتحدث عن سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الذي أدى دوره الفنان فراس إبراهيم حيث انتقد المتابعون أداء فراس لدرويش حتى أن بعضهم رأى أن فراس لم يحسن من تجسيد درويش سوى قصة شعره، ورغم محاولة المخرج نجدة أنزور التصدي بحزم لهذا النقد إلا أن العمل لم يجد رواجا كبيرا. وفي المقابل حاولت قناة دبي المنافسة من خلال مسلسل بنات الثانوية المثير للجدل الذي سبق عرضه شائعة إيقافه كنوع من الترويج للمسلسل الذي فشل في محاكاة مسلسلات مشابهة مثل صبايا وأشواك ناعمة الذي قدم بحرفية أكثر من بنات الثانوية والذي يأخذ عليه تخطيه للخطوط الحمراء بعض الأحيان. كذلك لا يمكن أن نهمل المسلسل الخليجي الدخيلة الذي يعرض على قناة دبي ضمن خيارات المشاهد الخليجي حيث رأى البعض أنه يحاكي مسلسل الدخيلة المكسيكي وهو ما جذب الأنظار إليه بعض الشيء. وفشلت الفنانة غادة عبد الرزاق في جذب الأنظار لمسلسلها سمارة بعدما نجحت العام الماضي في مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» لتكون الثورة عاملا من عوامل سقوط مسلسلها وعدم تقبل مزاجية المشاهد العربي لهذه النوعية من الأعمال، ونفس الكلام ينطبق على كيد النساء لسمية الخشاب وفيفي عبده. أعمال لافتة ولعل من المسلسلات التي لفتت نظر المشاهد العربي رغم ضعف التسويق الإعلامي لها المسلسل السوري الغفران للمخرج حاتم علي والكاتب حسن سامي الذي يكشف عن وجوه القبح في حياتنا المعاصرة. وتراهن قناة أبوظبي الدرامية على أعمال أبرزها مسلسل الولادة من الخاصرة للمخرجة رشا شربتجي الذي يحكي قصة ضابط مخابرات وتعسفه ضد من حوله وقد تميز العمل بحبكته الدرامية والصورة الجملية. كما أنه أبرز فيها المسلسل الخليجي شوية أمل الذي يتحدث عن الموضوع الشائك الخيانة الزوجية ويجمع الفنان محمد المنصور بزهرة عرفات. ولم يفلح الفنان تامر حسني الذي يعرض مسلسله على نفس القناة إضافة لعدد من القنوات المصرية أن يكسب أي حظوة لدى المشاهدين العرب بعكس الفنان المصري محمد هنيدي في مسلسله مبروك أبو العلمين الذي يعرض على قناة (إل. بي. سي) وقد تميز المسلسل بخفة دمه وسرعة إيقاعه وكان هنيدي من نجوم السينما الذين نجحوا في حضورهم الرمضاني الأول. وفي المجمل فإن جل الأعمال الدرامية الرمضانية لم ترتق ولم تحقق المأمول واختفى العمل صاحب الإبهار من دراما رمضان في ظل تشابه الأعمال المقدمة. «عكاظ» استطلعت آراء المشاهدين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حيث تباينت آراء المشاهدين حول المسلسلات الأفضل، فالمشاهدة شيخة العجلان ترى أن المسلسلات الأفضل هي الحسن والحسين وفرصة ثانية. بينما يرى راشد الثويني أن الحسن والحسين وهوامير الصحراء والفلتة وطاش وسكتم هي الأفضل. أما المشاهدة هيام أبو راشد فرشحت مسلسلات الريان وعابد كرمان والشحرورة ودوار شبرل لنجومية مسلسلات رمضان هذا العام. أما أماني العجلان فترى أن مسلسلات توق، أم الحالة، الفلتة هي الأفضل. والقارئة ليلى ترى أن المسلسل الأفضل هو الولادة من الخاصرة. أما المشاهدة منى فرشحت مسلسلات الغفران، الولادة من الخاصرة لنجومية رمضان، في الوقت الذي يرى فهد السلمان أن مسلسلي ستكم بكتم وطاش هما الأفضل.. ورشحت المشاهدة ميساء الشامخ مسلسلات الريان، الشحرورة، جلسات نسائية، الشوارع الخلفية، خاتم سليمان للأعمال الأفضل في رمضان. وهناك فئة من المشاهدين رأوا أن أعمال رمضان هذا العام تافهة وسطحية وسخيفة وهو ما أكد عليه صالح زهير الذي رأى أنه لم ينجح أحد في مسلسلات رمضان هذا العام، وهو ما أيدته دينا الشهوان التي رأت أن أسوأ مسلسلات رمضان هذا العام في حضرة الغياب.