بقي الهم الأمني طاغياً على رغم دخول لبنان اليوم الثاني من مهلة الشهرين الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط غموض يلف مصير الاستحقاق الرئاسي، ترشيحاً وانتخاباً، في ظل استمرار تباعد مواقف فريقي 8 و14 آذار من المرحلة المقبلة، وعدم توافقهما على مرشح واحد أو على مرشح توافقي، خصوصاً أن الدعوة الى جلسة انتخابية تتطلب ضمان نصاب ثلثي أعضاء البرلمان الذي لا يملكه أي منهما. (للمزيد) وانصب الاهتمام في اجتماع عقد مساء أمس للمجلس الأعلى للدفاع، ترأسه رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي عاد ليل أول من أمس من قمة الكويت العربية، وحضره رئيس الحكومة تمام سلام، على وضع خطة أمنية تعالج التدهور الذي شهدته البلاد في كل من طرابلس ومناطق الشمال، والبقاع، وبيروت لضمان الحد الأدنى من الاستقرار الذي يفترض أن يواكب الاستحقاق الرئاسي، كي لا يبقى عرضة للضغوط جراء تداعيات الأزمة في سورية وتفاقم المعارك فيها. وينتظر أن تدشن الحكومة الجديدة عملها في أول اجتماع تعقده اليوم بعد نيلها الثقة، بعرض هذه الخطة التي كانت وُضعت ملامحها في اجتماعات متلاحقة عقدها وزير الداخلية نهاد المشنوق مع نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش جان قهوجي وسائر القادة الأمنيين خلال زيارتين قام بهما لوزارة الدفاع، بعد البحث فيها مع القادة الأمنيين في الداخلية ثم في مجلس الدفاع أمس الذي حضر اجتماعه الى الوزيرين المعنيين وزراء المال علي حسن خليل، العدل أشرف ريفي والاقتصاد ألان حكيم وقهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير أمن الدولة اللواء جورج قرعة والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص والأمين العام لمجلس الدفاع اللواء الركن محمد خير ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان ومدعي عام التمييز القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر. وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن الخطة تشمل ضبط الوضع في طرابلس عبر تدابير مشددة، إضافة الى معالجة «مربعات الموت» في البقاع وعمليات الخطف وعصابات سرقة السيارات والتزوير وضبط الحدود والطرق، فضلاً عن الحؤول دون امتداد التوترات الى العاصمة بعد الذي شهدته نهاية الأسبوع الماضي من اشتباكات في ظل مخاوف من وجود مخطط لنقل الفلتان إليها من قبل بعض المجموعات المسلحة. وكانت طرابلس شهدت تدهوراً عصر أمس على رغم الهدوء الذي سادها نهاراً، أدى الى سقوط 3 قتلى بينهم طفل أصيب برصاص القنص. وينتظر أن يواكب الخطة الأمنية المتعلقة بعاصمة الشمال البدء في تنفيذ برنامج إنمائي فيها لتوفير فرص عمل والحد من الفقر الذي يغذي الفلتان الأمني. وينتظر أن يبحث مجلس الوزراء اليوم في التجديد لنواب حاكم مصرف لبنان قبل نهاية مدتهم الثلثاء المقبل، فيما طلب وزير الاتصالات بطرس حرب إدراج مشروع قرار على جدول أعمالها في شأن طلب الأجهزة الأمنية تزويدها حركة الاتصالات الخلوية لأهداف أمنية لما بعد آخر الشهر. وعلى الصعيد القضائي، طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر من قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا اتهام 6 موقوفين وجاهياً هم: أحمد غريب، محمد حوري، يوسف دياب، حسن جعفر، أحمد علي، شحادة شدود وآخرين فارين بجرائم اشتراكهم في تفجيري مسجدي «التقوى» و «السلام» في طرابلس (الصيف الماضي) وتهريب مطلوبين وكتم معلومات والقيام بأعمال إرهابية والتحريض والتخريب، وهي جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام. وأنجز صقر مطالعته في الملف وأحالها على أبو غيدا لإصدار قراره الاتهامي الذي يحيل بموجبه المتهمين أمام المحكمة العسكرية لبدء محاكمتهم. وتشمل المطالعة إدانة أربعة أشخاص بينهم ضابط في المخابرات السورية برتبة نقيب هو محمد علي علي المتهم بأعمال إرهابية ووضع عبوات ناسفة وتفجيرها، والأمين العام للحزب «العربي الديموقراطي» النائب السابق علي عيد بتهريب مطلوب هو مرافقه أحمد مرعي إلى سورية، وصادرة بحقهما مذكرتا توقيف غيابيتان. وطلب إدانة الشيخ هاشم منقارة بجرم كتمه معلومات لعلمه بموضوع تفجير المسجدين. وبذلك يكون عدد الأشخاص الذين شملتهم المطالعة 21 شخصاً. إلى ذلك، أوقف الجيش أول من أمس السوري محمد الحكمي أحد المطلوبين «الخطيرين» مع شخص آخر لبناني يدعى «م. ح.» كان يساعده على الهرب على حاجز عين الشعب في عرسال. ومن جهة ثانية، أكد الرئيس سليمان أن حركة التغيير التي حدثت في مصر وإقرار الدستور الجديد أعاد تصحيح البوصلة في المنطقة العربية بعد أن انحرف الربيع العربي نحو التطرف. وقال في حديث لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» عقب استقباله بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا توادروس، إن «العلاقات المصرية - اللبنانية قديمة ومتجذرة ومرتبطة بقيم الاعتدال والتسامح والثقافة. وأضاف: «هناك أمل كبير نظراً الى تطور الوضع في مصر خصوصاً بعد إقرار الدستور الجديد وهو دستور معتدل أعاد التوازن الى المنطقة العربية». وأشار الى «أننا في لبنان لدينا نظام ديموقراطي قديم وعريق مبني على تداول السلطة سيستمر ويجب تعميق ممارسته بشكل أفضل». وأكد أن «الأجواء ملائمة لانتخابات الرئاسة في لبنان هذه المرة».